خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
في معرض تعليقه على إنخراط العسكريين في العمل السياسي، قال مؤسس الجمهورية الإيرانية: “العالم بأسره يسعى لإقصاء العسكريين عن السياسة…”.
والواقع أن “علي لاريغاني”، هو أول شخصية تتمتع بسابقة عسكرية تخوض غمار العمل الإداري بعد الثورة. وكان قد إنخرط في صفوف (الحرس الثوري)، عام 1982م، وترأس حتى الآن “وزارة الثقافة والإرشاد”، و”الإذاعة والتليفزيون”، و”البرلمان” مدة ثلاث دورات متتالية.
كذلك من جملة العسكريين الذين لعبوا دورًا على الساحة السياسية والتنفيذية للدولة؛ يمكن الإشارة إلى “محسن مهرعلي زاد”، وهو من الوجوه العسكرية التي قررت خوض منافسات الانتخابات الرئاسية في دورتها العاشرة.
وكذلك ترأس “رستم قاسمي”، وزارة النفط و(قاعدة خاتم الأنبياء)، وترشح “محسن رضائي”، للانتخابات الرئاسية في الدورات التاسعة والعاشرة والحادية عشر، وشغل “صادق محصولي”، منصب وزير الداخلية في الحكومة العاشرة، ويرأس “محمد باقر قاليباف”، البرلمان الحادي عشر وترشح للانتخابات الرئاسية في دوراتها الثلاث الأخيرة.
ومؤخرًا أحتدم النقاش بين مؤيد ومعارض عن إمكانية مشاركة العسكريين في الانتخابات الرئاسية 2021م، لكن يبدو أن الأصوليين أكثر شوقًا للموضوع.
لكن ورغم الأسئلة حول فرص العسكريين بالفوز، حال الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال العميد “إسماعيل كوثري”، مستشار القائد العام لـ (الحرس الثوري): “الشعب لا يخاف من رئيس جمهورية عسكري”.

وفي هذا الصدد أجرت صحيفة (ستاره صبح) الإيرانية؛ المحسوبة على “التيار الإصلاحي”، الحوار التالي مع الدكتور “أحمد نقيب زاده”، أستاذ العلوم السياسية جامعة “طهران”، و”محمد صادق جواد حصار”، الصحافي والمحلل السياسي.
قوة المجتمع المدني هي الفيصل..
“ستاره صبح” : تصريحات آية الله “الخميني” المتعددة؛ تعكس مدى حساسيته إزاء ممارسة العسكريين للعمل السياسي واحتمالات تدهور الأوضاع والحريات واختلاط العسكري بالسياسي.. ومؤخرًا يبدو أن البعض يسعى، دون إلتفات إلى تحذيرات قائد الثورة، للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. وهو موضوع يحوز أهمية قصوى، لاسيما حين يتضح دعم تيار معين لتلكم المسألة..
“د. أحمد نقيب زاده”؛ عبر عن أمله في تولي شخصية مدنية تتمتع بالقدرات الإدارية اللازمة دفة السلطة التنفيذية، وقال: “مسألة تولي السلطة عسكري؛ لها سوابق حتى في دول مثل أميركا وفرنسا، لكن كيف يمكن أن تستخلص الأداة العسكرية من رئيس الجمهورية العسكري، الموضوع منوط بقدرة المجتمع المدني والمؤسسات الشعبية”.
وأضاف: “على سبيل المثال، ترأس الجنرال (آيزنهاور) الولايات المتحدة الأميركية، وقد جعله أداءه أحد أكثر الرؤساء شعبية في الولايات المتحدة. كذلك قدم الجنرال (ديغول) في فرنسا خدمات ملفتة للإنتباه لا يمكن إنكارها”.
وحول المخاطر المحتملة لاستلام عسكري السلطة التنفيذية؛ أردف: “عادة ما يتقدم العسكريون سريعًا في العمل، وهو ما قد يؤدي إلى أخطاء يستحيل إصلاحها”. وشدد على ضعف المجتمع المدني في إيران، وصعوبة ظهور مؤسسات شعبية ومدنية في ظل دولة يرأسها عسكري، وقال: “نعلم جيدًا ماهية الوجوه العسكرية التي يتحدثون عن ترشحها في انتخابات 2021م، والتيار الذي يدعمهم والجماعات التي تسعى للقوة بصعود هؤلاء العسكريين للسلطة. وهذه المسألة تزيد من خطورة التشدد وقد تنتهي إلى عصيان مدني. لذلك آمل أن تقع رئاسة الجمهورية في يدي مدني يتمتع بالمهارات الإدارية”.

لا يستطيع تجاهل طبيعته العسكرية !
من جانبه؛ يوضح “محمد صادق جواد حصار”: “إذا تمكن شخص يتمتع بالقدرة من المنظور الإداري، والسياسي، والاقتصادي؛ من إدارة الدولة، بغض النظر عن خلفياته العسكرية، فلا مشكلة. لكن لو تؤثر شخصيته وطبيعته على إدارة الدولة فأنا أعارض، وأعتقد أن السلطة التنفيذية هي ساحة لتضارب الأفكار وتفاعلها على العكس من العسكرية”.
وعن وجود آلية للحيلولة دون انتخاب رئيس عسكري، أجاب عضو اللجنة المركزية بحزب “الثقة الوطنية”: “هذا الموضوع موجود في الدستور، حيث رئيس الجمهورية هو أي شخص ينصاع لأوامر القيادة العامة للقوات، وأعني آية الله (علي خامنئي)، بغض النظر عن خلفيته، لكن ما يثير قلقي أن أي قائد عسكري في منصب رئيس الجمهورية لا يستطيع تجاهل طبيعته العسكرية، وأن يعتبر نفسه كجندي أو قائد عسكري في التعامل مع القيادة العامة للقوات. وبالتالي لن يستطيع تمثيل الناخبين فيما يخص الشأن السياسي.. وفي العادة يكون رئيس الجمهورية العسكري أكثر إنغلاقًا في دعم المواقف الشعبية في الموضوعات الخاصة؛ مقارنة برئيس مدني. في حين يتعين عليه تبني سلوكيات ديمقراطية باعتباره رمز الجمهورية”.