إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس( أبو مازن) بإعادة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال إلى ما كانت عليه قبل 19 أيار الماضي، بما فيها التنسيق الأمني، بحجة أن المؤسسة الاحتلالية الإسرائيلية أكدت التزامها بالاتفاقات المبرمة بين الطرفين، هو ضربة قاسمة، ونسف لكل الجهود الوطنية المبذولة لإنهاء الانقسام واستعادة وحدة الصف الوطني وتحقيق المصالحة الوطنية، على ضوء الاجتماعات الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية، وسيعمق التناقضات الفلسطينية- الفلسطينية، والشرخ في الشارع الفلسطيني أكثر، ويشكل تراجعًا غير مبرر لقرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية بقطع العلاقات والتنسيق الأمني مع سلطة الاحتلال، على أثر خطة الضم وصفعة القرن.
فماذا عدا مما بدا ؟ وما الذي تغير حتى تعيد السلطة الفلسطينية علاقتها مع الاحتلال.؟!
فهل تراجعت اسرائيل عن سياسة الاستيطان ولاءاتها المعروفة،وخطة الضم؟ وهل اعترف حكام اسرائيل بالحق الفلسطيني المشروع، وهل هم معنيون فعلًا بالسلام ؟!.
في الواقع أن اسرائيل لم تغير من سياستها ومن مخططاتها الكوليونالية الاستيطانية التوسعية، والمفاوضات على ما يربو ربع قرن أثبتت فشلها، وزادت حكام اسرائيل شراسة وغطرسة وعنجهية، ولم تحقق سوى المزيد من التوغل الاستيطاني وكسب المزيد من الوقت لتكريس الاحتلال.
إن إعادة العلاقات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال يجيئ استجابة لضغوطات بعض الأنظمة العربية المتساوقة مع المشروع الامبريالي الصهيوني الاستعماري الرجعي، عقب انتخاب بايدن رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، وكأنه المسيح المنتظر والمخلص القادم، وبانه سيلبي مطالب الشعب الفلسطيني وأحلامه في الحرية والاستقلال. فهو لا يختلف عن غيره من ساسة وحكام أمريكا، ولن يحيد عن سياستها الخارجية وانحيازها السافر لإسرائيل ربيبتها في الشرق الاوسط.
إن إعادة العلاقات هو انقلاب وانحراف عن المسار الوطني، ويمثل طعنة للجهود المبذولة نحو انهاء الانقسام وبناء شراكة وطنية واستراتيجية نضالية لمواجهة الاحتلال والضم والتطبيع وصفقة القرن، ويأتي في ظل الاعلان عن آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية في محيط مدينة القدس.
السلطة الوطنية الفلسطينية مطالبة بالتراجع عن هذا التخبط والقرار المذل والمهين، وترك المراهنة على بايدن وغيره من أنظمة الردة والعار العربية. فالمطلب الشعبي والجماهيري، والارادة الوطنية الفلسطينية تكمن وتتحدد بالاصطفاف الفصائلي واللحمة الوطنية والتمسك بالثوابت ورفض كل أشكال العلاقة مع الاحتلال، ما لم تتوقف اسرائيل عن مشاريعها الاستيطانية الاحتلالية، وتنسحب من جميع المناطق الفلسطينية المحتلة العام 1967، وتعترف بحقوق الشعب الفلسطيني بما فيها حقه في العودة واقامة الدولة الوطنية المستقلة. ولن يجني عباس وسلطته من هذا القرار سوى الخيبة والفشل والمزيد من التآمر على حقوق شعبنا الفلسطيني.