حدّثني احد المستشارين في مجلس محافظة بابل قائلا : للاسف الشديد وصلت حال المحاصصة في المجلس الى تقاسم مناصب رؤساء الاقسام ومديري المكاتب ومكاتب اللجان في المجلس نفسه . وعند سؤاله عن دور رئيس المجلس بايقاف هذه المحاصصة, بصفته المدير الاعلى لهذه الوحدة الادارية “اي مجلس المحافظة” . قال المستشار : ان الرئيس يعمل مخلصا وجاهدا من اجل تقويم عمل المجلس ودوائره وتقويم ديوان المحافظة ودوائرها والدوائر المرتبطة بها, وهو ساعٍ بمحاربة الفساد والمحسوبية ويتابع المشاريع المتلكأة منذ سنوات, ولكنه مقيّدٌ بالمحاصصة والتفاهمات ويواجه ضغوطا مختلفة اقلّها, ان بعض الاعضاء يهددون بين الفينة والاخرى بالانسحاب ان لم تنفذ مطالبهم , ولكي لا يطول الحديث بيني وبين المستشار قلت له : لمَ لا يغامر رئيس المجلس ويمارس صلاحياته – على الاقل في المجلس – ؟ عندها انبر لي المستشار قائلا : ان فعل هذا فان عقد التحالف سينفرط سريعا وبلا شك ابدا . فبادرته بالقول: وحينها سوف يخسر الرئيس منصبه – والصحيح حصته – التي غلّبها على المصلحة العامة في بابل !! ……………………………………. STOP < > )الباقي كلام غير قابل للنشر)
واذكر ذات مرة وبُعيد ظهور نتائج انتخابات مجالس المحافظات التقيت بواحد من ابرز اعضاء قائمة كفاءات وهو اخ لبرلماني يترأس هذه القائمة وكان مع ( هذا الواحد) بعض اعضاء هذه القائمة الذين فشلوا وايّاه بالحصول على مقاعد في مجلس المحافظة , ويومها اطنب الرجل في مدح القائمة واصفا ايها بقائمة النزاهة والكفاءات والعدالة وانها تبحث عن التميز بالعمل وتقديم ما تعجز عنه القوائم الاخرى , وظل يلحُّ على ان القائمة تضم كفاءات منسجمة مع بعضها البعض وانها تضع نصب عينيها المصلحة العامة وتعمل وفق معادلة “الانسان المناسب في المكان المناسب” وان النجاح حليفها في كل الاحوال . لم اتحمّل هذا الاطراء على هذه القائمة, وقلت له: انها فاشلة مثلها مثل بقية القوائم وهذا ما اثبتته السنوات الماضية , وذكّرته باسماء الفائزين منها في هذه الدورة وقلت له انهم ليسوا من قائمة كفاءات اصلا بل هم قدموا اليها من قوائم اخرى تاركين قوائمهم الاصلية ومبادئها ومناهجها وانضموا لقائمة كفاءات من اجل تعزيز فرص فوزهم , ناهيك عن ان خبراتهم لا تشير الى تفرد كفاءاتهم بل الى تواضعها . ولكن الرجل اصرّ على قوله ووعدني ومن كان معنا بانهم في كفاءات سوف يفاجئون الجميع بالنجاح الاكيد وبالخبرات الكبيرة لديهم وبالنزاهة والعدالة والحرص على المصلحة العامة والابتعاد عن المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية , ولم تمر ايام قليلة حتى فاجأنا صاحبنا وقد عُينَ في منصب نائب المحافظ للشؤون الادارية , وهو منصب مهني فني وليس منصبا سياسيا, ما يعني ان تعينه في هذا المنصب يخالف تخصصه كونه مدرسا وحسب , واصبح هذا التعيين في هذا المنصب يضعه في مكان يضرب معادلته التي وعدنا بالسير عليها اي ” الرجل المناسب في المكان المناسب” والاغرب من هذا ان نجد اخاه الاخر وقد تسنم منصب مدير ادارة احدى المديريات في بابل . حدث كل هذا بحكم المحسوبية العائلاتية التي يقف الاخ الاكبر فيها على راس هرم القائمة في البرلمان . ………………………………….. < كلام, مجرد كلام , وكلام النهار تحجبه عتمة الليل >
بات مؤكدا لدى الجميع – موطنين ومسؤولين – ان دورات مجلس محافطة بابل المتعاقبة تنحدر من سيء الى اسوء , ففي الدورة الاولى كان الفساد وهدر المال العام والمحسوبية والعائلاتية على قدر كبير وفاضح , ولكنه بدا اقل مقارنة بالدورات التي تعاقبت بعد الدورة الاولى , ويُقدر بعض المراقبين ان الدورة الحالية هي الاسوء على الاطلاق , ويبرروا تقديراتهم هذه بالقول : ان رئيس المجلس السابق ” مثلا” ومع كل ما رافق عمله من فساد واهمال ومحسوبية وهدر للمال العام كان اكثر حرية في اتخاذ القرار الاداري – داخل المجلس – على اقل تقدير اذا استثنينا ما كانت تفرضه عليه كتلته, بينما في هذه الدورة لا رئيس المجلس ولا المحافظ يستطيع ممارسة صلاحياته لا من قبل كتلته وحسب بل لانه مقيد بالمحاصصة من قبل كل الكتل , فهو لا يستطيع عزل احد او تعين احد لان كل احد ” من هذه الآحاد ” تابع لكتلة او كيان ومنصبه حصة لا ينبغي تجاوزها مهما كانت الاسباب, ويكفي شاهدا ان نرى لافتة على باب مجلس المحافظة تهنيء احدهم لانه تسنم منصب مدير مكتب رئيس المجلس , هذه اللافتة تعكس بؤس الحال الذي وصل اليه العمل السياسي والاداري في المحافظة بان تهنيء كتلة ما احد اعضائها بتسنمة منصب مدير مكتب , في حين كان ينبغي ان يكون مدير مكتب رئيس المجلس شخصا ذا خبرة متراكمة وهو من كادر المجلس ويتم اختياره من قبل الرئيس من اجل اقامة واستدامة العمل المؤسساتي وتعزيزه وفق رؤية الرئيس , وهذه الحال انطبقت على مدير الادارة ومناصب اخرى حيث فُرض اشخاص غير كفوؤين . واذا كان الحال داخل المجلس على هذه الصورة المتردية علينا ان نتخيله خارج المجلس , اي في الدوائر التي يراقب المجلسُ عملها ويقيمه ويقومه !
واذا كان بعض اعضاء المجلس السابق لديهم شركات تعمل في المحافظة ومرتبطة بمشاريع ومصالح عامة , فانهم كانوا يديرونها بشكل غير مباشر اي من خلال آخرين . ما يجعل مخالفتهم للقانون وفسادهم مستترا , بينما اليوم وحسب قول مطلعين ان: البعض من اعضاء الحكومة المحلية لديه مشاريع مرتبطة بالمصلحة العامة والمال العام ويديرونها بشكل مباشر. وبينما كان الحال في الدورة السابقة ان يتم تعيين مدراء مكاتب رئيس المجلس والمحافظ ونوابهم من خلالهم شخصيا, بتنا اليوم نرى مدراء تلك المكاتب يفرضون على المحافظ وعلى رئيس المجلس بحكم المحاصصة ما يعني فسادا اداريا وفشلا مهنيا وتهميشا للكفاءات والخبرات وتجاوزا للنزهة والعدالة .
وجاء اعفاء خمسة مدراء دوائر في المحافظة معززا للشكوك حول المحاصصة في الحكومة المحلية وترسيخا لها . اذ يرى البعض ممن سألناهم اراءهم , ان الاعفاءات لم تكن نتيجة تقييم عمل المدراء الذين تم اعفائهم ومن ثمّ تقويم العمل في تلك الدوائر , بل كان استكمالا للمحاصصة فبعض الاشخاص والكتل لم يحصلوا على مناصب , فما كان من سبيل الى تعويضهم الاّ من خلال اعفاء خمسة مدراء قد يتبعهم خمسة اخرون ايضا وكل ذلك من اجل سد النقص في المحاصصة , والمؤكد ان المدراء الذين جرى اعفائهم هم غير كفوئين ومقصرين في اداء عملهم , وعليهم ما عليهم من السلبيات , ولكن لم يكن هذا السبب الحقيقي وراء اعفائهم , وقد نرى ان من يخلهم هو اسوء منهم . هذه الرؤية نفتها عضوة مجلس المحافظة ورئسة اللجنة القانونية احلام راشد . وذهبت الى القول ان : المدراء المعفيين تم اعفائهم لعدم كفائتهم وتقصريهم في العمل وليس لاي سبب اخر , وان المجلس والمحافظة بصدد ترشيح مدراء اخرين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والقدرة على العمل الذي يخدم المواطن , واضافت تقول بان : المجلس لن يقف عند هؤلاء بل سوف يحاسب كل مقصر ويعفيه من منصبه ويستبدله بآخر افضل منه .
واخيرا ,, تبقى ثمة ملاحة حول جلسات المجلس , اذ يشتكي بعض المواطنين المهتمين بحضور الجلسات والاستماع الى مايدور فيها, من ان المجلس يمنعهم من حضور هذه الجلسات وهو امر يخالف القانون والدستور الذي اباح للمواطنين حضور هذه الجلسات المفتوحة والاستماع الى ما يدور فيها, وهو حق للمواطن ولا يجوز منعه الا اذا كانت الجلسة مغلقة , او هناك مانع قانوني آخر . ومن الجدير بالذكر ان المجلس في دورته السابقة كان قد ناقش لاكثر من مرة في جلسات جانبية فكرة بث جلسات المجلس مباشرة من خلال شاشات عرض في الساحات العامة داخل مدينة الحلة ” مركز المحافظة” وفي مراكز المدن والقصابات التابعة للمحافظة وذلك لاطلاع المواطنين على افكار ورؤى ونشاط ممثليهم في مجلس المحافظة , وممارسة الرقابة الشعبية على الحكومات المحلية ومجالسها . فهل تحقق هذه الدورة ما فكر به اعضاء الدورة السابقة ام يظل عمل المجلس يدور في جلسات مغلقة بوجه المواطنين !؟