في منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي ، حدث أمر نادر ، وربما لأول مرة بتاريخ الصفحات الثقافية في العراق ، إذ كتب مالك المطلبي في جريدة الجمهورية – الصفحة الثقافية – مقالة إنفعالية فيها هجوم عدواني على الناقد علي جواد الطاهر ردا على ما كتبه الطاهر من رأي إعترض فيه على مبالغات النقاد العرب في الإحتفاء بالبنيوية ، مما أثار غضب المطلبي بشكل صادر حق الطاهر في إبداء وجهة نظره بوصفه ناقدا مخضرما إطلع على البنيوية في ينابيعها عند دراسته في فرنسا .
الحدث النادر الذي حصل هو ان الناقد عناد غزوان كتب رداً على المطلبي دفاعا عن الطاهر ، ولكن الصفحة الثقافية نشرت جزءا صغيرا من الرد ، ونشر بقيته في صفحة (( التتمة )) ما قبل الأخيرة وهو مكان مهمل لايليق بمادة ثقافية ، وكانت صدمة للقراء حصول ذاك التصرف مع ناقد كبير وأكاديمي مرموق مثل الدكتور عناد غزوان ، فقد جرى العرف الصحفي ان الصفحة الثقافية تنشر المواد كاملة في نفس الصفحة ، وان (( التتمة)) عادة تخص الأخبار السياسية العادية ، و ما أقدمت عليه الصفحة الثقافية يعد خلاف العرف المهني وقيم إحترام مكانة الكتاب وأهمية المادة !
وعند تحليل دوافع جريدة الجمهورية .. نجد ان الناقدين : علي جواد الطاهر وعناد غزوان كانا مستقلين لاينتميان الى صفوف حزب البعث ، وان مالك المطلبي (…) مما دفع الجريدة للإنحياز الى جانب المطلبي بحكم كونها صحيفة السلطة ، ليس هذا فقط بل فتحت الجمهورية المجال للمطلبي الى مهاجمة شخصيات أخرى من الأدباء والنقاد إستخدم فيها لغة عدوانية بعيدة عن جمالية الأدب ورصانة الفكر ، وكان يرأس تحرير الجمهورية حينها سامي مهدي ، ومسؤول القسم الثقافي ماجد السامرائي !
اليوم ونحن نعيش نعم إختراع الانترنت بفضل الولايات المتحدة الاميركية والذي غير وجه الحياة في التواصل ونقل المعلومات والمعرفة ، نستذكر تلك الأيام التي عانت منها الشعوب في كل مكان من الأرض ، وكيف كانوا يعانون من القمع ومنعهم من التعبير عن آرائهم ومشاعرهم في ظل احتكار وسائل الإعلام من قبل السلطات القمعية !.