خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في زيارة وصفت بالمفصلية في حاضر المشهد السياسي والاقتصادي العراقي، رحبت “بغداد”، أمس الأول الإثنين، بزيارة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الدكتور “نايف فلاح مبارك الحجرف”، على رأس وفد رفيع المستوى.
الوفد الخليجي إلى “العراق” حمل جملة من الملفات تخص الشأن السياسي والأمني والاقتصادي؛ في وقت تعاني فيه “بغداد” أزمة مالية خانقة وصلت إلى عجزها عن توفير رواتب الموظفين.
ووصل الوفد الخليجي برئاسة “الحجرف”، أمس الأول الإثنين، إلى “بغداد”، حيث التقى بوزير الخارجية العراقي، “فؤاد حسين”.
الوفد التقى أيضًا بالرئيس العراقي، “برهم صالح”، وتناول معه التحديات الراهنة التي تشهدها المنطقة و”العراق” على وجه الخصوص.
كما عقد جلسة مع رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، حيث ناقش الجانبان تطوير العلاقات بين “العراق” ودول الخليج على صعيد الاستثمار والسياسة والأمن .
زيارة الوفد الخليجي تأتي بعد حراك عراقي، في الأشهر الماضية، نحو بعض الدول الخليجية؛ وهو ما جعل العديد من المراقبين يصفونها بالعودة إلى المحيط العربي.
إلا أن ما يشغل بال المتابعين للشأن العراقي يثير تساؤلاً هامًا في ظل الهيمنة الإيرانية المتوغلة على القرار العراقي نفسه، وهو هل في ظل ذلك يمكن أن تعود “العراق” للحضن العربي ، وما تأثير الزيارة الأخيرة للوفد الخليجي ؟.
نتائج إيجابية بشرط التعامل الصحيح..
المحلل السياسي “نجم القصاب”، يرى أن لتلك التحركات الخليجية أثرها ونتائجها الكبيرة على وضع “العراق” السياسي والاقتصادي والأمني؛ إذ ما أحسن “العراق” التعامل مع تلك المعطيات المستجدة، موضحًا أن: “العراق، وعلى مدار السنوات الماضية، عاش حالة من العزلة عن الحاضنة الخليجية والعربية بشكل عام، ومع تحسن فرص العودة بوصول، مصطفى الكاظمي، إلى سدة الحكم بات المسار واضحًا ويحتاج إلى استكمال”.
وقال إن: “الكاظمي، رئيس حكومة مختلف عن أقرانه السابقين في أسلوب إداراته للعلاقات الخارجية، التي تتصف بسياسة الإعتدال وتمثيل المصالح السيادية”.
جس نبض سياسي واستكشاف للوضع الداخلي..
فيما قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي، “ميثم ليعبي”، إن الزيارة: “بمثابة جسّ نبض سياسي واستكشاف الوضع من الداخل؛ بغية وضع تصورات ورؤية لدول الخليج في طبيعة التعامل مع العراق في خضم التفاعلات السياسية الجارية”، لافتًا إلى أن الدول العربية والخليجية منها تنتظر ما ستفسر عنه الانتخابات العراقية المرتقبة، وإن كانت ستأتي بأشخاص تابعين لفصائل “إيران”، بـ”العراق”، أم قريبة من المزاج الوطني والحاضنة العربية، بغية الخروج بموقف موحد ينسجم مع السياسة العربية والخليجية.
وأضاف أن: “هنالك قوى إقليمية، مثل تركيا وإيران، لا تريد للعراق الانفتاح على الدول العربية، بسبب التقاطعات السياسية والاقتصادية والصراعات الجيوسياسية”.
إلا أن “ليعبي” أشار إلى أنه: “هنالك ضعف في الأداء السياسي للحكومة العراقية، وهنالك أيضًا قوى سياسية تعمل على إضعافه بشكل أكثر”، في إشارة إلى ميليشيات “إيران”.
محاولات خجولة للتقارب..
كما يقول المحلل السياسي العراقي، “مكي نزال”، إن “إيران” استحوذت على “العراق”؛ والخليج لم يبذل جهدًا صادقًا لتحييد “العراق” على الأقل، الخليج الٱن في وضع سيء مع “العراق” ولا يمكن إصلاح هذا الٱن، لأن القوى المسيطرة الٱن لا تريد ولا تحب الخليج، بل تناصب “الخليج العربي” العداء، وتهدد “السعودية والإمارات” وغيرهم.
مضيفًا أن “السعودية” مهددة من الميليشيات، ولديها مخاوف من أن تقوم تلك الميليشيات بضربها، كما حدث من قبل عن طريق الغارات بالطائرات المُسيرة التي قيل أنها إنطلقت من “العراق”.
وأشار “نزال” إلى أن: محاولات التقارب “العراقي-الخليجي”، حتى الٱن، هي محاولات خجولة لا ترقى إلى مستوى التأثير الحقيقي المطلوب في العلاقات، ولا ندري إن كانت محاولات التقارب الحكومية صادقة، أم من أجل: “ذر الرماد في العيون”، لأن الحكومة الحالية هي حكومة الأحزاب التي تسيطر على القرار في “العراق”، ولا يمكن لهذه الحكومة أن تتحرك فعليًا لإنعاش العلاقات مع الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، وأعتقد أن هذه الحكومة مضغوط عليها من جهات خارجية لتحسين العلاقة، لذلك هي تتظاهر بذلك.
وأكد، أن التقارب “العراقي-الخليجي” لا يحدث إلا إذا حدث تقارب إيراني مع الدول العربية بشكل عام، ولا يمكن أن يحل الوضع الفرعي في “العراق”؛ إلا إذا تم حل الوضع الكلي بين العرب و”إيران”.
لن تنجح المساعي العربية..
وفي تصريح سابق لوكالة (سبوتنيك) الروسية، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بغداد” والسفير السابق بالخارجية العراقية، الدكتور “قيس النوري”: “أصبح عراق اليوم ساحة تجاذب من قبل القوى الإقليمية، حيث تشهد علاقاته الخارجية تذبذب على حساب ثبات العلاقات وفق المصلحة الوطنية العراقية، وتمارس إيران سلوكًا يديم التأزم السياسي في إطار لعبتها الإقليمية، خاصة تجاه القوى العربية، ومنها النظام السعودي في إطار التنافس الإقليمي”.
موضحًا أن: “السعودية تحاول، عبر وسائل متعددة، سحب العراق من دائرة النفوذ الإيراني، لكن دون أن يدرك النظام السعودي شدة الإرتباط العضوي بين نظام بغداد وطهران، مما يجعل من شبه المستحيل توصل بغداد إلى اتخاذ قرار بمعزل عن التأثيرات الإيرانية، وبما يلبي المصلحة الوطنية العراقية”.
وأكد “النوري”: ليس في المنظور قدرة رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، الذي هو ناتج عن حالة الإرتباط مع “إيران”؛ أن يوظف التوجه السعودي لصالح قرار مستقل، “الكاظمي” جزء من المكان الإيراني الفاعل في الشأن الخارجي، وكذلك السياسة العامة الداخلية للعراق، “لهذه الأسباب لا أعتقد نجاح أي مسعى عربي دون معالجة لب الأزمة العراقية، المتمثلة بالنفوذ الإيراني المتحكم في العراق”.