كلما جلستُ أمام التلفاز لأستمع إلى حوار سياسي في برامج متعددة تتحدث عن البلد الجريح – العراق – وعن منظومة الفساد التي تخنق العراق بكل التفاصيل الدقيقة – أشعر بالضياع والخوف واليأس إلى أقصى درجة ممكن تصل إليها الروح البشرية .
هل حقاً أن بلدي صار كسيحاً إلى هذه الدرجة ؟ وهل صحيح أن عناصر الخير في بلدي تحولت كلها إلى سراب وأحلام لا يمكن الوصول إليها مهما حاولنا ؟
من خلال مراقبتي لبرنامج سياسي سمعتُ أشياء لا يمكن أن يصدقها أي عقل سوي يتمتع بأدنى درجة من درجات التوازن والاتزان البشري . هل يمكن أن يباع مصفى بيجي إلى شخص بمئة مليون دولار أمريكي وتذهب الدولة لشراء ذلك المصفى من الرجل بمليار دولار لكن ذلك الشخص الشريف لا يوافق على ذلك ويبلغ اللجنة المكلفة بالشراء من أن المصفى يعادل أكثر من أربعة مليارات دولار ويطالب باسترجاع نقوده على أن يعيد المصفى للدولة لكن أفراد اللجنة يختلفون فيما بينهم على نسبة – الكوميشن – وتعود اللجنة دون أن يتم استعادة المصفى! هل يمكن أن يحدث هذا في دولة من دول العالم بهذه الطريقة المأساوية؟ حقا أن الاستماع إلى الحوارات المرعبة كهذه تحطم النفس وترفع درجة اليأس إلى أقصى نقطة ممكنة . بين الحين والاخر تطالعنا احداث من هنا وهناك تجعل الفرد الذي لا زال يعيش في العراق يتمنى لو انه كان قد جاء الى هذه الحياة في بلد اخر كي يتخلص من احتراق الذات الذي يعيشه المواطن العراقي المسكين بين صراعات لايمكن ان تنتهي الا بمعجزة تحدث وتغير كل شيء …. سلاما ايها العراق وسلاما لسنوات الهدوء التي كنا نعيش فيها يوما ما.