من المرجح ان الطاقة الهدامة الكامنة لدى المهزوم, تتضاعف وتصل اعلى مراتبها, ويزداد شعوره المجنون بالعظمة حينما يتسيد المشهد, وتمسي مصائر الاخرين بيده, الامر الذي يحرره من مشاعر الهزيمة والهوان, ذلك حينما يعثر على سقف يأوي مهزومين امثاله يحترمونه ويحتاجون اليه.
ومن هنا لابد من وجود وصلة فتيل (ايديولوجي او قومي وغيرها) يربط هذه الاجزاء ببعضها – المتسيد المهزوم واتباعه- ويشد من الاواصر فيما بينهما, ليفجر الطاقات الكامنة (السلبية) في انفسهم متى ما قتضت الحاجة وتوافق مع مصالح ذلك الفرد الذي يصف نفسه “بالعقل المدبر” على ثلة من المهزومين, فاتباعه يرون في سجاياه الجنونية المريضة تجسديا لسجاياهم ونواياهم الخبيثة, فهو وبكل تاكيد – المسيطر- يحتقر اتباعه اشد الاحتقار, لانه يعرف جيدا ان اتباعه ليسو سوى بضعة مهزومين خاسرين ليس لهم اي قيمة بالمطلق. وفي الواقع لايوجد تفسير اخر لهذا المعنى ادق من هذه القراءة التي جعلت من الالمان ورغم شعورهم بالهزيمة من الدفاع عن برلين حتى اخر قطرة دم, رغم معرفتهم بما سيلحق بهم من هزيمة ساحقة, وقد اكد هذا التفسير هتلر حينما صرح بان الشعب لالماني لا يستحق البقاء رغم كل ما قدموه من دماء للحفاظ الى سلطته, وهو – المتسلط المازوم- يتلذذ حينما يجد ان كثيرا من اتباعه سيلقون حتفهم دونه قبل ان يلقي هو حتفه, مستخدما اياهم عدة تسلق للمرور الى خضم صراعات (سياسية او ايديولوجية) لتحقيق ماربه الشخصية من خلالهم دون ان يبذل اي عناء سوى الاشارة بسبابته لدفعهم نحو ما يريد. وكل ما يتطلبه الامر لذلك هو وجود ابواق دعائية قادرة على دغدغة مشاعر الاتباع والمواطنين (المغرر بهم ) لتحقيق اهدافه اللامحدودة والتي لا تقبل انصاف الحلول. وبالتالي فان هذه الاحلام لم تكن واقعية فحسب, بل انها لا تتصف بالحكمة السياسية ايضا, فان المازم لا يؤمن لبته بمن يقول ” ما كان بالامكان الا ماكان” وهو لا يسعى لتسوية منطقية تضمن التفاوض البناء مع الاخر للحفاظ على المصالح المشتركة, الانها بطبيعة الحال تفضي الى تهدئة الطاقة الهدامة لديه ولاتباعه على وجه الخصوص, وستؤدي بكل حال الى اضمحلال الشعلة المتقدة لديهم وبرود حماستهم, مخلفا فقدان البوصلة وافلات قبضة عنان السيطرة عليهم, في حال انعدام العوامل التي من شأنها تغذية فتيل النزعة (الايديولوجية او القومية وغيرهم)