خاص : كتبت – نشوى الحفني :
افتتح الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، عام 2021؛ بأزمة داخلية مع المعارضة، حيث تعرض إلى موجة من الهجوم الحاد، بعد تعليقات اعتبرت: “مهينة”، في حق النساء المحجبات العضوات في أحزاب المعارضة.
وشبّه “إردوغان”؛ وجود نساء محجبات في اجتماعات “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، بـ”عرض للنساء والأزياء”، مما أثار استياءً كبيرًا في أوساط الأتراك بشكل عام.
واعتبر الرئيس التركي، في التعليقات التي أطلقها، الجمعة، أن: “وجود عدد قليل من النساء بالحجاب لحضور بعض فعاليات الحزب كعارضات أزياء من أجل الحصول على الأصوات، لم يُعد يخدع أي شخص. لقد ولى زمن هذه الأمور”.
ردًا على تلك التصريحات، قال زعيم حزب الشعب الجمهوري، “كمال كليجدار أوغلو”، في تصريحات أبرزتها صحيفة (أحوال) التركية: “ماذا تقصد بنموذج عرض ؟.. لا مشكلة من جهتكم، لكن عندما نرى هذه المظاهر من حزب آخر، (غير حزب العدالة والتنمية الحاكم)، فهي عرض أزياء ونساء. على إردوغان أن يعتذر لجميع النساء المحجبات”.
وتابع “كليجدار أوغلو”: “لا يوجد إهانة للمرأة أكثر من هذه التعليقات. كلامك ليس صحيحًا. ماذا تقصد بعارضة أزياء ؟”.
واعتبر زعيم أكبر حزب معارض أن “إردوغان”: “يواصل إطلاق كافة أنواع الإهانات للأمة والمواطن، والنساء المحجبات وغير المحجبات”.
ووجه “كليجدار أوغلو”؛ حديثه للرئيس التركي، قائلاً: “هذا أمر مؤسف. إنه خطيئة لفصل المجتمع، أليس كافيًا ما تقوم به ؟.. فقط أصمت قليلاً، توقف عن إهانة الناس”.
وأردف: “كل من يقف إلى جانبك لطيف جدًا، وكل من هو ضدك فهو عدو. نحن نعيش معًا في هذا البلد. مكشوفات الرأس، محجبات، نساء، رجال، شباب. نحن نعيش معًا. أتركنا. على الأقل دع هذه الأمة تبتسم في اليوم الأول من عام 2021. أنا حقًا أتألم”.
تصريحات بالية..
ووصف زعيم “حزب الديمقراطية والتقدم”، (ديفا)، “علي باباجان”، تلك التصريحات بـ”البالية”، قائلاً في تغريدة على حسابه، أمس الأول السبت: “الرئيس والسياسيون التابعون له، الذين يحاولون تقييم الناس وفقًا لعرقهم ومعتقداتهم وملابسهم ولغتهم ومستوى معيشتهم، هؤلاء سياسيون عفا عليهم الزمن”.
عقلية قذرة..
إلى ذلك، انتقدت رئيسة “حزب الخير” التركي المعارض، “ميرال أكشنار”، تصريحات الرئيس التركي، معتبرة أن: “الشعب سئم من عقلية إردوغان القذرة”، بحسب وصفها.
وقالت “أكشنار”، في تغريدة على (تويتر)، أمس: “سيد رجب طيب إردوغان، بعد أن قُتلت 386 امرأة في بلادنا العام الماضي؛ تخرج وتهين النساء دون أدنى خجل. أذهب وأدِّ واجبك أولاً، وأحفظ أمن وسلامة النساء. لقد سئمت الأمة حقًا من هذه العقلية القذرة”.
يستخدم “الحجاب” لاعتباره ورقة رابحة..
في السياق ذاته؛ قال “سرقان أوزجان”، الناطق باسم “حزب المستقبل”، الذي يتزعمه، “أحمد داود أوغلو”، إن: “حديث إردوغان قد ولى زمانه، فلا يمكن الآن استقطاب المجتمع حول قضية الحجاب يا سيد إردوغان”.
وأشار إلى أن “إردوغان”: “استخدم الحجاب باعتباره ورقته الرابحة، ولكن من المحزن والمخجل أن يتم وصف امرأة ترتدي الحجاب بأنها عارضة أزياء”.
وأنطلقت حملة كبرى على مواقع التواصل الاجتماعي في “تركيا”؛ من نواب “حزب الشعب الجمهوري” وأعضاء الحزب، تحت وسم: (أعتذر يا إردوغان)، وأنضم للحملة فور مشاركة رموز المعارضة الآلاف من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
هجوم على نظام “إردوغان”..
على جانب آخر، تتواصل ردود الأفعال حيال انتشار أنباء عن اتجاه نظام الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”؛ لحل “حزب الشعوب الديمقراطي” الكُردي المعارض بالبلاد.
وفي هذا الصدد؛ شن قادة الحزب هجومًا على نظام “إردوغان”؛ بسبب السياسات والممارسات التي يتبعها ضد الحزب، وما أثير من اتجاهه وحليفه، “دولت باهجه لي”؛ لاتخاذ إجراءات فعليه لحله.
الهجوم جاء على لسان الرئيسين المشاركين للحزب، الحالية “برفين بولدان”، والسابق “سزائي تمللي”، بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة (آرتي غرتشك) التركية المعارضة.
وفي هذا السياق؛ قالت “بولدان”؛ إن ما أثير مؤخرًا من أنباء حول حل الحزب يكشف أن هناك تصدعًا كبيرًا في تحالف (الجمهور)، المكون من حزبي “العدالة والتنمية” الحاكم، بزعامة “إردوغان”، و”الحركة القومية”، الحليف الأصغر، بزعامة “باهجه لي”.
وأضافت “بولدان” قائلة: “يسعى حزب الحركة القومية، منذ فترة طويلة، إلى إنشاء أجندات مصطنعة. يفعل ذلك دومًا من خلال أطروحاته حول حزب الشعوب الديمقراطي أو صلاح الدين دميرتاش، (الرئيس المشارك الأسبق للحزب، والمعتقل حاليًا)، بكل وضوح”.
وأردفت قائلة: “ومثل هذه التصريحات، من حزب الحركة القومية، تكشف لنا أن هناك صدعًا في تحالف الجمهور، أو أننا نقرأ الأمور على هذا النحو. يحاول حزب الحركة القومية إنشاء أجندات جديدة من خلال استهدافنا ومحاولة إلصاق الجرائم بنا”.
كما شددت على أن: “تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية؛ قد أوصل البلاد إلى نقطة لا تشبه حتى سنوات الثمانينيات والتسعينيات، وعلى الرغم من أن عمليات إغلاق الحزب هي صفحات سوداء في التاريخ، إلا أنها لا تزال رسالة مموهة يرسلونها لبعضهم البعض من خلال حزب الشعوب الديمقراطي، بسبب الخلاف بينهم”.
واستطردت قائلة: “لذلك نعتقد أنه لن يكون هناك أي فائدة تعود على تركيا من مثل هذه التصريحات، بل إنها تدفعها للتراجع إلى الوراء بمزيد من الخطوات”.
وبيّنت “بولدان” كذلك؛ مشددة على أن: “سياسة إغلاق الأحزاب ستقوي وتوسع من انتشار تلك الأحزاب”.
مناورات سياسية غير قانونية ضد المجتمع..
من جهته، أوضح “سزائي تمللي”؛ أن: “تركيا تعيش فترة معاناة، بسبب مناورات سياسية غير قانونية، ضد المجتمع”.
جاء ذلك في بيان نشره الرئيس المشارك السابق للحزب الكُردي، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي، (تويتر).
وذكر “تمللي”، في بيانه أن: “وجود دستور لا يعني أن لديك دولة دستورية. العقلية التي تقول إن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بشأن دميرتاش، لا يُلزمنا، وكشفت مرة أخرى عن طغيان يسيطر عليه القانون”.
كما بيّن أن: “اتجاه الدولة التركية نحو الاستبداد؛ سوف يرتفع بسرعة خلال فترات الأزمة الاقتصادية والسياسية معًا”.
وأردف قائلا: “نعيش فترة من اللاشرعية مع جميع أنواع المناورات السياسية ضد المجتمع. إنهيار احترام القانون، جعل حالة الاستثناء دائمة، وكان القضاء الأداة الأكثر فاعلية لتدخل الحكومة في مواجهة المعارضة، خاصة العزل. الحكومة التي وصلت إلى نقطة لا تعترف بالقوانين أولاً، ثم الدستور”.
واستطرد قائلاً: “وأخيرًا قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بقرار دميرتاش الأخير، تواصل توسيع حدود الدولة السلطوية”.
وقالت وسائل إعلام تركية، السبت؛ إن: “تحالف الجمهور”، يستعد لاتخاذ إجراءات لغلق “حزب الشعوب الديمقراطي” الكُردي.
ذلك بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة (جمهوريت) المعارضة؛ من إنها من الكواليس السياسية.
الصحيفة؛ ذكرت أن التحالف المذكور يعتزم اتخاذ خطوات وإجراءات في هذا الصدد، استنادًا إلى المادة (68) من الدستور التركي التي تنص على أنه: “لا يحق للأحزاب السياسية التشجيع على ارتكاب جرائم”، في إشارة إلى اتهام الحزب الكُردي بـ”التشجيع على العنف”، خلال الأحداث التي وقعت يومي 6 و7 تشرين أول/أكتوبر 2014.
الصحيفة أوضحت كذلك؛ أنه من تلك الإجراءات التي يستعد النظام وحليفه لاتخاذها، منع المساعدات المالية عن الحزب الكُردي إلى جانب إمكانية قيام التحالف المذكور في وقت لاحق، بتقديم دعوى لإغلاق الحزب بموجب المادة المذكورة أعلاه.
تفصيل معارضة جديدة..
وفي وقت سابق؛ نشر “دولت باهجه لي”، حليف “إردوغان”، تغريدة قال فيها: “يجب إنهاء نشاط حزب الشعوب الديمقراطي؛ وعدم السماح له بالعمل مرة أخرى.. لا ينبغي إبداء أي تسامح مع أي منظمة حزبية تعتبر أن مرجعيتها هي الانفصالية العرقية والإرهاب”.
وجاءت تغريدة “باهجه لي”؛ بعد عدم توقيع “حزب الشعوب الديمقراطي” على بيان برلماني يُدين “العقوبات الأميركية” على تركيا.
كما أشارت الصحيفة إلى تصريح صدر مؤخرًا عن “إردوغان” نفسه؛ قال فيه: “تفصيل معارضة جديدة”، الأمر الذي اعتبره محللون أنه اتجاه من النظام نحو اتخاذ إجراءات فعلية ضد الحزب الكُردي.
تُجدر الإشارة إلى أن الحكومة التركية، تعتبر “حزب الشعوب الديمقراطي” الكُردي، الممثل في البرلمان التركي بـ 65 نائبًا، الجناح السياسي لـ”حزب العمال الكُردستاني”.
وتقوم السلطات التركية بين الحين والآخر؛ بالعديد من الممارسات للضغط على الحزب، وأعضائه، حيث شملت إقالة رؤساء بلديات منتخبين تابعين له من مناصبهم تحت ذريعة: “الإنتماء لتنظيم إرهابي مسلح والدعاية له”، في إشارة للحزب ذاته.
طمس الهوية الكُردية..
في سياق متصل، تواصل حكومة “العدالة والتنمية” في تركيا، انتهاكاتها بحق المواطنين الأكراد، وأحدث فصل بهذه التجاوزات قيام البلدية في مقاطعة “ماردين”، جنوب شرقي البلاد، بإزالة الحروف الكُردية في عدد من اللافتات الخاصة بالقرى.
وحسبما ذكر موقع (أحوال) المتخصص بالشأن التركي، فقد غيرت السلطات البلدية في “أرتوكلو” الواقعة بمقاطعة “ماردين”، التسميات الخاصة بالقرى ذات الأغلبية الكُردية، وذلك عبر استبدال الأحرف “إكس” و”دبليو” و”كيو”، المستخدمة في اللغة الكُردية، بالأحرف “إتش” و”كي” و”في” على التوالي.
وتفاعل السكان المحليون للتغييرات التي تم إجراؤها على اللافتات؛ بعد أن قالت البلدية عبر (تويتر): “نحن مستمرون في تركيب اللوحات الدالة على الاتجاهات والمسافات”، مما حفز سلسلة من الردود التي أشارت إلى أن العديد من أسماء القرى الكُردية تمت طباعتها بشكل غير صحيح، داعين إلى إصلاحها.
وفي غضون ذلك، قال عضو مجلس (أرتوكلو)، “محمد علي أماك”، إن “حزب الشعوب الديمقراطي”، سوف يتخذ خطوات لضمان تصحيح تلك اللافتات الخاطئة.
ونقل موقع (أحوال)، عن “أماك”؛ قوله: “سيكون هذا على جدول أعمالنا في أول اجتماع لمجلس الحزب هذا العام. نتوقع تصحيح هذا الخطأ”.
وكان حزب “العدالة والتنمية”، برئاسة “رجب طيب إردوغان”، قد فاز بمدينة “أرتوكلو” في انتخابات آذار/مارس 2019، بينما فاز حزب “الشعوب الديمقراطي”، الموالي للأكراد، بـ 65 بلدية؛ في معظمها من الأكراد، من المقاطعات الشرقية والجنوبية المأهولة بالسكان.
ويُدير أمناء معينين من قبل الحكومة التركية، اليوم 47 بلدية من تلك البلديات، وذلك في إطار حملة “أنقرة” القمعية لحزب “الشعوب الديمقراطي”، الذي تتهمه بالتعاطف مع حزب “العمال الكُردستاني” المحظور والعمل لصالحه.
وحظرت السلطات التركية وجرّمت استخدام اللغة الكُردية في الأماكن العامة، بعد انقلاب 1980 في تركيا، وتم إلغاء تجريمه في عام 1991.
واليوم تمّ إغلاق دور النشر ومؤسسات البحث باللغة الكُردية، ولا يسمح للسجناء بإرسال أو تلقي رسائل باللغة الكُردية.
كذلك لا يتم إدراج اللغة الكُردية – ثاني أكثر اللغات تحدثًا في البلد – في أنظمة الإعلان أو اللافتات متعددة اللغات، بالإضافة إلى أن عدد المواطنين الأتراك الذين تستهدفهم جرائم الكراهية، بسبب التحدث باللغة الكُردية، يتزايد باستمرار، وفق (أحوال).