التهديدات الصاروخية .. في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (2)

التهديدات الصاروخية .. في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (2)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

يبحث الجزء الثاني؛ من تقرير مؤسسة “إستكهولم” الدولية لأبحاث السلام، (Sipri)، (الذي حرره: حسين آرين، ونشرته إذاعة الغد الأميركية الناطقة بالفارسية)، حول ترسانة الصواريخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في الحاجة إلى رؤية جامعة لمكافحة الأخطار الصاروخية، تقوم على الشفافية، والتصدير المسؤول، وإجراءات بناء الثقة..

منظومة الدفاع الصاروخية..

تستثمر “إسرائيل” والدول العربية، بشكل كبير جدًا، في رفع قدرات منظوماتها للدفاع الصاروخي، كرد فعل على التهديدات الإيرانية القائمة والمحتملة، ناهيك عن الأطراف غير الحكومية.

وهو ما دفع “إيران”، في المقابل، إلى إنتاج صواريخ قادرة على تخطي الدفاعات الصاروخية لتلكم الدول.

وكان الاختيار الإسرائيلي للدفاع الجوي قد وقع على المنظومات المحلية، (القبة الحديدية) و(مقلاع داود)، فضلاً عن منظومة: (آرو يا بيكان)، ذات الإنتاج المحلي المشترك مع “الولايات المتحدة الأميركية”.

وتستفيد “المملكة العربية السعودية”، بالأساس، من منظومات متطورة مثل: (باتريوت) و(بك 3) الأميركية، وهي قادرة على التعامل مع الطائرات والصواريخ (الباليستية) و(كروز). مع هذا؛ تثير هذه المنظومة الشكوك بسبب الفشل في رصد الصواريخ الحوثية، عام 2017م. ولذلك اتخذت “السعودية” قرارًا بالاستفادة من منظومة (تاد)، ذات الفاعلية في التصدي للصواريخ (الباليستية).

وتأتي دولة “الإمارات” في المرتبة الثانية، بعد “السعودية”، من حيث الاستفادة من منظومات (تاد) و(باتريوت) و(بك 3) الأميركية. تليها دولتي “الكويت” و”قطر”؛ بمنظومات (باتريوت) و(بك 3) الأميركية، ومن المقرر أن تحصل دولة “البحرين” على نفس هذه المنظومات. وتستخدم “تركيا” منظومة الدفاع الجوي (S-300) الروسية.

رؤية جامعة إزاء المخاطر الصاروخية..

المخاطر الصاروخية في المنطقة ليست جديدة، لكن زيادة الاستخدام في السنوات الأخيرة ضاعف من هذه المخاطر، مع هذا ينصب الاهتمام على الحيلولة دون تطور المنظومة الصاروخية الإيرانية فقط، مع تجاهل التطورات الأخرى؛ مثل استفادة الدول الإقليمية وفوق الإقليمية من صواريخ (كروز) الجوالة.

وهذا القصور يحتاج إلى رؤية جامعة في مواجهة زيادة مخاطر التسليح الصاروخي بالمنطقة.

الشفافية أفضل من الاتفاقية متعددة الجوانب..

المعلومات عن ترسانات دول المنطقة، بما فيها الصواريخ، هي جزء من الأسرار العسكرية، وبعض من التعتيم يرتبط بعدم شفافية الدول فوق الإقليمية بشأن صادراتها من الصواريخ إلى هذه الدول.

وسوء الظن هذه الدول تجاه بعضها وسرية المعلومات عن الصواريخ، يزيد من الخطورة المترتبة على الآثار السلبية المحتملة لتلكم الصواريخ على أمن المنطقة.

وبمقدور دول المنطقة رفع مستويات الشفافية عن ترساناتها الصاروخية بالإنضمام إلى المعاهدات الدولية، مثل: “معاهدة لاهاي للحيلولة دون انتشار الصواريخ الباليستية”، والتي تراعي الشفافية وتضع بعض القيود الضرورية، كالإخطار قبل إطلاق الصواريخ (الباليستية) أو صواريخ الأقمار الصناعية.

وبإنضمام عدد (143) دولة إلى الاتفاقية؛ تستطيع دول المنطقة إطلاع “دائرة تسجيل الأسلحة التقليدية بالأمم المتحدة”، المعروفة باسم، (آنروكا)، على حجم وارداتها من الصواريخ أو الأسلحة بعيدة المدى.

ومن بين دول المنطقة؛ يبدو أن “إسرائيل” هي الدولة الوحيدة التي تخطر دوريًا دائرة (آنروكا) بوارداتها من السلاح، باستثناء الصواريخ. وسيكون من الجيد لو تتعامل كل دول المنطقة بنوع من الشفافية، لكن العقبات  السياسية، في أغلب هذه الدول، تحول دون ذلك.

وتتهم “مصر” و”إيران”، (معاهدة لاهاي)، بالتمييز، ورفضت “إسرائيل” التوقيع على المعاهدة. وترفض الجماعة العربية الإنضمام إلى (آنروكا)؛ لأن قراراتها غير مُلزمة.

الحاجة إلى إزالة الغموض في المقررات الدولية..

الضوابط الدولية للتنظيم والرقابة على واردات الصواريخ تتسم بالضعف؛ بسبب التفسيرات المختلفة. على سبيل المثال يجمع عدد (35) من الأعضاء على: “نظام السيطرة التكنولوجية الصاروخية”؛ بشأن القيود المشددة على تصدير الصواريخ (الباليستية) و(كروز) ذات القدرة على حمل مواد متفجرة زنة 500 كيلوغرام لمدى 300 كم على الأقل.

ووفق هذه المعايير؛ تصنيف هذه الصواريخ كأسلحة دمار شامل. في المقابل ينعدم الإجماع بشأن تعريف صواريخ الإبادة الجماعية أو الأنشطة الحيوية المرتبطة بإنتاج مثل هذه الصواريخ.

خطوات بناء الثقة..

تستطيع دول المنطقة، ببعض خطوات، بناء الثقة فيما يخص مسألة الصواريخ، التعاون من أجل شرق أوسط خالي من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الإبادة الجماعية.

لكن بناء الثقة، دون مشاركة “إسرائيل” مستبعد، تلك الدولة التي قاطعت أول مؤتمر لـ”الأمم المتحدة”، عام 2019م، عن بناء شرق أوسط خالي من أسلحة الدمار الشامل.

كما أن سياسة الغموض الإسرائيلي بشأن السلاح النووي، تعوق أي مفاوضات مثمرة بشأن الصواريخ، لكن يمكن القيام ببعض الخطوات بدون “إسرائيل”.

على سبيل المثال، قد ينجح الحوار الإقليمي في إلقاء المزيد من الضوء على دور الصواريخ داخل منظومة قدرات دول المنطقة العسكرية، وقد يُفضي إلى اتفاق بشأن بضرورة إخطار باقي دول المنطقة حال إطلاق الصواريخ.

الخلاصة..

انتشار الصواريخ في دول المنطقة؛ مؤشر ومصدر على عدم الاستقرار يرتبط بمشكلة الأمن المعقدة والصراعات القائمة.

من ثم لابد من السيطرة على صادرات الصواريخ وفرض القيود،مع الأخذ في الاعتبار لديناميكيات الأمن الإقليمي. ويجب أن تقترن الرؤية الدائمة للحيلولة دون انتشار الصواريخ في دول المنطقة، بمناقشة أسباب الصراعات بالمنطقة عن طريق خطوات بناء الثقة المقترن بتعاون جميع الدول الإقليمية وفوق الإقليمية، وكذلك التقييم الدقيق لسياسات تصدير السلاح إلى المنطقة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة