عام 1934 ، وفي مدينة البصرة ، ولد جاسم محمد مطير المطير . باحث اقتصادي سياسي . بدأ ممارسة الكتابة الاجتماعية السياسية منذ عام 1952 ، وابتدأ النشر في جريدة (الجمهور) التي صدرت في بغداد . تخرج في اعدادية التجارة سنة 1960 . ويشير الباحث حميد المطبعي في الجزء الاول من (موسوعة أعلام وعلماء العراق) الى أن المطير ترك الدراسة متفرغاً للعمل السياسي .
سياسي .. مؤلف .. ناشر
كان جاسم المطير من الوجوه البارزة القيادية في التيار اليساري في البصره . نشر عشرات المقالات والابحاث في الدوريات العراقية . وأصدر سنة 1975 ، كتابه الاول ، تحت عنوان (الانفتاح الاقتصادي في مصر) ، ثم أصدر كتابه الثاني (النفط والاستعمار والصهيونية) 1976 . حضر العديد من المؤتمرات الثقافية في العراق ، كما حضر عدة مؤتمرات إقتصادية (خارج العراق) ، منها مؤتمر أوبك (1979) ، والمؤتمر العربي النفطي الاول في الامارات العربية المتحدة . وهو ناشر ومكتبي .
لقاؤنا الاول
كان التوجه العام لمثقفي المحافظات ، هو القدوم إلى بغداد . وهو ما فعله المطير ، وما فعلتُه . وفي رحاب المدينة ، وتحت خيمة الثقافة إلتقينا . في مكتبته (المكتبة العالمية) في الباب الشرقي كان لنا أكثر من لقاء بصحبة المطبعي حيناً ، وبدونه حيناً آخر .
وأتذكر أن المطير عمل ، عام 1974 ، كباحث اقتصادي في مجلة (النفط والتنمية) التي صدرتْ عن (دار الثورة للصافة والنشر – جريدة الثورة) ، ورأس تحريرها الأكاديمي العربي السعودي الدكتور عبد الرحمن منيف . وربما كان عمله لفترة محدودة بصحبة الكاتب البصري اليساري سامي أحمد عباس .
واستمرت صلاتنا .. واتذكر لهذا الباحث البصري ، ما يلي ، مصحوباً بامتنان كبير : عام 1992 ، أنجزتُ كتابة كتابي الذي حمل عنوان : من حقيبة السفر . ولم يكن بأمكاني ، من الناحية المادية طباعته. وتبرعت بطباعته ثلاث جهات أهلية . ومن هذه الجهات : المكتبة العالمية العائدة للكاتب جاسم المطير . وعندما أعلمتُ هذه الجهات باني سأنشر شكري لها على صفحات الكتاب ، رفضوا جميعاً ، مؤكدين أن ما قاموا به هو دعم ثقافي أخوي لزميل لهم . وكان الصديق المطير في مقدمتهم .
وافترقنا ..
وغادر الكاتب جاسم المطير العراقَ ، قبل عام 2003 ، بسنوات . والى جانب العامل السياسي في هذه المغادرة الاضطرارية ، كان وضعه الصحي .
عاشق بصري
وعام 2004 ، صدرت له رواية (عاشقان من بلاد الرافدين) . قرأتُها ذلك العام . ووجدتُ فيها مضامين إنسانية راقية ، مع حبكة روائية.
ورغم أنني فُوجئتُ باصداره الروائي ، لأنني لم أقرأ له نصاً روائياً سابقاً ، فأن الكاتب جاسم المطير قد أفصح عن قدرات ناضجة تؤسس لميلاد روائي عراقي – بصري ملتزم .
وكانت هناك مفاجأة أخرى بانتظاري . ففي الخامس والعشرين من نيسان الماضي ، ولمدة عشرة أيّام ، أُقيم معرض بغداد الدولي للكتاب في دورته الثانية . شاركتْ مكتبتي في المعرض بجناح متواضع . وفي تجوالي على الدور والمكتبات المشاركة ، كنتُ في زيارة جناح (دار أمل الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع) السورية ، وهناك إلتقيتُ مديرَها المفوض (عمّار كريدية) .
وتبادلنا الكتبَ إهداءً . وكان الناشر (عمّار) حسن الاختيار حين أهداني كتاب : (جاسم المطير قصصياً) ، من منشورات مكتبته ، وتحرير واعداد الكاتب والأديب العراقي ناظم السعود وواظبتُ على قراءته .
شهادات في الهواء الطلق
في (المقدمة) ، يقول السعود : (تُتيح مجموعةُ القاص جاسم المطير ((المولود في مدن القلق)) لقارئها فرصة تملي واحدة من أغنى التجارب القصصية واكثرها قدرة على توصيل المديات الفنية والفكرية التي وصلتها القصة العراقية) .
وفي ساحة ثقافية مفتوحة ، قَدَّمتْ مجموعة من الأدباء شهاداتٍ في الهواء الطلق ، يتصدرهم الأديب محمد الجزائري ، والذي قال في شهادته : (في العادة يشتغل جاسم المطير على موضوعة الانسان والمدينة والمستقبل .. هذه الثلاثية اوجدتها علاقة طويلة ، عميقة وجدلية مع الحياة والمجتمع والسياسة) .
أما الأديب شوقي كريم حسن ، فقد أشار في شهادته إلى ان : (المولود في مدن القلق ، قصص ، تشكو من فكريتها ، تسير عبر عناصر وجزئيات وإشارات خفية لتكشف في نهاية النصوص الأربعة رؤية الكاتب وفهمه لواقع إفتراضي) .
ولعل الشهادة الاكثر إثارة ، ما كتبه جاسم المطير عن نفسه ، تحت عنوان : من أنا ؟ . وجاء في سطورها الأولى : (أنا من جيل الخمسينات ، من الجيل الذي وَثَبَ بقوة واصرار ووعي وتضحية ، الى الساحة الامامية الثقافية والسياسية ، مشتركاً في صراع عام ، مع كل طلائع وأفراد ذلك الجيل) . هذه السطور المنتقاة جزء من سيرة ذاتية موجزة كتبها القاص المطير ، بناء على دعوة الباحث حميد المطبعي . كان ذلك عام 1992 .
الشهادات المنصفة عديدة , وجميعها تشكل قلادة من زهور المحبة لروائي عراقي – بصري. ندعوا له بالصحة وبانتظار المزيد من العطاء.