بفضل التقارب الامريكي الايراني الاخير, بات واضحا للجميع, ان اسرائيل وحكومات دول الخليج تشكل اتحادا, واضح المعالم والاهداف والمصالح , فبعد الجولة الدبلوماسية التاريخية للرئيس ” الاصلاحي” الايراني حسن روحاني في الامم المتحدة, واستطاعته كسر الحصار السياسي الامريكي الامريكي والامريكي الدولي على ايران . استشاطت اسرائيل غضبا لهذا النجاح الايراني وخاصة التقارب الذي حصل بين ايران وامريكا , الاعلام الاسرائيلي من جهته انتقد الرئيس المريكي باراك اوباما بقسوة وكاد ان يصفه بالمغفل الذي استغفله الرئيس الايراني . ولم يكن الاعلام وحده من استشاط غضبا , بل كانت المؤسسة السياسية الاسرائيلية برمتها هي اكثر استشاطة وغضبا من الجميع بسبب التقارب المذكور , ما دفع برئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو حزم حقائبه على وجه السرعة والتوجه الى واشنطن للحيلولة دون استمرار هذا التقارب بين طهران وواشنطن , ما دفع بالصحف الاسرائيلية الى القول ان مهمة نتنياهو في واشنطن محصورة بتخريب الجسور التي اقامها روحاني باتجاه البيت الابيض , وتشويه صورة روحاني التي اجتذبت الامريكان والاوروبيين والابقاء على صورة ايران العدوة للغرب والتي تهدد مصالحه في المنطقة وتمنع الاستقرار في الشرق الاوسط .
قد نفهم دوافع عداء اسرائيل لايران ! لان الاخيرة تدعم المقاومة ضد اسرائيل وتتبني نهجا لا يعترف بها , ولكن الغريب ان تسارع دول الخليج للتعبير عن انزعاجها اتجاه هذا التقارب وتعبر عن هذا الانزعاج بافعال وقرارات تصدر عن مجلس التعاون الخليجي تتهم ايران بزعزعة الاستقرار في المنطقة والتدخل في شؤونها وتهديد امنها وتدعو العالم وامريكا على وجه الخصوص الى الاستمرار بمحاصرة ومقاطعة ايران وتشديد العقوبات عليها واتهامها بانها تحتل اراض عربية , حتى نكاد ان نتلمس بان عداء دول الخليج لايران ولحزب الله يفوق عداء اسرائيل للاخيرتين .
اذن العداء لايران هو اول القضايا التي وحّدَت حكومات دول الخليج مع اسرائيل وكشف تلك الوحدة والعلاقة بوضوح للملأ , ومن ثم – وهو الاهم والاخطر- فان العداء للمقاومة كشف ايضا وحدة حكومات دول الخليج مع اسرائيل . وخاصة عداء هم المشترك للمقاومة اللبنانية ضد اسرائيل والمتمثلة بحزب الله, – الذي وحده دون سائر العرب استطاع ردع اسرائيل وهزيمتها وخاصة في عام 2006 وهو من اشد اعداء اسرائيل – كما وحدّ العداء الاسرائيلي الخليجي المشترك لحركة حماس في غزة ما كلا الطرفين . اما القضية الراهنة التي اظهرت جليا وحدة حكومات دول الخليج مع اسرائيل, هي القضية السورية . التي وصل الحال باسرائيل فيها بان تعالج بمستشفياتها الارهابيين الذين تسلحهم وتمولهم وتدربهم وتقدم له انواع الدعم كافة دول الخليج, مع ان هؤلاء الارهابيين هم عناصر من القاعدة وجبهة النصرة و “داعش” وفي القضية السورية توحدت حكومات دول الخليج مع اسرائيل في في قضية لا اخلاقية هي استدعاء امريكا لضرب الدولة السورية , اذ عمل الاسرائيليون في البداية على دفع اوباما بكل ما يملكون من اجل ضرب سوريا , حرضوه, ضللوه, ضغطوا عليه من خلال اللوبي اليهودي , وعندما تراجع عن ضرب سوريا وصفوه بالمتردد الجبان وبالرئيس الذي افقد امريكا هيبتها . وكل ما فعلته اسرائيل فعلته ايضا حكومات دول الخليح . حتى ان السعودية استخدمت المافيات السياسية الامريكية التي تعتاش على نفط السعودية للضغط على اوباما من اجل توجيه ضربة لسوريا . بل فعلت دول الخليج اكثر من ذلك بدفع الرشى لدول ومنظمات وشخصيات نافذة من اجل الدفع نحو ضرب سوريا , وزادت على كل هذا بان تعهدت هذه الدول الخليجة بدفع فاتورة الحرب الامريكية الغربية على سوريا من اموال نفط الخليج .
من هنا يتبين لنا ان وحدة حكومات دول الخليح مع اسرائيل هي وحدة حقيقة مبنية على وحدة المصالح ووحدة العدو ووحدة المصير ووحدة الرؤية والاهداف وبالتي وحدة الخطط والبرامج ضد عدوهما . وعدوهما المشترك الاول هو المقامة ومن يقف ورائها وكل من يريد تحرير فلسطين والاراضي العربية التي تحتلها ” اسرائيل” سواء كان مسلما او مسيحيا .. عربيا او ايرانيا او من اية جنسية او ديانة اخرى . وكل هذا الذي ذكرنا اضافة للمصالح المشتركة هو بسبب وحدة المصير ما بين هذه الحكومات الخليجية وهذا الكيان الصهيوني , مع الفارق في ان اسرائيل حكومة وشعبا قائمة على اغتصاب ارض فلسطين التاريخية , ومتى انتهى هذا الاغتصاب انتهت اسرائيل , اما حكومات دول الخليج فهي قائمة على حكم الاسرة الواحدة المالكة الحاكمة في كل شيء حتى في الدين والمعتقدات الاجتماعية ومتى امتلكت شعوب هذا الخليج حريتها وحق تقرير مصريها في اختيار نظام الحكم, فان تلك الاسر مصيرها مزبلة التأريخ , وعليه فأن هذه الحكومات مدينة لاسرائيل في وجودها من البداية لان قيامها كان مشروطا بقيام اسرائيل وبقائها مشروطا ببقاء اسرائيل ايضا لذلك هي حريصة على امن اسرائيل وسلامتها وبقائها , وكذلك نرى اسرائيل حريصة على بقاء هذه الانظمة الخليجية لانها الضامن عربيا واقليميا, سياسيا واقتصاديا, لبقاء اسرائيل في المنطقة دولة قوية تَحكُم وتَتَحَكَم ولا تُحْكَم .