17 أبريل، 2024 2:46 م
Search
Close this search box.

بين حماية حقوق الصحافيين وتحصين حقوق الشرطيين .. حرية التعبير مأزومة في فرنسا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن المشاكل التي يعانيها ملف الحريات داخل المجتمع الفرنسي بدأت تظهر واحدة تلو الأخرى.. فتظاهر الآلاف في فرنسا، أمس السبت، احتجاجًا على قانون أمني مزمع، اعتبروا أنه: “يضع قيودًا على حرية الصحافة”.

وأنطلقت الاحتجاجات في مدن “باريس وليل ومونبلييه”، ضد مشروع القانون، الذي أقرته “الجمعية الوطنية” جزئيًا في قراءة أولى، وينص على: “عقوبات لنشر صور قوات الأمن”.

تلك الاحتجاجات جاءت بناءً على دعوة من جمعيات الصحافيين ومنظمات لحقوق الإنسان، التي أعربت عن مخاوفها بشأن إمكانية تدخل واسع في حرية الصحافة.

من جهتها، قالت نقابات الصحافيين؛ إن: “الشرطة تمنح الضوء الأخضر لمنع المراسلين من أداء عملهم واحتمال توثيقهم لإنتهاكات محتملة”.

ومن المتوقع التصويت نهائيًا على تلك الخطط أوائل الأسبوع المقبل.

وتنص المادة (24) من مشروع القانون على عقوبة تصل إلى السجن لمدة عام وغرامة قدرها 45 ألف يورو، (54 ألف دولار)، لمن يُدان بنشر صور تظهر وجوه ضباط شرطة أو تسمح بالتعرف عليهم بما يؤدي إلى الإضرار بـ”سلامتهم الجسدية أو النفسية”.

وتستهدف التشريعات المقترحة أيضًا؛ حملات وسائل التواصل الاجتماعي التي تكشف الضباط والأفراد.

ودائمًا ما يقول رجال الشرطة أنهم يواجهون خطرًا شخصيًا كبيرًا أثناء أداء واجبهم، وقد أصيب العشرات منهم خلال الاشتباكات مع المتظاهرين في السنوات الأخيرة.

هذا القانون تقدم به النائبان من حزب الرئيس، “إيمانويل ماكرون”، (الجمهورية إلى الأمام)، “أليس تورو” و”جان ميشال فوفيرغ”، في آذار/مارس عام 2019، بعد موجة احتجاجات “أصحاب السترات الصفراء”، التي شهدتها فرنسا، وعاد وقدمه وزير الداخلية، “غيرالد دارمانان”، خلال السنة الجارية.

الكثيرون اعتبروا أنه حدًا من حرية التعبير، خصوصًا أن صورًا ومقاطع فيديو وثقها ناشطون وصحافيون لعنف الشرطة وأجهزة الأمن الفرنسية؛ ساهمت بشكل كبير في متابعة المنتهكين للقانون قضائيًا.

ومن أبرز القضايا في هذا السياق؛ “قضية بنالا”، التي تسببت بفضيحة للرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، بعد قيام مساعده الأمني ومساعد مدير مكتبه، “ألكسندر بنالا”، بقيادة فريق من الشرطة خارج إطار القانون والإعتداء على ناشطين في عيد العمال، في آيار/مايو عام 2018.

فرض عقوبات على مفتعلي الشغب..

وفي إطار ما هو مثير للجدل، يشار إلى أن مشروع القانون كان في بدايته ينص على فرض عقوبات على من تصفهم الحكومة بـ”مفتعلي الشغب”، وسمي القانون على اسمهم، قبل أن تُلحق به الحكومة فقرة تتعلق “بحماية مسؤولي الشرطة والجيش والأمن” في إطار قانون “الأمن الشامل”.

سيظل حبيس الأدراج ويستهدف حماية من يحمون البلاد..

تعليقًا على فقرات هذا القانون، يقول الكاتب العام لنقابة الشرطة، “ميشيل طوغي”: “لا أرى سببًا لكل هذه الضجة المثارة حول هذا الموضوع، القانون سيبقى حبيس الرفوف كعدة قوانين أخرى ولا أظن أن محاكمنا ستطبقه بالشكل الذي أتى عليه، سيكتفون بالتذكير ببعض بنوده وهذا لن ينفع الشرطة في شيء”.

وأضاف الشرطي النقابي متأسفًا: “زملاءنا في العمل يتعرضون للخطر بسبب نشر هذه الفيديوهات، سواء إعلاميًا أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وأحيانًا يتم تهديدهم والدعوة إلى العنف ضدهم، كما يتم التعرف على عناوين سكنهم؛ ما يزيد الأمر خطورة، وهذا القانون دافعه الأساس هو حماية من يحمون أمن البلاد”.

إطلاق عريضة تطالب بعدم المصادقة..

وفي إطار التعبير عن الرفض القاطع لتمرير هذا القانون، أطلق صحافيون وناشطون في مجال الحريات وحقوق الإنسان؛ عريضة على الإنترنت تطالب الحكومة بعدم المصادقة على هذا القانون.

جاء فيها: “إذا مُرّر هذا القانون، فإن إفلات الشرطة من العقاب سيكون أكبر. يجب أن نمنع هذا، من أجل جميع ضحايا الشرطة وكل أولئك الذين سيكونون ضحايا. لن ندعهم يقفون في طريق حرياتنا الأساسية”.

كما نظمت العديد من المنظمات النقابية للصحافيين ورابطة حقوق الإنسان مظاهرة أمام البرلمان، يوم الثلاثاء 17 تشرين ثان/نوفمبر الجاري؛ احتجاجًا على مشروع القانون الجديد.

إشكاليتين في القانون..

وفي تصريح لموقع (سكاي نيوز عربية)، تعتبر الكاتبة العامة بالنقابة الوطنية للصحافيين في فرنسا، “دومينيك برادالي”، أن ما يطرح مشكلة هو نقطتان أساسيتان: “المادة (24)، التي تمنع الصحافيين من تصوير عناصر الأمن في الأماكن العامة وفي الشوارع، تحت طائلة عقوبة السجن، رغم أن الدستور الفرنسي يسمح بحرية التعبير والوصول إلى المعلومة. والمادة (22) التي تعمم استخدام طائرات الاستطلاع بدون طيار، (درون)، في المظاهرات أو في قضايا الإرهاب أو في أي أمر آخر، ما يسمح بتحديد ملامح الصحافيين ومصادرهم، وبالتالي مس بند أساس من بنود أخلاقيات المهنة الذي يحفظ سرية المصادر”.

وتوضح أن حماية مصادر معلومات الصحافيين مكفولة في “أوروبا” بموجب المادة (10) من “الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”، وفي “فرنسا” بموجب قانون عام 2010، الذي ينص على أن سرية مصادر الصحافيين محمية.

وتضيف أن الشرطة في الأماكن العامة يجب مراقبتها هي أيضًا، كما أن صورهم ليست في ملكهم بمجرد تواجدهم في مكان عام، والصحافي ما هو إلا شاهد على ما يجري في الدول، مهمته إعلام الجمهور، لهذا يجب أن يسمح له بممارسة عمله في ظروف أحسن.

منع 200 صحافي من العمل في فرنسا..

وتلاحظ الكاتبة العامة أنه على مدار العامين الماضيين، تم منع 200 صحافي من العمل في “فرنسا”، عبر تعنيفهم من طرف قوات الأمن ومصادرة أدوات إشتغالهم.

وتعبيرًا عن رفضها الكبير لقانون “الأمن الشامل”، نظمت “النقابة الوطنية للصحافيين” وقفة، أمس السبت، في ساحة “تروكاديرو”، في باريس، مع صانعي الأفلام وكتاب السيناريو.

إنتهاك لحرية الإعلام وتقييد لحرية التعبير..

من جانبها؛ ترى الناشطة الحقوقية، “لييزيل ترانزلر”، أن هناك إنتهاكًا لحرية الإعلام وأيضًا تقييدًا لحرية التعبير.

مضيفة أنه: “يبدو الأمر كما لو أن الحكومة صادقت على قانون لقتل الحرية”.

وتوضح أن النص (24) سيعدل قانون 1881، الذي يحكم حرية الصحافة. “إذ وفقًا للمادة (24)، يتعرض أي شخص، بما في ذلك الصحافيون، لغرامة قدرها 45000 يورو والسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ. قد يؤدي هذا النص إلى اعتقال الصحافيين في الميدان، وكذلك الصحافيين غير المحترفين الذين أعتادوا على بث المعلومات مباشرة على الشبكات الاجتماعية”.

استخدام مفرط للقوة..

وتعتقد “ترانزلر” أن الحكومة الفرنسية تريد تفعيل هذا القانون؛ لأنه لوحظ خاصة أثناء مظاهرات “السترات الصفراء” أن استخدام القوة كان أحيانًا غير متناسب في بعض الحالات.

وتستطرد قائلة: “كلنا نتذكر صور الجرحى والمشوهين خلال أحداث السترات الصفراء. وبفضل هذه المشاهد، تم التحقيق مع ضباط الشرطة الذين استخدموا القوة في غير محلها”.

مشيرةً إلى أن: “هناك العديد من المنظمات الحقوقية التي تعارض هذا المشروع أيضًا، بما في ذلك نقابات الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان. وكذلك الأمم المتحدة التي دعت رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، إلى احترام المعاهدات الدولية وتوصيات الأمم المتحدة”.

وختمت حديثها على أنهم يتحركون حتى لا تنتهك حقوقهم كمواطنين ومدافعين عن الحقوق والصحافيين.

فرضت قيود على الحق في حرية التجمع السلمي..

يُذكر أنه كانت “منظمة العفو الدولية” قد أشارت في تقريرها السنوي الأخير؛ حول الحريات في فرنسا إن السلطات فرضت قيودًا غير متناسبة على الحق في حرية التجمع السلمي.

كما أصيب الآلاف من المحتجين بجروح على أيدي أفراد الشرطة، أو أُلقي القبض عليهم بسبب جرائم واهية تحظى بالحماية بموجب قانون ومعايير حقوق الإنسان.

هذا وتعرض مراقبو حقوق الإنسان والصحافيون المستقلون وناشطو البيئة والناشطون المدافعون عن حقوق اللاجئين والمهاجرين للترهيب والمضايقة المتكررين من جانب الشرطة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب