في ظل الثورة المعلوماتية التي شهدها عصر الانترنت لم تعد بعض المفاهيم والمصطلحات القديمة صالحة لتوصيف الظواهر والمستحدثات التي استجدت فيه ، فمثلا بات من الصعب تحديد الاطر والمحددات لمصطلح الاصالة في ظل انتشار ظاهرة الهجنة ، ومع انتشار ثقافة الاستهلاك وسرعة التطور في التحديث بات الاهتمام قليلا بالنوعية وجودة المنتج والعلامة التجارية الاصلية واصبحت هناك درجات للاصالة ، ليس هذا فحسب بل اصبح النظر الى كثير من الحقائق العلمية على انها حقائق ليست مطلقة وانما هي نسبية.
وهناك – ايضا – بعض المصطلحات ينبغي ان نعيد النظر في دلالاتها عندما نتكلم عن التعليم الالكتروني بيد أن الذي يهمنا منها هنا هو مصطلح (الغش). لقد كانت مفردة الغش في الامتحان التقليدي داخل القاعة تعني إجمالا : ان يقوم الطالب باستحضار المعلومة معه الى قاعة الامتحان على شكل قصاصات او جذاذات كُتبت بخط صغير جدا تتضمن النقاط المهمة التي يتوقع الطالب انها ستساعده في الاجابة عن أسئلة الامتحان. أو ان يسرق خلسة المعلومة من الكتاب المنهجي او الملزمة في ظل انشغال المراقبين على القاعة بادارة الامتحان. وفي الاونة الاخيرة لجأ بعض الطلبة الى توظيف الاجهزة الذكية في الغش داخل القاعة فيقوم الطالب بوضع لاقط صوتي صغير في اذنه يكون متصلا بهاتفه الذكي وتأتي المعلومة اليه عن طريق الاتصال بشخص اخر خارج القاعة الامتحانية.
فالغاية الرئيسة من الامتحان التقليدي هي استحضار المعلومة المخفية عن الطالب في الكتاب المنهجي او الملزمة وان يقوم الطالب بإعادتها مرة اخرى الى الاستاذ عن طريق اجابته في الدفتر الامتحاني. أما في الامتحان الالكتروني الذي يعتمد على طريقة ( Open Book) فان المعلومة التي أخفاها الاستاذ عن الطالب اصبحت متاحة تحت يده فضلا عن سيل المعلومات المتوفرة في المواقع الالكترونية . يضاف الى ذلك ان الامتحان التقليدي يختبر ذاكرة الطالب عن طريق حفظ المعلومة واسترجاعها في الامتحان بينما يركز الامتحان الالكتروني على مهارات الطالب العلمية والتقنية في كيفية توظيف المعلومة والتعامل معها . وبناء عليه لابد ان يتغير مفهوم مصطلح الغش والاليات المتبعة في تحديده . وكذلك تغيير معايير تقييم اجابة الطالب لانه لم يبذل جهدا كبيرا في استحضار المعلومة فالاستاذ والانترنت هما اللذان قدما له المعلومة لذلك ينبغي على الاستاذ عند التقييم وتقدير الدرجة مراعاة الاجابة عن الاسئلة الاتية :
هل استطاع الطالب ان يوظف المعلومة بشكل صحيح يتوافق مع ما مطلوب في السؤال ؟
هل تم رصف المعلومات بأسلوب واضح ولغة أكاديمية رصينة مع تماسك نصي وتناسق في الافكار؟
هل استطاع الطالب ان ينقل المعلومة من مصادرها ويعيد إنتاجها بلغته واسلوبه بشكل مقنع؟
هل تمكن الطالب من مناقشة المعلومة بشكل يدل على فهمه لها ؟
هل استطاع الطالب أن يقدم رأيه او تصوره الخاص الذي يؤيد أو يفند أو يدحض الاراء التي تضمنتها المعلومة ؟
هل حافظ الطالب على بناء اجابته على وفق معايير الكتابة الاكاديمية ؟
هل قدم الطالــب اضافات جديدة ومعلومات أخرى لم يرد ذكرها في محاضرات الاستاذ ومصادره ؟
هل استطاع الطالب ان يكتسب مهارات وخبرات جديدة في التعامل مع المعلومة في ظل استعمال تكنولوجيا المعلومات الحديثة ؟
ويضاف الى تلك الامور المهمة أمر يكاد يعادلها كلها وهو عدم تجاهل حقيقة ان من الغايات الرئيسة لاجراء الامتحان هو أختبارالطالب في كيفية ادارة الوقت والانتهاء من الاجابة ضمن وقت محدد. لذلك ينبغي على الاستاذ ان يختتم تلك الاسئلة بسؤال يقول: هل استطاع الطالب اجمالا ان يأخذ بطرف من كل تلك الاشتراطات في الوقت المخصص للامتحان وانه قد بذل جهدا ملحوظا في سبيل ذلك؟
ومن أجل ان يكون الطالب مستعدا لهذا الامر علينا إعادة النظر بطرائق تدريسنا القديمة ومناهجنا التقليدية بصرف النظر عن كون الامتحان حضوريا داخل القاعات او امتحانا افتراضيا عبر الانترنت لكي يتم تحفيزالطلبة للتأقلم مع متطلبات هذا النوع من التعليم وتزويدهم بالمهارات والخبرات التي تجعلهم على وعي تام بكيفية التعامل مع المعلومات والافادة منها وآلية سبكها وتنظيمها ضمن أطار زمني محدد .