خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
بينما يعاني العالم صدمة التحول غير السلمي لانتقال السلطة في “الولايات المتحدة الأميركية”، واحتلال “الكونغرس” الأميركي من قِبل أنصار “دونالد ترامب”، ومن ثم المناقشات بشأن استجوابه وكيفية إنهاء عمل الرئيس الرابع والخمسون لـ”الولايات المتحدة”، قبل أسبوعين من إنتهاء فترته الرئاسية، يبدو أن “الجمهورية الإيرانية” تعاني مخاوف حقيقة. سواءً بخصوص عودة الإدارة الأميركية الجديدة لـ”الاتفاق النووي” وإلغاء العقوبات غير القانونية والجائرة، التحدي الرئيس للمسؤولين الإيرانيين، أو من حيث ميراث “دونالد ترامب”، في منطقة غير آسيا، وتحديدًا الخليج، حيث تتطلب المواجهة التدبير وضبط النفس. بحسب “محمد مهدي مظاهري”؛ الأستاذ الجامعي الإيراني، في مقاله التحليلي الذي نشره (مركز دراسات السلام الدولي).
التطبيع مع “إسرائيل” والمصالحة مع “قطر”..
وقد برز في منطقة الخليج، تحولان رئيسيان، خلال الأشهر الأخيرة من عمر إدارة “دونالد ترامب”، بتوجيه مباشر منه شخصيًا؛ بغرض تضييق الخناق على “إيران”، هما إقامة علاقات دبلوماسية بين “الكيان الصهيوني” وعدد من الدول العربية، وكذلك توحيد الدول العربية بعد فك الحصار عن “قطر”.
وكانت “الإمارات والبحرين”؛ من أوائل الدول العربية التي بدأت، في آب/أغسطس 2020م، تطبيع العلاقات مع “الكيان الصهيوني”، وفتحت بابًا للعلاقات الدبلوماسية مع هذا الكيان الغاصب، بموجب الاتفاقيات المعروفة باسم، “اتفاق إبراهيم”، برعاية “دونالد ترامب”.
كذا؛ وفي الأسابيع الأخيرة من عمر إدارة “ترامب”؛ وقع الرباعي العربي: “السعودية والإمارات والبحرين ومصر”، اتفاقية التصالح مع “قطر”، بضغط من “السعودية”، التي فقدت، بخروج “ترامب” من البيت الأبيض، أكبر داعم.
وإزاء الخوف من سياسات الرئيس الأميركي الجديد، “جو بايدن”، سارعت “المملكة السعودية” إلى المصالحة مع “قطر”. ولم يملك أي من شركاء “السعودية” الجرأة على المعارضة خوفًا من العزلة، لكن مغادرة وزير الخارجية المصري، (والذي تدعي بلاده زعامة العالم الإسلامي)، “اجتماع العلا” سريعًا؛ إنما يعكس أن مشهد التراجع السياسي لم يمر دون شكوى.
على إيران كسب العرب من أحضان إسرائيل..
وبغض النظر عن التفاصيل، لكن المهم هو تبعات هذه التطورات بالنسبة لـ”إيران”. ومما لا شك فيه أن هاتان الاتفاقيتان، (هما اتفاقيات إبراهيم والعلا)، تتعارضان مع التوجه الإيراني وتهدفان إلى تدعيم نهج العرب ضد “إيران” خاصة؛ وأن (اتفاق إبراهيم) يتجاهل تمامًا أهداف العالم الإسلامي المشتركة، وبالتأكيد نهج “إيران” لنظام تأمين الخليج، لأنه يفتح المسار للعدو الأول بالنسبة إلى “إيران” لدخول هذه المنطقة الحساسة.
ورغم خطورة هذه التهديدات؛ يبدو أن “الجمهورية الإيرانية” تمتلك حلول متعددة للمواجهة، ففي المقام الأول ليست “إيران” الدولة الوحيدة التي تواجه مشكلة مع اتفاقيات التطبيع العربي مع “إسرائيل”، بل إن ضغط الرأي العام في العالم الإسلامي، والمظاهرات المتكررة ضد “الكيان الإسرائيلي”؛ في الدول التي وقعت اتفاقيات تطبيع مع هذا الكيان، وخوف الدول العربية المتحالفة مع “أميركا”، مثل “الكويت والسعودية” من التطبيع مع “إسرائيل”؛ إنما يثبت أن هذه المسألة ماتزال من المحرمات رغم صمت قيادات الكثير من الدول الإسلامية، وأن هذه المسألة سوف تحول دون إنضمام المزيد من الدول إلى هذه الآلية، لاسيما بعد إقصاء المصمم والداعم الأساس لذلكم التوجه، أعني “دونالد ترامب”؛ وصهره “غاريد كوشنر”، عن المشهد السياسي الأميركي.
في المقابل سوف ينتهج الرئيس الجديد، “جو بايدن”، نفس مسار سلفه الديمقراطي، (أي باراك أوباما)، ويركز بشكل أساس على المصالحة “الفلسطينية-الإسرائيلية”.
وعليه قد تستطيع “الجمهورية الإيرانية” بالتقدم على المسار الدبلوماسي، والإعلامي، والثقافي، وتأييد الرأي العام في العالم الإسلامي؛ من لفت إنتباه شعوب المنطقة إلى المقاطعة مع “الكيان الصهيوني”، والاستفادة من أدوات القدرة الناعمة من استمرار تطبيع ممالك الخليج وسائر الدول الإسلامية مع “إسرائيل”.
وبالنسبة لـ”اتفاق العلا” وعودة “قطر” إلى أحضان الدول العربية، يجب القول إن هذا السلام، رغم أهدافه المستترة، لا يمثل شيئًا يتعارض مع سياسات “إيران” الإقليمية.