مع موافقة الحکومة السويدية على محاکمة”حميد نوري”، أحد مسٶولي النظام الايراني بتهمة مشارکته في مجزرة عام 1988، بعد إعتقاله على أثر عدد من الشکاوي من قبل ناجين من تلك المجزرة ضده، فقد عادت هذه المشکلة مرة أخرى الى الواجهة ومع إن هناك أکوام من المشاکل والازمات المختلفة الحادة التي عانى ويعاني منها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، لکنه يعاني الکثير من جراء مشکلة قضية صيف عام 1988، التي أعدم فيها وبدماء باردة أکثر من 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق، ولئن إعتبرت منظمة العفو الدولية تلك المجزرة بمثابة جريمة ضد الانسانية، لکنها إستحقت وتستحق صفة وتسمية”جريمة القرن”بحق السجناء السياسيين، إذ لايوجد نظير لها وهو مايٶکد مستوى الوحشية والبربرية الاستثنائية التي تميز ويتميز بها النظام الايراني ضد معارضيه عامة وضد منظمة مجاهدي خلق بشکل خاص. لکن هذه المحاکمة التي ستجري في مارس القادم، تثير الکثير من الخوف في داخل أوساط النظام الايراني.
تخوف النظام من هذه المجزرة هذه المجزرة لکونها قد مثلت قمة وذروة إستخفاف هذا النظام الاستبدادي بأبسط المبادئ والقيم والمعايير الانسانية وإستهتاره بالقوانين والانظمة المرعية على المستوى الدولي، وقد نفذ هذا النظام هذه المجزرة وهو يتصور بأنها ستمر کما مرت الالاف من جرائمه وإنتهاکاته ومجازره الاخرى، خصوصا وهو لم يترك زاوية ومکانا في إيران لم تمر عليه آثار أقدامه الهمجية، لکن الذي صعقه وهزه من الاعماق، هو إن هذه المجزرة قد بقيت کقضية وملف مفتوح تطارده من عام لعام والذي أرعبه وأطار صوابه هو النشاط القضائي ـ السياسي الذي بادرت إليه المقاومة الايرانية بهذا الخصوص ولاسيما حرکة المقاضاة التي قادتها السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية في عام 2016، والتي إضافة الى مطالبتها بفتح ملف المجزرة ومحاسبة قادة النظام الايراني على إرتکابها، فإنها ساهمت بلفت أنظار العالم بصورة کبيرة الى هذه المجزرة ومدى بشاعتها وکونها جريمة ضد الانسانية. ولم تمر سوى فترة قليلة على تلك الرسالة التي بعث بها 7 من خبراء الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان للنظام الايراني وطالبوه فيها بفتح تحقيق في تلك المجزرة، حتى جاء قرار الحکومة السويدية بالموافقة على إجراء هذه المحاکمة مما سيکون ذلك بمثابة أول خطوة قانونية دولية ضد النظام بشأن المجزرة.
ملف قضية صيف عام 1988، هو ملف لايمکن غلقه أبدا طالما لم يتم الاقتصاص من مرتکبيه في طهران والذين لايزالون أحرارا طلقاء، وإن الطريق الوحيد لغلقها يکمن في مثول قادة ومسٶولي النظام الايراني ولاسيما إذا ماقد علمنا بأن هناك العديد من القادة والمسٶولين الايرانيين من الذين شارکوا في هذه المجزرة وهم يشغلون مناصب عليا في النظام نظير ابراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية الذي کان عضوا في لجنة الموت التي کانت تشرف على محاکمة السجناء وتنفيذ أحکام الاعدام بحقهم وکذلك مصطفى بور محمدي، وزير العدل وکان أيضا عضوا في لجنة الموت الى جانب رئيسي.