لاريب من أن الهجوم المباغت الذي تعرض له معسکر أشرف في الاول من أيلول الماضي و الذي اسفر عن مقتل 52 و خطف 7 آخرين من السکان قسرا، يمکن إعتباره مشکلة قائمة بوجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي، رغم انه يسعى جاهدا للتخلص منها عبر محاولته للتملص من مسؤوليته حيالها حيث تصر منظمة مجاهدي خلق على أنه يقف شخصيا خلف الهجوم.
هجوم الاول من أيلول الماضي و الذي کان أعنف و آخر هجوم شهده هذا المعسکر الذي أثار جدلا سياسيا طويلا منذ الاطاحة بنظام الحکم السابق، لايمکن التکهن بأنه سيمر مرور الکرام کبقية الهجمات الاخرى التي تم إرتکابها ضده، ذلك أن المذبحة البشرية المروعة التي نجمت عنها بمقتل 52 فردا کان أغلبهم مقيدي الايدي و معصوبي الاعين وقد تلقوا طلقات في رؤوسهم تماما لو أنها عملية إعدام خاصة، قد أثارت سخطا و غضبا غير مسبوقين ولئن قام 1200 من سکان مخيم ليبرتي بالاضراب عن الطعام منذ يوم الهجوم، لکن شکل و حجم التضامن الکبير الذي حظي به هذا الاضراب و المطالب المطروحة فيه دوليا يمکن القول بأنه قد فاجئ ليس المالکي وانما النظام الايراني أيضا، بل والانکى من ذلك أن أصوات أمريکية و اوربية و أممية قد إرتفعت تدين و تشجب الهجوم و تعرب عن تعاطفها مع سکان أشرف و ليبرتي.
ليس من السهل على المالکي أن ينأى بنفسه بعيدا عن المسؤولية القانونية ازاء إرتکاب هذا الهجوم الذي قاد الى مجزرة بشرية باتت العديد من المحافل الدولية تميل الى تسميتها بالجريمة ضد الانسانية ولاسيما وان رموزا بارزة في الحکومة العراقية مثل الناطق بإسم وزارة حقوق الانسان و الناطق بإسم الحکومة العراقية، قد إعترفا ضمنيا بمسؤولية الحکومة عن الهجوم، وان الرفض و النفي المتأخر للمالکي(بعدما وقع الفأس بالرأس)، ليس بإمکانه أبدا أن يقنع أحدا، إذ ان الجميع قد باتوا مقتنعين بأن حکومة المالکي قد إرتکبت الهجوم فعلا، وان محاولة المالکي من خلال تسريبات مفضوحة الزعم بأن الحکومة لم تعطي أمرا للفرقة الذهبية وانما هناك مسؤولين تصرفوا(تصرفا فرديا)، هو أيضا غير مقنع بالمرة خصوصا وان الرهائن السبعة المختطفين و کما تؤکد مصادر عديدة، هم بقبضة المالکي نفسه وان تنقلاتهم تکون طبقا لأوامر صريحة صادرة عنه.
البقاء لدورة ثالثة في منصب رئيس الوزراء، باتت مسألة ملحة جدا لأن المالکي فيما لو لم يبقى بمنصبه فسوف يتعرض على الارجح الى معرکة کسر عظم سيخرج منها محطما بالکامل وان قضية هجوم الاول من أيلول ستکون في مقدمة الملفات التي ستطرح على بساط البحث ضده، ولهذا فإن المالکي وبعد أن ضمن موافقة النظام الايراني علب ولاية ثالثة له في منصب رئاسة الوزراء، فإن زيارته القادمة للولايات المتحدة الامريکية في 28 من هذا الشهر تصب في إتجاه العمل الجدي من أجل أخذ موافقة الامريکان على بقائه في المنصب على أمل أن يجد فيما بعد ثمة مخرج ما له من معضلة هجوم الاول من أيلول، لکن ليس هنالك مايبعث على أي أمل او تفاؤل لخروج المالکي من هذه المعضلة بالسهولة التي يتصورها وانما هو أمام مشکلة قابلة للتصريف و التحويل سياسيا.
[email protected]