خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد أقل من أسبوع على زيارة بابا الفاتيكان، البابا “فرنسيس”، للعراق، وجّه رئيسا الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”، والبرلمان، “محمد الحلبوسي”، أمس الجمعة، دعوة رسمية إلى شيخ الأزهر، “أحمد الطيب”، لزيارة البلاد، في رسالتين موجهتين من “الكاظمي” و”الحلبوسي”؛ إلى شيخ الأزهر، سلمها باليد رئيس ديوان الوقف السُني العراقي، “سعد كمبش”.
وقال ديوان الوقف السُني، وهو مؤسسة رسمية، في بيان؛ إن: “رئيس ديوان الوقف؛ سلم للشيخ الطيب رسالتين، من الكاظمي والحلبوسي، تدعوان فضيلته لزيارة العراق”.
من جانبه، عبر شيخ الأزهر، وفق البيان ذاته؛ عن: “سعادته الغامرة لما تضمنت الرسالتان من معانٍ عميقة الدلالات ومن صدق المشاعر النبيلة تجاه الأزهر، مرحبًا بالدعوة لزيارة العراق”، دون مزيد من التفاصيل.
الدعوة تأتي؛ بعد أقل من أسبوع؛ على زيارة أجراها بابا الفاتيكان، “فرنسيس”، إلى البلاد. وتستبعد مصادر مطلعة في “الأزهر”؛ أن يلبي شيخ الأزهر الدعوة سريعًا، لكنه لن يرفضها، بيد أن “الأزهر” لديه ملاحظات كثيرة على المسار السياسي في “العراق”، ولابد أن يتشاور مع “الخارجية المصرية” بشأن ذلك .
التطابق في مساندة المكلومين..
المستشار “محمد عبدالسلام”، آمين عام لجنة الأخوة الإنسانية، قال في تصريح لموقع (سكاي نيوز عربية): “إن العراقيين، بكافة مكوناتهم، يقدرون مكانة شيخ الأزهر، باعتباره رمزًا لكل المسلمين، بل ورمز إنساني، كان يقف دائمًا على مسافة واحدة من كل مكونات الشعب العراقي”.
وتابع المستشار “عبدالسلام”، الذي كان يتولى منصب المستشار القانوني لشيخ الأزهر، أن: “شيخ الأزهر سعد كثيرًا بزيارة البابا فرنسيس للعراق، لما تحمله من رسالة سلام وتضامن للعراقيين، ووصفها بالشجاعة”.
وبحسب أمين عام لجنة الأخوة الإنسانية، فإن: “الإمام الطيب والبابا فرنسيس؛ لديهما رؤى متطابقة تجاه مساندة المكلومين في كل مكان، وهو ما عبرا عنه معًا في وثيقة الأخوة الإنسانية، حيث أكدا، خلال اجتماعهما الأخير في اليوم الدولي للأخوة الإنسانية؛ أنهما مستمران في السير معًا بشكل متكامل”.
وتابع: “زيارتهما للعراق تأتي في هذا الإطار، وكذلك كل جهودهما الإنسانية التي، حتى لو كانت منفصلة، إلا أنها تنبع من رؤية مشتركة”.
لافتًا إلى أن: “اللجنة العليا للأخوة الإنسانية؛ حاضرة في هذا المشهد، من خلال المزيد من المشاريع والمبادرات، التي تعمل عليها اللجنة، والفترة المقبلة ستشهد تفاعلًا من قبل اللجنة للتكامل مع هذه الجهود المبذولة من قبل الإمام الطيب والبابا فرنسيس”.
زيارة ذات أثر كبير..
من جانبه؛ قال منسق عام مركز “حوار الأديان” بالأزهر الشريف، “كمال بريقع عبدالسلام”، لموقع (سكاي نيوز عربية): “إن الزيارة المتوقعة، لشيخ الأزهر؛ رئيس مجلس حكماء المسلمين، إلى العراق، سيكون لها أثر كبير على مستويات عدة، أبرزها توجيه أنظار الدول العربية والإسلامية إلى التضامن مع الشعب العراقي”.
موضحًا أن الأثر المتوقع أيضًا يتمثل في دعم وحدة الشعب العراقي بكل أطيافه، وهو ما يحتاجه هذا البلد بقوة في ظل اللعب على وتر الخلافات الطائفية لخدمة المصالح الذاتية الضيقة.
ويرى منسق عام مركز “حوار الأديان”، بالأزهر الشريف، أن الزيارة من شأنها أيضًا أن تسفر عن تعزيز التعاون مع “العراق”؛ فيما يتعلق بنشر فكر التسامح، وهو من شأنه تقويض الأسس الفكرية التي تقوم عليها إيديولوجيات الجماعات الإرهابية، مما يساعد في الحفاظ على كثير من الشباب وتحصينه من خداع هذه الجماعات وتضليلها.
وبحسب “بريقع”، فإن الزيارة متوقع لها، في حال تلبية الدعوة، أن تكون ذا أبعاد روحية ومعنوية، وهو أمر يحتاجه “العراق” بشدة في هذه التوقيت؛ لاستعادة الثقة واستلهام روح العمل والبناء وإعادة الاستقرار، والتأكيد على أن الشعب العراقي ليس وحيدًا في صراعه من أجل البقاء.
ترحيب بالزيارة ورفض الحوار مع البعثيين..
كما علّق إمام جمعة النجف الاشرف، “صدرالدين القبانجي”، على دعوة الحكومة العراقية لـ”شيخ الأزهر”، لزيارة “العراق”، ورحب بها، رافضًا أي حوار مع “البعث” والإرهاب، مؤكدًا، أن زيارة “البابا”، للإمام “السيستاني”، تمثل قفزة في عالم التشيع؛ والرسائل التي وجهتها المرجعية تدلل على عالمية المرجعية الشيعية.
وأشار “القبانجي”، في حديث الجمعة الذي يلقيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ بسبب ما يمر به “العراق” من ظروف صحية، إلى لقاء البابا “فرنسيس” مع المرجع الأعلى، “السيستاني”، مبينًا أنه تناول الساحة العالمية وما تشهدها من صعوبات وتناول الساحة الإسلامية والساحة العراقية.
وقال: بحق كان عالميًا، وكان إسلاميًا، وكان عراقيًا، وقد دعا “السيستاني”، البابا، للحديث مع ساسة العالم أن يقلعوا عن سياسات العنف والقمع والحصار والإرهاب.
وأكد “القبانجي”، أن اللقاء يمثل قفزة في عالم التشيع. مؤكدًا في الوقت نفسه؛ أن الرسائل التي دعا لها المرجع تدل على عالمية المرجعية الشيعية.
اتجاهاته مستقلة عن الحكومة..
تعليقًا على تلك الدعوة، يري “د. فاتح عبدالسلام”، رئيس تحرير الطبعة الدولية لـ (الزمان)؛ أنه يقال أنَّ شيخ الأزهر سبق أن تلقى دعوات من حكومات عراقية متعددة، ولم يُلبها، لأسباب نجهلها، ويقال أيضًا أنها المرة الأولى التي يتلقى فيها دعوة رسمية عبر مبعوث خاص من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان لزيارة “العراق”، مشيرًا إلى أنه من الواضح انّ “شيخ الأزهر” لا يقوم بزيارات خارجية عربية أو دولية إلا نادرًا، كما أنه مستقل في مواقفه عن اتجاهات الحكومة المصرية مهما كان شكلها.
مضيفًا أنه لا يدري كيف وُلدت فكرة دعوة الإمام الأعظم للأزهر، بعد ثلاثة أيام من إنتهاء زيارة هي الأولى لـ”بابا الفاتيكان” إلى “العراق”. لم يظهر تصريح رسمي يشير إلى التاريخ الذي تمَّ فيه، بـ”بغداد”، اتخاذ القرار في توجيه الدعوة لـ”الأزهر”، وهل كان القرار سابقًا في التوقيت على زيارة البابا، أم أنها دعوة وليدة لما تراه “بغداد” نجاحًا إعلاميًا لزيارة الحبر الأعظم ؟
واستطرد قائلاً أن “البابا” كان يُمثل الكنيسة الكاثوليكية، حين زار “بغداد” وبعض المدن، متفقّدًا كنائس المسيحيين التي دمرها (داعش) والمدن التي هجرها المسيحيون. يا تُرى ماذا يمكن أن يكون في جدول زيارة “شيخ الأزهر” من مفردات، هل يقررها هو أم أنّ الحكومة العراقية ستقترحها عليه في تحديد أماكن الزيارة ؟.. وهل سيتفقد مساجد مهدّمة ومصادرة، منذ العام 2003، أم أنه سيزور ما تهدّم بيد (داعش) فحسب ؟.. هل يراد من الزيارة أن تكون دينية كما أعلنها من قبله، البابا “فرنسيس”، حين ركب في الطائرة، وحين حضر إلى تجمعات فيها سياسيون؛ وقف شاجبًا الفساد وسوء استخدام السلطة والتهجير واستعمال السلاح ؟.. لماذا يفترضون أنَّ الخلفية الفكرية في التعاطي مع “العراق” متشابهة أو تكاد، بين بابا الكنيسة وشيخ الأزهر ؟
إحراج ديني وسياسي !
وتساءل؛ لماذا يجري توجيه الدعوة بشكل مزدوج، (الحكومة والبرلمان)، ولماذا لم تنسب الدعوة للوضع الاعتباري لمنصب رئيس الجمهورية، شبه المحايد ؟.. وبعد ذلك، لماذا نراهم واثقين من أنَّ “شيخ الأزهر” سيحج إلى “العراق”، بعد الحج الذي أدّاه “البابا” مباشرة ؟.. أثمّة علاقة ؟.. وما هي إنْ وجدت ؟.. ومَن يرسم هذه التصورات البروتوكولية في العلاقات الخارجية للبلاد ؟
مضيفًا؛ أنه ليس هذا فحسب، هناك أسئلة كثيرة، ربّما تثير الحرج الديني والسياسي، وليس مكانها هنا اليوم، لكن لا أتردد في طرحها مع تطور هذا الملف، لعلها تدخل في صلب التفكير الذي أفضى إلى نتيجة مفاجئة وغامضة، هي أن تجري دعوة “شيخ الأزهر” إلى زيارة “بغداد”، وكأنَّ الرجل خالي الذهن عن هذا البلد وظروفه والحسابات التي يقع في قلبها ؟