بعد تعرض مكونات المنظومة الكهربائية في العراق إلى أضرار بالغة نتيجة استهدافها المباشر من صواريخ العدوان وطائراته سنة ١٩٩١ فيما سمي (حرب الخليج الثانية)، فقدت المنظومة الكهربائية كفاءتها المعهودة وبدأت قدرتها التوليدية لا تفي بمتطلبات الأحمال وظهرت فيها عوامل تقادم مختلفة تشير إلى حدوث انهيارات متتالية لقدرات الوحدات العاملة في محطات الانتاج، فانخفاض مستوى تنفيذ الصيانة المبرمجة لهذه الوحدات بسبب عدم توافر المواد الاحتياطية لها الناتج عن إجراءات الحصار الاقتصادي، الذي طبق الحظر على استيراد الكثير من المواد الحاكمة، منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، كان له الأثر في تدني الأداء المطلوب في عمل المنظومة الكهربائية، وهنا التجأت إدارة قطاع الكهرباء إلى البحث عن البدائل أو العمل على إعادة الحياة للمواد الاحتياطية المستعملة.
في نهاية التسعينيات تلك وأمام هذه الحالة انبثقت تجربة وطنية فريدة أطلق عليها (الحشد الوطني)، سخرت لها إمكانات مؤسسات الدولة الحكومية والقطاع المختلط كافة بالإضافة إلى إمكانات القطاع الخاص، لإسناد قطاع الكهرباء بما متوفر لدى هذه الجهات من موارد بشرية ومادية، فكانت جهود العاملين في تنفيذ هذه التجربة فاعلة لإيقاف حالة التدهور للمنظومة الكهربائية، التي كانت متوقعة، قبل البدء بتجسيد هذه التجربة، فتمت بوساطتها معالجة الكثير من أسباب التحديدات في السعات الانتاجية للعديد من الوحدات العاملة .
اشتركت في هذا الحشد كوكبة من أساتذة الجامعات، الذين تمكنوا من تسخير خبراتهم الأكاديمية في ميادين العمل على وفق التخصصات، التي يحملونها فكانت لهم بصمات مميزة في أعمال التأهيل الشامل للعديد من المحطات الكهربائية، كذلك انبرى الضباط المهندسون من صنوف وزارة الدفاع في تنفيذ العديد من الفعاليات الفنية وبالأخص المتعلقة بصيانة الوحدات الغازية .
وهكذا كان العاملون من جميع القطاعات المشاركة يقدمون ما لديهم، حيث امتزجت الخبرات وتلاحمت مساهماتهم بروحية فريق العمل الواحد، مما قاد إلى نجاح هذه التجربة الوطنية وتحقيقها انجازاً مميزاً في ضمان عدم انهيار المنظومة الوطنية ومدها بعوامل المطاولة والاستمرار .