انه لشيء جد مؤسف بان نرضخ لاملاءات الدول الغربية باعادة تصدير النفط ليستفيد منه الفاسدين الباقون في السلطة,فليبقى النفط والغاز تحت الارض افضل من بيعه.
ساهم التدخل الدولي في الشأن الليبي وبمباركة عربية الى دخول البلاد في دوامة عنف على مدى عقد من الزمن,ومع مرور الوقت اختلفت المصالح فانقسم اللاعبون الاقليميون والدوليون على الساحة الليبية على انفسهم كل يساند فريق محلي عله يحظى بما يرغب من الكعكة الليبية المتمثلة في النفط والغاز وما ينجم عن فوز شركاتهم الخاصة بمشاريع اعادة اعمار ما دمروه من بنى تحتية,فشمل الدمار محطات توليد الطاقة الكهربائية وخطوط نقلها من كوابل وأبراج معدنية وتدمير منظومة النهر الصناعي لنقل المياه من الصحراء الى مدن الشمال فنتج عن ذلك تدمير ابار الانتاج وخطوط نقل المياه,وانعدام الخدمات الصحية والتعليمية وانتشار معدل الجريمة,حيث القتل والخطف على الهوية في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع القوى الامنية التي تدعي تبعيتها لوزارة داخلية حكومة الوفاق.
عندما اعلن السيد رئيس المجلس الرئاسي توقيف وزير داخليته عن العمل وإحالته الى التحقيق بسبب بعض تصريحاته,فما كان من الوزير إلا ان استدعى الميليشيات التابعة له لإظهار مدى قوته,فتم التحقيق شكليا وارجع الوزير الى سابق عمله,وبذلك قدمت حكومة الوفاق للعالم اجمع وبما لا يدع مجالا للشك الصورة المثلى عن مدنية الدولة التي تتشدق بها.
يبدو ان اللاعبين الدوليين والإقليميين قد رفعوا الغطاء عن الدمى المتحركة,فرجعت لهم الروح والنخوة والشهامة وحب الوطن,فالحديث على ان ما يجري هو حوار ليبي ليبي هو محض افتراء,وذر للرماد في العيون,فالأسياد يتحركون والأذناب مجرد توابع.
وفي دلالة واضحة على انتهاء صلاحية السراج وقد اعطي من الوقت ما يكفي لتنفيذ اجندات من نصّبوه,وحفظا لماء وجهه الصفيق,اعلن انه سيتنحى عن السلطة قبل نهاية اكتوبر 2020 مفسحا المجال لأطراف الصراع –الحوار باختيار بديل عنه.
فجأة يصبح رئيس البرلمان داعية اصلاح ويتنازل عن ثوابته,فيعمد الى اختيار لجنة يرأسها احد رموز الفيدرالية بشرق البلاد,ليجتمع مع لجنة من مجلس الدولة الاخواني الذي اعلن في السابق عدم الاعتراف به,في ابوزنيقة بالمغرب ضمن مسلسل الصخيرات في جزئه الثاني لاقتسام السلطة فيما بينهما وبالأخص المناصب السيادية,يرفع الاتحاد الأوروبي عنه الحظر ليستقبل في عواصمه المختلفة وقد يمنح جائزة “نوبل للسلام”.
الجنرال حفتر,والذي افسح له العالم المجال لمقاتلة الميليشيات بغرب البلاد فظل عام وبضعة اشهر على تخوم العاصمة,في بعض الاوقات سيطر على كامل اجواء البلاد,لكنه لم يعمل على اقتحامها كما فعل الثوار العام 2011 فازدادت معاناة الناس,وهجر الكثير من المواطنين,وكانت العاصمة على وشك السقوط وهروب الرئاسي,لولا التدخل التركي الذي اعاد الروح للمسيطرين العاصمة,فعمد الجنرال الى مغادرة اقليم طرابلس بأكمله بضغط من الداعمين له,مصر وروسيا, تاركا المدن التي آوته وناصرته لمصيرها المحتوم فدخلتها الميليشيات والمرتزقة السوريون والأتراك فعاثوا فيها فسادا,نبشوا القبور واحرقوا الاشجار واتلفوا الزرع,ولاذ انصار الكرامة بالفرار خشية بطش الميليشيات.
الحديث عن جعل مدينة سرت منزوعة السلاح,يسحب البساط من تحت القيادة العامة,ويجعل التضحيات في مهب الريح,الخطوط الحمر التي رسمتها مصر في كل من الجفرة وسرت تنم عن مصالحها في ليبيا وتخوفها من التدخل التركي ونكسة كبيرة للجيش فيكون بذلك قد سلّم اقليم طرابلس بأكمله للوفاق.
الجنرال الذي فقد شعبيته بالغرب الليبي,فشل عسكريا في تحقيق ما يصبو اليه,يبحث عن اي شيء يخفف عنه وطأ الهزيمة الجد ثقيلة التي مني بها في الغرب الليبي ,وجد ضالته لدى نائب رئيس المجلس الرئاسي,السيد احمد امعيتيق الذي وبإيعاز من اسيادة الاتراك الذين تفاهموا مع الروس في سوتشي,فيطير الى موسكو ليقابل مندوب عن القيادة العامة ويعقد صفقة اعادة تصدير النفط والغاز وتسوية الديون ومنح اقليم برقة بعض الامتيازات من ايرادات النفط,والعمل على راب الصدع بين مدينته مصراته وشرق البلاد,حيث اقدمت المدينة التي تزعمت الثورة في غرب البلاد,على امداد الجماعات الارهابية في بنغازي ودرنه بمختلف انواع العتاد والمجرمين وعلى مدى 3 سنوات, لمقارعة الجيش الذي تمكن اخيرا من تحقيق النصر على تلك الجماعات الارهابية وتحرير شرق البلاد بأكمله,ليصبح امعيتيق بطل سلام,ويحجز لنفسه مكانا اما بالمجلس الرئاسي الجديد او رئيسا للحكومة العتيدة.ويكون لمصراته ثقلها التفاوضي بشان مستقبل ليبيا.
لم يكن امعيتيق وطنيا يوما ما,ربما يكون الوحيد الذي اعلن عن ثروته لدى التحاقه بالمجلس الرئاسي (700مليون دينار ليبي) ,ترى من اين جمع كل هذا المال؟,هل جمعه في عهد النظام السابق ام بعد سقوطه اي خلال الخمس سنوات ؟ وهل سيقدم لنا اقرار الذمة المالية عقب حل المجلس الرئاسي الحالي وانتهاء مهامه؟ عندما يتعدى السراج على صلاحياته كان يملا الدنيا صراخا ويصف رئيسه بأنه ديكتاتوري,وحينما يهادنه يغرس رأسه في الرمال وكانه غير معني بما يحصل من فساد وبالاخص فيما يتعلق بالتعيينات الدبلوماسية لأشخاص مؤهلين لذلك.
والسؤال عن المدن التابعة لمصراته والتي تدور في فلكها وساهمت معها في كل الاعمال الاجرامية بحق بقية المدن,هل اشركتها او على الاقل اعلمتها بما يدور خلف الكواليس والترتيبات الامنية اما انها كالأطرش في الزفة؟ من يطفئ النيران التي اشعلتها هذه المدن بمختلف مناطق ليبيا وخلفت جروح لن تندمل بمرور الزمن,ما لم يعمد مرتكبيها الى الاعتذار او الرضوخ لمبدأ القصاص.