الذي يحدث اليوم في سورية، ليس حلقة من حلقات الصراع مع إسرائيل وأدواتها فحسب، لكنها أيضاً معركة فاصلة بين مسار المقاومة ومسار التسوية والإستسلام، فبعد أكثر من 10 سنوات راهن فيها الكثير على سقوط محور المقاومة، أو حتى محاولة إضعافه، ثبت أن مكونات هذا المحور خرجت أقوى مما كانت عليه، وبإمتحان سورية الآن نجحوا في البرهنة -كالعادة- أن سورية ثابتة وصامدة في وجه المخططات الغربية الاستعمارية التي تستهدفنا.
إدارة نتنياهو الفاشلة والمجرمة بحق الإنسانية والمتعارضة مع كافة المواثيق الدولية لا تستخلص العبر ولا تقرأ تجارب التاريخ من أن الشعوب لا يمكن أن تقبل باستمرار سياسة الإذلال والحصار وهذا ما يضع سورية أمام موقف الدفاع عن قضاياها، لذلك فإن استهداف إسرائيل الإرهابية سورية ليس سوى حلقة من حلقات استهداف محور المقاومة عموماً في المنطقة. ولولا الضوء الأخضر من واشنطن لما تجرأ الكيان الصهيوني على قصف مواقع في سورية بدعوى أن هناك مستودعات للأسلحة والصواريخ الإيرانية تهدد أمن إسرائيل.
على خط مواز، ترى روسيا في الغارات الإسرائيلية المتزايدة على الأراضي السورية تحدياً لها، وهي ملزمة بالرد كي لا تبدو ضعيفة في نظر أعدائها، إلا أنها قد تؤجل الرد إلى أن تنشأ ظروف تنفيذية ملائمة لإعتماد خياراتها، في إطار ذلك باتت القيادة الروسية تشعر بالانتِقادات الكثيرة داخل سورية وخارجها، بسبب صمتها، وعدم تدخلها في مواجهة أي عدوان اسرائيلي، أو تقديم العتاد العسكري المطلوب الذي يمكّن الجيش السوري من التصدي له، مِثل منظومات صواريخ “إس 300” أو “إس 400” الحديثة و المتطورة.
السؤال الأكثر أهمية هو ماذا سيحدث الآن؟ واضح جداً أن روسيا غير معنية حاليا بالتصعيد مع إسرائيل، والسبب الرئيسي هو أن الروس حريصين على عدم فتح جبهات جديدة، و لن يتصرفوا بإنفعال وإرباك، وإنما سيأخذون الوقت المناسب لتحديد الخطوة الآتية بهدوء وحزم، وهذا ما عكسه البيان الصادر عن ألكسندر لافرينتيف مبعوث الرئيس بوتين لمفاوضات التسوية في سورية أثناء مشاركته في الجولة الأخيرة للقاء أستانا “من أنّ صبر الحكومة السورية إزاء الهجوم الإسرائيلي على أراضيها قد يستنزف إن آجلاً أو عاجلاً مما سيؤدي إلى تداعيات وخيمة على المنطقة، وبذلك إكتفى لافرينتيف بالإشارة الى القلق الروسي من جراء هذه الغارات العدوانية على سورية، تاركاً باب التأويل مفتوحاً، ولعل هذا التصريح هو رسالة تحذير قوية وواضحة للطرف الإسرائيلي المعتدي على وطننا الغالي على قلوبنا “سورية”.
إن الحرب القادمة بين إسرائيل والجيش السوري ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل أكثر مما حصل في حرب تشرين التحريرية، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، فالجيش السوري لن يفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجئها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على مستوى العدة والعديد، لذلك فإن إسرائيل يجب أن تخرج مهزومة من حربها على سورية ومن أجل ذلك لا بد من التوحد خلف استراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الاحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة إلى أن يزول عن كامل الأرض العربية.
مجملاً… إنه تخيم على اسرائيل اليوم أجواء غير عادية مشحونة برائحة الحرب والبارود، أجواء احتمال وقوع حرب مع كل من سورية ومحور المقاومة، وقد لا يمر يوم دون أن تتصدر الصحف المختلفة أنباء عن احتمال وقوع هذه الحرب، فحكومة تل أبيب تعتقد أن هذه الحرب ستعجل من عملية هدم الدولة السورية التي تشارك فيها إسرائيل إلى جانب أمريكا، هنا يمكنني القول إن المراهنين على تمزيق وحدة أبناء الإقليم بأنهم واهمون وخاسرون والذين يراهنون على انتصار الكيان الصهيوني وأدواته لا يعرفون مصلحتهم لكن الكراهية والحقد الذي يغلي في صدورهم هو الذي يدفعهم الى هذا الرهان الخاطئ.
وأختم بالقول، إن إسرائيل العدوانية ستزول لأنها اغتصبت حقوق وأرض الشعب العربي … وستعود الأرض إلى أهلها عاجلا أم آجلا، لذلك ففناء الكيان العبري باتت وشيكة وأقرب ما يكون، فسورية اليوم بمعادلة المقاومة قوية وعزيزة وتحمل جراحها لتصنع الانتصار التاريخي، فدمشق اليوم تخوض معركة الأمة العربية، ويتحتم على الجميع الوقوف الى جانبها لتلقين العدو الصهيوني الدروس في الصمود و الثبات.