23 ديسمبر، 2024 9:27 م

بعد فشل استعادة “الإمبراطورية العثمانية” .. هل تصبح “مصر” ورقة تركيا الرابحة لكسر عزلتها ؟

بعد فشل استعادة “الإمبراطورية العثمانية” .. هل تصبح “مصر” ورقة تركيا الرابحة لكسر عزلتها ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مازالت مسألة التودد التركي لـ”مصر” تشغل حيزًا من الرأى العام، ليس المحلي فقط وإنما العالمي، والذي أسماه البعض انقلابًا سياسيًا تركيًا تجاه “مصر”، وهو ما جعل الكثيرون يضعون بعض المحاولات التفسيرية لتلك الخطوة.

فشل إستراتيجية “إردوغان”..

الخبير بمركز “الأهرام” للدراسات السياسية والإستراتيجية والباحث في الشأن التركي، الدكتور “بشير عبدالفتاح”، قال إن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لديه دوافع عدة للتقرب من “القاهرة”؛ منها فشل إستراتيجيته في توظيف “جماعة الإخوان المسلمين”، وفرض القوة العسكرية في المنطقة لتحقيق حلم الهيمنة واستعادة “الإمبراطورية العثمانية”.

وأضاف “عبدالفتاح”، في تصريحات لموقع (صدى البلد)، أنه بعد أن تأكد الرئيس التركي، “إردوغان”، من هذا الفشل بدأ في التودد لـ”مصر”؛ لأنها مفتاح للتقارب مع الدول العربية ودول منطقة شرقي المتوسط، معقبًا: أول مرة يحدث هذا التودد من قبل كل الأطراف داخل “تركيا”، الرئيس والحكومة والمعارضة، وهذا يعكس الإلحاح والرغبة الشديدين في التقارب.

وتابع “عبدالفتاح”، مطلوب من الجانب التركي، وفقًا للرؤية المصرية، أن تترجم الأقوال إلى أفعال، بمعنى أن الأمنيات وحدها والخطاب السياسي الإيجابي وحده ليس المطلوب، بل يجب على “إردوغان” أن يتخذ سياسات وقرارات فعلية، فيما يتعلق بـ”جماعة الإخوان المسلمين”: “المنابر الإعلامية التي تستضيفها تركيا”، كذلك عدم التدخل العسكري في “ليبيا وسوريا والعراق”، وتهديد الأمن المائي العربي والتوقف عن استخدام دبلوماسية البوارج البحرية في “الشرق المتوسط”، معقبًا: “لابد أن يكون الخطاب السياسي التوددي مصحوبًا بسياسات واقعية تضمن تحولاً في الموقف التركي؛ وليس مسألة الأمنيات أو الخطاب الإيجابي فقط”.

لا تقارب على حساب الشركاء..

مؤكدًا، “عبدالفتاح”، أن تعيين “مصر” للحدود البحرية مع “اليونان”، والتنسيق “المصري-اليوناني-القبرصي” يصعب من التقارب مع “تركيا”؛ لأن “القاهرة” أعلنت أنه لا تقارب مع “أنقرة” إلا إذا كانت “أثينا” و”نيقوسيا” شريكتين، مشيرًا إلى أن شراكة هذه الدول تفرض على “إردوغان” تسوية الخلافات معها، وأنه لن يكون هناك تقارب بين “القاهرة” و”أنقرة” على حساب شركاء “مصر”.

ولفت “عبدالفتاح”؛ إلى أن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، يلمح بأن “تركيا” أقرب لـ”مصر”، من “قبرص واليونان”، وهذا خطأ، لأن المصالح مع “قبرص واليونان” أعلى بكثير وأكبر من المصالح مع “تركيا”؛ والدول أخذت خطوات لا يمكن لـ”مصر” أن تتجاهلها في التعاون معها، وبالتالي “مصر” لن تتحرك بمفردها مع “تركيا”؛ وإنما تراعي دول الخليج والتنسيق معها وتراعي “قبرص” و”اليونان”، وهذا سيجعل التقارب “المصري-التركي” ليس سهلًا، وعلى “إردوغان” أن يتخذ خطوات لإرضاء كل هذه الأطراف أولاً.

وأختتم “عبدالفتاح” حديثه؛ مؤكدًا أن “مصر” لا ترغب في العداء مع “تركيا”، ولن تعادي أي طرف، وفي نهاية المطاف “تركيا” دولة مسلمة وهي عمق إستراتيجي وحضاري لـ”مصر” والدول الإسلامية.

مصر” ورقة “إردوغان” الرابحة !

من جهته، قال الخبير في الشأن التركي، “محمد مصطفى”، إن التغيير الذي يشهده الموقف التركي وسعي “أنقرة” لعقد مفاوضات مع “القاهرة”؛ جاء نتيجة عدد من الضغوط المُتزايدة التي يواجهها “إردوغان” في حكمه على المستويين، الداخلي والخارجي، خاصة بعد وصول “بايدن” للسلطة، والتوافق الأميركي والأوروبي الهادف نحو ضرورة عزل “إردوغان” من مشهد الحكم بـ”تركيا”.

وأضاف “مصطفى”، في تصريحات لـ (صدى البلد)، إن “إردوغان” علم أن “مصر” تُشكل الورقة المُنجية له في ما يواجهه من مشاكل، نظرًا لقدرتها على تمكينه من تقسيم الحدود البحرية بشكل يرضي احتياجاته، وما يتيحه تعيين الحدود من موارد اقتصادية.

لافتًا إلى أن “إردوغان” مطالب بتقديم ما يؤكد حسن نواياه لعودة العلاقة مع “مصر”؛ وأهم ما يتعلق بـ”جزئية حسن النوايا؛ قيامه بإبعاد تنظيم الإخوان من أنقرة”، مؤكدًا أن الرئيس التركي يتعرض لضغوط كبيرة من الرأي العام داخل بلاده لإبعاد هذا الفصيل، بالإضافة للضغوط الإقليمية التي تتعرض لها “الجمهورية التركية” لدعمها الإيديولوجي لـ”الإخوان”.

خطة لتشتيت الإنتباه المصري..

وتحدث “مصطفى” عن رأيه في الموقف التركي، قائلاً: أن “القوى العظمى، المالكة لتنظيم الإخوان، تتمركز في الولايات المتحدة الأميركية”، معقبًا: “كانت إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، تلعب بورقة الإخوان عن طريق، (وكلاء معتمدين)، هما تركيا وقطر، ولكن الوضع اختلف كليًا في عهد الرئيس الجديد، جو بايدن، المُحبذة إدارته وبشدة اللعب بورقة الإخوان بنفسها؛ وليس عن طريق الوسطاء، وتهدف لاستنزاف الدول العربية مستخدمة ستار الحريات وحقوق الإنسان”.

مشيرًا إلى أن الجانب التركي مختزلاً في شخص “إردوغان”، دون حكومة أو مؤسسات، هو من شن الهجوم على “مصر”، متسلحًا بـ”الجماعة الإرهابية”، وتبني مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، مع توفير الدعم الكلي للعمليات التي استهدفت “مصر” على مدار الـ 10 سنوات الماضية، ليبقى الجزء الأساس لبدء أية مفاوضات، هو التخلي التركي التام عن أي شكل من أشكال الدعم، بما في ذلك الدعم المالي والسياسي والاستخباري والإعلامي.

وأكد “الباحث في الشأن التركي”، أن ما يقوم به “إردوغان” وسعيه للتهدئة مع “مصر”؛ يأتي ضمن خطته: لـ”تشتيت الإنتباه المصري، لحين تمكن التنظيم الإخواني من الحكم في ليبيا، بعد إجراء الانتخابات، الأمر الذي يجعل مصر عاجزة عن التدخل أو السيطرة، لتتسع القبضة الإخوانية شرقًا وغربًا”.

وأشار “مصطفى”؛ إلى رغبة “إردوغان” في إشاعة مناخ من عدم الثقة فى الجانبين، المصري والقبرصي واليوناني، بحيث يستفيد منه لترسيخ اتفاق تعيين الحدود البحرية الغير الشرعي، علاوة على استعداده لتقديم ما يصفه ببعض التنازلات فى ملفات مصرية إستراتيجية، ولكنها تكتيكية، أبرزها ملف السد، دون جدوى واضحة أو تأثير فعال لتدخله، كونه ليس طرفًا أساسيًا لحل الأزمة.

اتصالات في مراحل أولية.. نفتها مصر..

وقالت مصادر إن “تركيا” أجرت اتصالات دبلوماسية مع “مصر”؛ وإنها تتطلع إلى توسيع التعاون بين البلدين.

وذكرت المصادر أن “تركيا” اقترحت اجتماعًا مع الطرف المصري لبحث سُبل التعاون بين البلدين، لكنها أوضحت أن الاتصالات لا تزال في مراحل أولية.

ونقلت وكالة (الأناضول) التركية، عن وزير الخارجية، “مولود غاويش أوغلو”، قوله: “لدينا اتصالات مع مصر على المستوى الاستخباراتي، وعلى مستوى وزارة الخارجية. وبدأت الاتصالات على المستوى الدبلوماسي”.

وعقب تصريحات الوزير التركي، نقلت وكالة أنباء (الشرق الأوسط) الرسمية؛ عن “مصدر مصري رسمي”، قوله إن الاتصالات الدبلوماسية بين “القاهرة” و”أنقرة”: “لم تستأنف، وأن الإرتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية”.

وأضاف المصدر؛ أن “مصر” تتوقع من أي دولة تتطلع إلى إقامة علاقات طبيعية معها؛ أن تلتزم بقواعد القانون الدولي ومباديء حسن الجوار وأن تكف عن محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.

وقال المصدر إن البعثتين الدبلوماسيتين، المصرية والتركية، موجودتان على مستوى القائم بالأعمال، مشيرًا إلى أنهما: “يتواصلان مع دولة الاعتماد؛ وفقًا للأعراف الدبلوماسية المتبعة”.

وقال الرئيس، “رجب طيب إردوغان”؛ إن هذه الاتصالات ليست على المستوى الأعلى، ولكنها قريبة منه، وأعرب عن أمله في أن تتواصل هذه المساعي مع الطرف المصري بشكل أكبر.

مصالح مشتركة في شرق المتوسط..

كما سلطت وسائل الإعلام الفرنسية، أمس، الضوء على رغبة “تركيا” في استعادة العلاقات مع “مصر”، موضحة أن “أنقرة” تسعى جاهدة نحو كسر عزلتها الإقليمية.

وذكرت إذاعة (إر. إف. إي) الفرنسية، أن “تركيا” ضاعفت، في الأسابيع الأخيرة، تصريحاتها التي تخطب ود “مصر”، ذاكرة أن العلاقات بين البلدين توترت إلى حد كبير، منذ عام 2013، حين دعمت “تركيا”، “جماعة الإخوان المسلمين”، واستضافت العديد من أعضاء الجماعة الإرهابية.

وأوضحت الإذاعة الفرنسية، أن الخلافات مع “مصر” أدت إلى إضعاف السياسة الإقليمية لـ”تركيا”، مرجعة المحاولات التركية المضنية لاستئناف العلاقات مع “مصر”، إلى المصالح المشتركة في “شرق البحر المتوسط”، مشيرة إلى إعتقاد المسؤولين الأتراك، أن التقارب مع “القاهرة” سيخدم مصالحهم في قضيتين رئيسيتين على الأقل؛ وهما تقاسم موارد الغاز في “شرق البحر المتوسط” ​​والوضع في “ليبيا”.

ولفتت الإذاعة الفرنسية، إلى تصريحات وزير الخارجية التركي، “مولود تشاووش أوغلو”، التى قال فيها إن بلاده مستعدة للتفاوض على اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع “مصر” في منطقة “شرق المتوسط”.

تسعى لكسر عزلتها في المنطقة..

كما رأت الإذاعة الفرنسية؛ أنه منذ وصول، “جو بايدن”، للرئاسة في “الولايات المتحدة”، تسعى “تركيا” لكسر عزلتها في المنطقة، حيث تريد “تركيا” أيضًا إصلاح العلاقات مع “السعودية” و”الإمارات”.

من جهتها، قالت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية، تحت عنوان: “تركيا تأمل في تعزيز الاتصالات الدبلوماسية مع مصر”، إن “تركيا” كثفت إيماءاتها بالانفتاح على تحسين علاقاتها تجاه “مصر”، داعية إلى “تعزيز” الاتصالات لإنهاء ما يقرب من عقد من الأزمة، حيث تسعى “أنقرة” لكسر عزلتها الإقليمية.

وأضافت الصحيفة الفرنسية أن “أنقرة” تشن حملة دبلوماسية، منذ عدة أسابيع، لإصلاح علاقاتها مع “القاهرة”، والتي تدهورت بشكل حاد، منذ عام 2013.

ووفقًا للصحيفة الفرنسية، فإن تلك الجهود تأتي في إطار سياق تسعى فيه “أنقرة” للخروج من عزلتها الدبلوماسية في “شرق البحر المتوسط”​​، فقد أدى اكتشاف حقول كبيرة من “الغاز الطبيعي”، في السنوات الأخيرة، إلى إنخراط الدول المشاطئة في أُطر تعاون، بينما تشعر “تركيا” أنها مستبعدة منها.

وذكرت الصحيفة الفرنسية، أن “أنقرة” تراقب الأنشطة الدبلوماسية الناجحة لـ”مصر”، منذ عدة أسابيع في المنطقة، موضحة أن “تركيا” ظلت حتى الآن مكتوفة الأيدي، قائلة إنه منذ أن أبرمت “مصر” اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع “اليونان”؛ تشعر “تركيا” بالاستياء.

ووفقًا لـ (لوفيغارو)؛ فإن “قبرص واليونان ومصر وإسرائيل والأردن وإيطاليا والسلطات الفلسطينية”، أقاموا: “منتدى غاز شرق المتوسط”، في عام 2019، ولم يشمل “تركيا”، وبسبب شعورها بأنها منبوذة​​، كثفت “أنقرة” عمليات التنقيب الإستكشافية، أحادية الجانب، منذ العام الماضي، ما أثار غضب الدول المجاورة.

وعلى الصعيد الدولي، تعمل “أنقرة” على تهدئة علاقاتها مع جيرانها الآخرين، في “شرق البحر المتوسط”، مثل “اليونان” و”إسرائيل”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة