مجموعة من المؤسسات الامريكية الإعلامية منها ( فورين بوليسي ) و ( الحرة ) نشرت تقريراً عن أولويات الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن , وجعلت الازمة الاقتصادية العراقية على رأس تلك الأولويات . وقبل النظر الى الغرابة في ان تكون القضية العراقية مهمة أكثر من غيرها بالنسبة لرئيس دولة كبرى في العالم من حيث رؤية الإعلام الأمريكي ومن حيث رؤيتنا يجب إدراك عدة حقائق .
ان الإجماع على فساد مجمل الحكومات العراقية بعد سقوط النظام الديكتاتوري الصدامي البعثي الوحشي – الحليف السابق للولايات المتحدة – أمر لا يجب الخروج عنه او انكاره , لكن مع هامش من حرية التعبير والتغيير .
وان الأحزاب الكردية الرئيسة في شمال العراق كانت حجر عثرة امام بناء دولة عراقية موحدة قوية , حرصاً على مصالحها القومية والعائلية .
وان بقايا البعث والايدولوجيا الطائفية لعبت دوراً حاسماً في تفشي وباء داعش الإرهابية التي يكاد يجمع المراقبون على تحقيقها لمصالح الدول ( الاستعمارية ) القديمة .
وان ظاهرة تولي من لا يفهم ما لا يفهم من المناصب السياسية والادارية لأسباب حزبية كانت أخطر من الفساد المالي في العراق , وان الوجود الأمريكي كانت متحكماً في الطيف المالي والمخابراتي العراقي بقوة منذ 2003 م .
وان استفحال ظاهرة المليشاوية كانت رغبة دولية لا محلية فقط لاشغال العراقيين بالصراع الداخلي من اجل تمرير عدة مصالح إقليمية وعالمية لم تكن لتمر دون تفرقة , ولهذا تمت اكبر عملية نصب وسرقة علنية تحت مظلة القانون للنفط العراقي في اطار جولات التراخيص دون أن تكون مجمل الفصائل العراقية جدية في دراسة واعتراض هذه الخطورة التي يدفع ثمنها الاقتصاد الوطني حالياً وتتنعم بغنائمها غير المعقولة دول مثل الولايات المتحدة والصين وأوروبا .
وان سذاجة قادة الفصائل العسكرية الحزبية المعارضة للوجود الأمريكي تسببت وتتسبب بتفوق العنصر المخابراتي الغربي داخل الأراضي العراقية , ومن ثم مزيد من الفساد – وهو وجه علني للسياسيين الامريكان في بلادهم ذاتها حيث يسيطرون على النظم الأمنية والمصرفية والاقتصادية ويتاجرون بالممنوعات كالمخدرات – وبالتالي كلما ازداد العقل المليشياوي عسكرة ازداد الامريكان تخريباً للبنية العراقية .
حتى وصلت البلاد الى أسوأ مرحلة إدارية في تاريخها من خلال تسليم أهم منصب فيها لشخصية سفيهة تمثلت في مصطفى الكاظمي , من خلال صفقة تديرها الولايات المتحدة التي عمل الكاظمي مع مواطنها ( كنعان مكية ) كما عمل مع الحكومة البريطانية .
مع صمت مدروس ومطبق لمؤسسات نخبوية واجتماعية ليس من وظيفتها السكوت على ما يجري في العالم فضلاً عما يجري قريباً منها .
يسير التقرير الإعلامي الأمريكي باتجاه حتمية انهيار الاقتصاد العراقي ( الهش ) , ومن ثم حدوث الفوضى الشعبية , التي تعني سقوط النظام السياسي , ومن ثم الحرب الاهلية التي تعني سقوط المصالح النفطية والأمنية للولايات المتحدة والغرب في هذه البلاد , لا سيما مع تدخل دول الجوار ايران وتركيا والسعودية جميعاً لتحقيق مصالحها وزيادة الطين بلة . ومن ثم على الامريكان توفير قروض شهرية مشروطة للحكومة العراقية , تتضمن اهم بندين يجب على حكومة بايدن فرضهما على العراق المتمثلين بالتقشف كوسيلة إدارية وتفكيك مؤسسة الحشد الشعبي ودمجها في الجيش العراقي كأفراد لا كمؤسسة .
ومن الواضح ان الشرط الثاني لا علاقة له بالوضع الاقتصادي , لذلك هو يقود الى رؤيتنا الشخصية – التي تستند الى معطيات أخرى سابقة وحاضرة – من ان الإدارات الحكومية الامريكية تقود – بعد فشلها في تطبيق صورة طبق الأصل لتجربة وأد الإرادة الشعبية في مصر من خلال الانقلاب العسكري بقيادة السيسي الديكتاتور الأفظع على الأرض العراقية – تحاول قيادة العراق نحو الهاوية الاقتصادية , لتخيّره عند حافتها بين رواتب الموظفين ومؤسسة الحشد الشعبي .