لقد أكرمني الله عز وجل بصديق مرهف الحس،رقيق المشاعر،دمث الخلق “وجل اصدقائي ولله الحمد والمنة،وأغلب من صادقتهم في حياتي كلها كذلك وقلما شذ منهم أحد عن هذه القاعدة أو خرج عن اطار هذه الدائرة،الا أن صديقي هذا يتميز عن البقية بخصلة انسانية وشرعية جميلة جدا الا وهي إماطة الأذى عن الطريق ومنذ أمد ليس بالقصير وبصره لايكاد يخطئ بقية زجاج مكسور،بقايا عظم مرمي وسط الرصيف أو في الشارع ، وما يبصرايا منها الا ورفعها ما تسنى له ذلك،وقد طرأ جديد على هذه الخصلة الحميدة عنده منذ عام تقريبا متمثلا بـ”رفع المسامير ..البراغي ونحوهما “من الرصيف والشارع !
بالأمس خرجت مع هذا الصديق العزيز في رحلة طويلة سيرا على الأقدام لأن رحلات ومسيرات الأقدام الطويلة تلك أو -رينو 11-كما يحلو للعراقيين تسميتها تهكما أحيانا،ودعابة أحايين من شأنها أن تريك جانبا من هذا العالم،تلتقط لك زوايا من هذا المجتمع،تلخص لك مشاهد من هذا العراق،لن تراها راكبا قط شخصيا أطلق على هذه المشاهد والزوايا واللقطات غير المتاحة والتي لاتتسنى للراكبين ولو على دراجة هوائية مصطلح – فلسفة الأرصفة ووجع الطرقات – فذرع تلكم الأرصفة مشيا هي ملهمتي لكتابة مقالاتي ويوم اقرر التوقف عن المشي فسأتوقف حينها عن الكتابة لامحالة ..المهم ..خرجت مع الصديق إياه في رحلة ليست بالقصيرة عثر خلالها على ما لايقل عن 15 مسمارا لم أر أيا منها وقد أماطهاعن الطريق في أماكن متفرقة ومتباعدة وهو يصلي مع كل مسمار يميطه عن الطريق على النبي صلى الله عليه وسلم …
ومع رفع المسمار رقم 15 سألته سؤالين لم أعد قادرا على كتمانها وكان لابد لي من سؤالها اياه ..الاول “كيف يمكنك رصد كل هذه المسامير وكيف يتسنى لك رؤيتها مع ان نظرك ضعيف ؟” اما الثاني فلماذا تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مع كل مسمار ترفعه عن الارض وترميه في مكان آمن ،هل هذه سنة لا أعلم بها ،أم ماذا تحديدا ؟ فقال : – اذا نويت عملا صالحا صغر ذلك العمل أم كبر ،قل أم كثر ، ومن ثم هممت بفعله واقعا بإستمرار”لأن خير العمل أدومه وإن قل” فسيظهره الله تعالى لك في كل مكان كالرزق تماما ومن حيث لاتحتسب ،حتى تقبل عليه فتكسب بفعله اجرا في كل مرة ليكون وبمرور الايام بمثابة مغناطيس يقول لك ها آنذا ياعبد الله فهلم الى الاجر والثواب واصنعني ..وكأني بتلكم المسامير تقول لي”هاانذا مرمية في طريق الناس وسأوذيهم ، سأتلف اطارات عجلاتهم ، سأوقع كارثة بكبير في السن رجلا كان او امرأة مصاب / مصابة بالسكري واذا ما وطأني أحدهما غافلا فسيصاب بالقدم السكري ولن يتعافى من الكارثة الا بصعوبة بالغة وربما سينتهي به الحال ببتر قدم أو ساق ،ارفعني رحمك الله من هاهنا واكسب برفعي اجرا ،واحم الغافلين والذاهلين عني من خطري ومن شري !!” . – اما عن سؤالك لماذا اصلي على خير الخلق كلهم صلى الله عليه وسلم “مع كل مسمار ارفعه وكل اذى اميطه عن طريق الناس ،فذاك لأن النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم هو من علمني ذلك كله ولولاه ما علمته وما صنعته وهو القائل : “الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ” ، وهو القائل فداه امي وابي : “بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له”، وهو القائل “وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ” ، وقوله صلى الله عليه وسلم :”لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ” ، وقوله صلى الله عليه وسلم :” عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ”. ولله در القائل : ياسيدي يارسول الله كم عصفت .. بي الذنوب وأغوتني ملاهيها وكم تحملتُ أوزارا ينوء بها .. عقلي وجسمي وصادتني ضواريها لكن حبك يجري في دمي وأنا .. من غيره موجة ضاعت شواطيها ياسيدي يا رسول الله اشفع لي ..إني افتديتك بالدنيا ومافيها والان تأمل معي لو، ان”صائد مسامير..صائد بقايا زجاج ..صائد بقايا عظم ..صائد شوك..صائد اذى مهما كان جنسه ونوعه وصفته وصنفه “في طريق الناس كصاحبنا آنف الذكر يسارع لرفعها كلها وكلما ابصرها متطوعا ومتواضعا لايريد من الناس جزاءا ولا شكورا لحماية خلق الله من اذاها ومن شرها المستطير وإبتغاء مرضاته سبحانه،قد اصبح وزيرا ،نائبا ،امينا للعاصمة ،رئيسا لمجلس محافظة،مديرا لمجلس بلدي،قائممقاما،رئيسا لحزب أو كتلة أو تيار،مديرا لدائرة ،مديرا لقسم ،مديرا لشعبة ،مديرا لمدرسة ،عميدا لكلية ،رئيسا لجامعة، نقيبا لأية نقابة مهنية ،مختارا لمحلة ،وماشاكل ،فهل تراه سيترك حفرة في شارع رئيس او خدمي من دون أن يردمها؟ هل سيذهل عن مطب صناعي يعترض سبيل المارة -اقامه مغتر بماله على حين غفلة من القانون – من دون ان يزيله ؟ هل سيغفل عن تجاوز على رصيف عام -اجترأ عليه سفيه من السفهاء وما اكثرهم في ميزوبوتاميا- من دون أن يقتلعه من جذوره ويعاقب المتجاوزين عليه ؟ هل سيغض الطرف عن جدار كونكريتي يقتطع الشارع العام من دون وجه حق اقامه – مختال بنفسه ،بمنصبه ،بحسبه ،بنسبه ، بميليشياته ، بعشيرته،بحزبه – من دون ان يرفعه ويحيل المخالفين الى الجهات المعنية غير آبه بضجيج الكونكرتيين الجدد وصخبهم ؟ هل سيغض الطرف عن كومة نفايات كجبال الهملايا ترمى في طريق الناس – من قبل بعض الناس – من دون ان يزيلها ويثقف بإزالتها ويعاقب المخالفين برميها بأشد العقوبات ولايخشى في النظافة والطهارة والاناقة والحضارة وتطبيق القانون لومة لائم ؟
العراق اليوم بحاجة الى – صائدي مسامير لايخيفهم عشاق الفوضى العارمة ولا كارهي القانون ولا ومفصلي النظام على مقاسهم، ولن يفت في عضدهم أشباه الخنازير اطلاقا -فإما أن يطبق القانون حرفيا والنظام بحذافيره على الجميع بالتساوي لتتحقق العدالة القضائية وتتجسد العدالة الاجتماعية ..او على الجميع السلام بغياب سلطة القانون وحلول شريعة الغاب حيث قوانين المخلب والناب محلها.اودعناكم اغاتي.