صدام وترامب، حمل آلة فنائه، تنمو مع المنجزات التي حققها لتوطيد مكوثه في السلطة وليس لخدمة الشعب؛ فتخلى عنهما شعباهما
أطل مقال من بين صفحات جريدة العرب اللندنية.. يوم الثلاثاء 10 تشرين الثاني 2020 يتناول إنهيار إمبراطورية ترامب، بعنوان: “الرئيس ترامب.. مجيئه غلط وذهابه غلط” بقلم الكاتب العراقي ابراهيم الزيدي، على الصفحة (8 آراء) وهو عنوان يتوافق تماما مع مقولة مظفر النواب الشهيرة، التي أطلقها عند سقوط صدام حسين: “مجيئه الى السلطة كارثة وحكمه كارثة وسقوطه كارثة”.
يرتبط الطغاة بالكوارث، إن قاموا وإن قعدوا؛ في العراق جاء صدام الى الحكم، جراء تداعيات عسكرية أسفرت عن شخصية ملتبسة مثل صدام تفردت بالسلطة، وشخصية إشكالوية مثل ترامب، طغت في قلب الديمقراطية؛ جراء تداعيات الديمقراطية نفسها، التي يقول فيها المثل السوداني “الديمقراطية نزلت القدرة نية” في إشارة الى التصويت بشأن طعام يغلي.. هل إستوى أم لم يستوي!؟ والنتيجة رجحت أصوات من لا يفهمون في الطبخ، أن الطعام نضج فأنزلوا القدرة وفتحوها ليصطدموا بالنتيجة الديمقراطية المخيبة.. الطعام ما زال نيئا، فكم فطيرة هي الديمقراطية، حين تطرح من دون مراجعة…
فثغرة في الديمقراطية تسلل منها ترامب الى حكم الولايات المتحدة الخمسين التي تمتد على مساحة 3.79 مَليون مِيل مُربّع، يسكنها 307 مَليون نَسَمة، يتعايشون على أساس ألا يتدخل أحدٌ بشأن أحدٍ: إنتخب من؟ وراتبه كم؟ ومعتقده ماذا؟ و… عدد سنوات العمر، تلك محظورات إجتماعية بموجب العرف والأتكيت واللياقة… تسلم السلطة..حكما عليها.. إبن جلا وطلاع الثنايا..
المشكلة في صدام حسين، أنه ربط الدولة بذاته، وما أن سقط، حتى إنهارت معه، ومثله ترامب.. الذي أسهم بخفض البطالة الى أدنى مستوى منذ ستين عاما، وإستحصل مستحقات أمريكا من الدول التي تقع تحت حمايتها العسكرية، محققا تنمية إقتصادية مشهودة!
إذن له منجزات، دمرها بإستفزاز الشعب وطريقته الهوجاء في التعامل مع الأفراد والمجتمعات والدول ومنعه المسلمين من السفر بين الولايات؛ تحت ذريعة محاصرة الارهاب، وهدر دم السود، في حوادث عدة رد عليها من دون مبالاة.
و… صدام حسين، جاءت به المنظومة العسكرية العالمية؛ لخوض حرب ضد إيران؛ إستجابة لضرورات سياسية ملزمة للعالم، زج العراقيين في حصار – عقوبات دولية؛ جراء إرتكابه حماقة غزو دولة الكويت الشقيقة، الذي اسفر عن هزيمتين.. أخلاقية وعسكرية، إنتفض لأجلها العراقيون خجلا من إجباره لهم على مداهة سلام دولة جارة شقيقة، وضرب الشعب.. شمالا وجنوبا.. بصواريخ الارض ارض؛ حين إنتفضوا على حروبه… مالئا المعتقلات بجثث أكلها التيزاب وأخرى قطعتها الثرامات وثالثة تعفنت في الزنازين.
على هامش تلك المصائب بنى صدام دولة، إنهارت بزوال حكمه يوم الاربعاء 9 نيسان 2003.
فـ “كل نفس بما كسبت رهين” وأمريكا بولاياتها الخمسين، نفحة هواء في رئة ترامب، والعراق نفخة تأفف أطلقها صدام زفيرا لم يردفه شهيق، إلا وهو معلق.. لم “يتلولح” طويلا في حبل مشنقة سقط منها ميتا.
وترامب جرجر أذيال خيبته، عندما تخلى عنه جمهوريوه والديمقراطيون؛ لأنه خسر الناس؛ فلن يراهن أي من الحزبين على حصان خاسر؛ بات من الغباء إلتزامه!
كلاهما.. صدام وترامب، حمل آلة فنائه، تنمو مع المنجزات التي حققها لتوطيد مكوثه في السلطة وليس لخدمة الشعب؛ فتخلى عنهما شعباهما.
صدام مشوه النشأة يتما وقسوة وإختلالا، وترامب فائق الدلال في عائلة فاحشة الثراء حد طغيان الأنا على… “من بعدي الطوفان” وكلاهما أسقط ثغرات شخصيته على الدولة فخرباها وهما يبنيان وأحرقاها متصورين أنهما يطفئان و… إنتهى ترامب مهزوما من البيت الابيض الامريكي الذي أزاحه ومحى رائحته منه بايدن، فيما إنتهى صدام الى حفرة – زاغور خارج مسقط رأسه.. تكريت، التي سيق منها أسيرا وعاد إليها جثة بعد الشنق.
ترك صدام ذاكرة تنثال من حبل المشنقة الى الحصار وغزو الكويت وحرب ايران ومعتقلات الامن العامة و… ترامب خلف أثرا عنصريا، مع كل خطوة تبعده عن بوابة البيت الابيض، وكلاهما طاغية.. حرم شعبه من الحياة حرصا على الموت!