الأمة تتعرض لحرب خفية فاعلة ومؤثرة في تصنيع وجودها المعاصر , إنها حرب ذات معارك على مستويات متعددة , كاللغة والدين والتأريخ والشعر ومفردات ثقافتها الأخرى.
وتسوَّق بأساليب مخادعة ومهارات وخبرات تؤثر في سلوك المجتمعات المُستهدَفة بقوة غير مسبوقة , لتوفر وسائل تنفيذها ونشرها وتعزيزيها بما يؤمِّن نجاحها , والقبض على مصير ضحاياها المُغفلين.
ومن الواضح أن اللغة تمثل هوية الأمة وذاتها التي تميزها وتعبر عنها , مستهدفة بشراسة ويتحقق تجنيد أبناء الأمة ضد لغتهم.
والتأريخ فالهجمة علية مُشوِّهة ومُضللة , تهدف لإقناع العرب أنه أكذوبة , فهم بلا تأريخ ولا حضارة , بل موجودات واهنة وعالة على الآخرين.
أما الدين فالفتك به جارٍ على قدم وساق , وبإقترابات مدروسة ومؤهِّلة للتشظي والإنشطار والتصارع , وإذكاء الحروب الداخلية في أمة المسلمين , ويقوم العرب بدور بارز في التحزبات والطائفيات والفئويات المؤدينة التابعة لجهات تستهدف الدين , وبأفعال تتبرقع به.
والشعر الذي هو ديوان الأمة ومكنون تقاليدها وقيمها وأخلاقها , يتعرض للهدم , وقد تم تسويق الذين أجهزوا على عمود الشعر بذريعة التجديد والتحديث , فأضاعوا من الأمة أهم أعمدة تواصلها وتفاعلها مع الأجيال.
فالحرب قائمة , وبآليات معقدة لا يبصرها المُستهدَفون إلا بعد فوات الأوان , والقبض على مصيرهم ووضعهم في حُفر الوجيع الظلماء.
ومن أوجه هذه الحرب أيضا , أنظمة الحكم التي عليها تنفيذ أجندات أسيادها من القِوى العالمية والإقليمية , ومؤهلاتها أن تكون ضد الشعب , وتعمل على قهره وظلمه وتدمير وجوده , لكي لا يكون قوة ذات قيمة حضارية.
وهذه الحرب بمعاركها المتنوعة فاعلة في الواقع , فهل سنتنبه ونستفيق , أم أن العدوانية متسارعة , وإلتقاط الأنفاس ممنوع , والدنيا تدور بدوائرها الدهماء؟!!
وهل من عربٍ يَستَهْدِفون؟!!