وسط الصراع “الأميركي-الإيراني” .. “زنكنه” : سياسة الحياد لا يمكن أن توفر الأمان للعراق !

وسط الصراع “الأميركي-الإيراني” .. “زنكنه” : سياسة الحياد لا يمكن أن توفر الأمان للعراق !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

سعى “العراق الجديد”، مدة 18 عامًا، بعد سقوط “صدام حسين”، لإدارة ملف الصراع بين “طهران” و”واشنطن”؛ بإتباع سياسة الموازنة الإيجابية بين القوى، بشكل يضمن عدم الاحتكاك السياسي، والدبلوماسي، والأمني، مع أي من أطراف الصراع للحيلولة دون إحراق “العراق”.

لذا كانت سياسة “الموازنة الإيجابية” إستراتيجية “بغداد”، خلال العقدين الآخيرين، في محاولة للتخلص من تبعات الصراعات “الإيرانية-الأميركية”.

لكن تسببت بعض الأحداث والتطورات والتحركات والقرارات العراقية، في نظرة بعض المراقبين والخبراء بعين الشك والريبة لسياسات الموازنة الإيجابية العراقية، نابع عن إمتناع “العراق” عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة مرورًا بتوجيه بعض الاتهامات إلى القوى الموالية لـ”إيران” بعد القصف الصاروخي على “المنطقة الخضراء” وسفارة الولايات المتحدة، إلى غير ذلك من المشاكل الأخرى، والتي تعكس تقارب “العراق” مع “واشنطن”.

وفي هذا الصدد؛ أجرى موقع (الدبلوماسية الإيرانية)، المقرب من “وزارة الخارجية” الإيرانية، الحوار التالي مع، “صباح زنگنه”، خبير شؤون غرب آسيا…

الفشل الأميركي وعدم إحترافية العراق..

“الدبلوماسية الإيرانية” : تابعنا، خلال الأسابيع الأخيرة، بعض الأحداث السياسية، والدبلوماسية، والأمنية المعادية لـ”إيران”، على الأراضي العراقية، بمحورية الصراع “الإيراني-الأميركي”.. والسؤال الأول سوف يتعلق بالحوزة الدبلوماسية ومساعي “الولايات المتحدة” لإضافة بنود على ميزانية 2021م؛ تستهدف إحياء لجنة العقوبات بالأمم المتحدة، وموافقة (10) أصوات مقابل (110) صوت معارض وإمتناع (32) صوت. وكان “العراق” من بين الدول التي إمتنعت عن التصويت على مشروع القرار الأميركية.. في رأيكم ما هي بالأساس أسباب حياد “بغداد”، تجاه “الجمهورية الإيرانية”، بالمخالفة للتوقعات وارتفاع مستوى علاقات “طهران-بغداد” ؟

“صباح زنگنه” : بداية يجب القول إن “الولايات المتحدة” لم تحقق أهدافها بانسحابها من “الاتفاق النووي”، واستئناف العمل بالعقوبات وسياسة “الضغط لأقصى حد” على “إيران”، خلال السنوات الثلاث الماضية.

وعليه؛ وضعت على عاتقها مسألة الوصول لإجماع دولي للقضاء على “الاتفاق النووي”؛ وتفعيل “آلية الكماشة”، عبر “مجلس الأمن”، التابع لـ”الأمم المتحدة”، بحيث لا يكون لـ”مجلس الأمن” و”الأمم المتحدة” سوى التماهي مع مطالب “الولايات المتحدة” في الضغط على “الجمهورية الإيرانية”، وقد منيت بالفشل في هذا المسعى بمخالفة الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في المجلس.

مع هذا؛ تقدمت “الولايات المتحدة” إلى “الجمعية العامة للأمم المتحدة” بمقترح إضافة بندين على ميزانية العام 2021م؛ بغرض إحياء لجنة العقوبات ضد “إيران”، وكما تفضلتم؛ فقد حظي المقترح بموافقة (10) دول ومعارضة (110) دولة وإمتناع (32) دولة. وهو ما يعكس معارضة دولية لسياسات “واشنطن” الأحادية.

بعبارة أخرى، حاولت “الولايات المتحدة” الهرب للأمام بغرض تبرير الانسحاب من “الاتفاق النووي”، وكذلك إشراك الدول الأخرى في هذه الخطوة غير القانونية لإحياء لجنة الإشراف على العقوبات الإيرانية، لكن دول العالم وقفت ضد كل هذه المحاولات رغم القدرات الاقتصادية، والعسكرية والأمنية الأميركية.

في غضون ذلك، تابعنا للأسف إمتناع “العراق” عن التصويت، وهنا يجب القول: “إن آلية القرار العراقي في الجمعية العامة كانت غير إحترافية. فالمسألة تتطلب في البداية استعلام سفير الدولة عن موقف الخارجية، التي تتواصل بدورها مع الطرف صاحب المقترح، قبل مناقشة جميع التفاصيل على الحكومة لاستطلاع رأى الرئيس النهائي. لكن يبدو أن العراق لم يطوي هذه المراحل، وبالتأكيد لا يمكن بأي وجه فهم وتبرير إمتناع العراق إزاء إيران”.

يجب على “العراق” تقبل العواقب..

“الدبلوماسية الإيرانية” : برأيكم ما هي أسباب هذا الخلل ؟

“صباح زنگنه” : يبدو أن الخلل مرتبط، في المقام الأول؛ بالهيكل السياسي المشتت في “العراق”.

على كل حال؛ فوزير الخارجية العراقي كُردي. والسؤال: هل يتلقى “فؤاد حسين” الأوامر من “أربيل” أم “بغداد” ؟.. والسؤال الأهم: هل يرجع مندوب العراق في “الأمم المتحدة” إلى الخارجية ورئاسة الوزراء قبل القرارات، أم يتخذ ملاحظات فردية مدفوعًا بسياسات حزبية ؟

والملاحظة الأهم؛ إنما تتعلق بتقييم مصالح الدولة العراقية. لأن تشكيل هذه اللجنة الرقابية إنما يعني أن العراق ينأى عن تبعات خلق أزمة بين “إيران” و”الولايات المتحدة”.

لكن هذه السياسات لا تعني أن “العراق” لن يواجه أزمة أخرى سببها النفوذ الأميركي التخريبي، وإن نأى بالموقف الحيادي من تبعات الصراع “الإيراني-الأميركي”.

كان على “العراق” أن ينظر على الأقل للأجواء السياسية والدبلوماسية العالمية. لأنه من الطبيعي، بعد أن تصّوت (110) دولة بالرفض على المقترح الأميركي، أن يتخذ “العراق” موقفًا رافضًا للمقترح الأميركي؛ بالنظر إلى عمق العلاقات مع “إيران”. ولو أن “العراق” كان يستهدف توجيه إشارات إيجابية لـ”الولايات المتحدة” بالإمتناع، فيجب عليه أن يتقبل العواقب.

لذا فإن “العراق” لم يفشل فقط في توفير هامش أمني بالحياد؛ وإنما سوف يبعث بالتأكيد مثل هكذا قرار المزيد من تعارض موقف المسؤولين مع مطالب الشعب العراقي، وبالتالي المزيد من التكاليف والأزمات الخطيرة.

بعبارة أخرى توجيه إشارات إيجابية إلى إدارة “ترامب”، في ظل ما يوجه من تحديات الاستجواب والإقالة، لا يصب في مصلحة “العراق”. أضف إلى ذلك أن “إيران” كانت، وستظل، جار إستراتيجي لـ”العراق”. وكان يتعين على المسؤولين العراقيين النظر إلى الوقائع. وهذا يثبت أن منظومة صنع القرار في “العراق” تعاني مشكلة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة