18 ديسمبر، 2024 9:38 م

ذكرى حرب أكتوبر عام1973: ما لذي طرا على الصراع العربي ــ الإسرائيلي؟

ذكرى حرب أكتوبر عام1973: ما لذي طرا على الصراع العربي ــ الإسرائيلي؟

بينما نحن نعيش في عام2020مر 47 عاما على حرب أكتوبر التي وقعت في عام1973 بين إسرائيل وعدد من الدول العربية (مصر، سوريا، الأردن، العراق) التي حاولت مصر وسوريا استرجاع ارضا احتلتها إسرائيل في حرب عام1967، ويعيش العرب الان ما بين الذاكرة التاريخية وما تبقى من ذكريات نشوه الفخر في صد إسرائيل، وحفلات التطبيع التي هرولت لها عدد من الدول العربية. لا يزال القوميين العرب يحييون ذكرى صد إسرائيل عن التغلغل في البلدان العربية متأسفين على حال العرب الان في اللجوء الى التطبيع مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية، ان تشير الذاكرة التاريخية الى ان العرب ككيان قومي حمل غضبا شديدا لاسيما على المستوى الشعبي عندما تمكنت إسرائيل من احتلال اراضا عربية في فلسطين بدعم من الدول العظمى في ظروف النظام الدولي الجيوسياسي قبيل الحرب العالمية الاولى، ولا يكاد هذا الغضب ان يفتر وكلما كانت هناك نكسة او عدوان أو اضطهاد.وقد ظهر هذا الغضب بشكل سريع ومع خسارة العرب في حربهم ضد إسرائيل في عام 1967 وما عرف بالنكسة وأثر احتلال إسرائيل هضبة الجولان في سوريا، والضفة الغربية في الاردن وشبة جزيرة سينا في مصر، وعلى إثر هذا الاختراق الإسرائيلي غضب العرب مرة اخرى فاندلعت حرب أكتوبر عام 1973 شاركت فيها مصر وسوريا وأنظم لهما الاردن والعراق، ودعمتهم بعض البلدان العربية بالمال والضغوط الاقتصادية النفطية ضد إسرائيل، وقد استطاعت هذه الدول مجتمعة من تحقيق انتصارات عديدة منها منع اسرائيل من احتلال كامل سوريا
كان دور الجيش العراقي كبيرا في ذلك بعد قرار الجيش العراقي الانضمام إلى الحرب مع الدول العربية ضد اسرائيل ووصلت اولى طلائع القوات العسكرية العراقية إلى دمشق يوم العاشر من اكتوبر يتقدم القوات العراقية للواء مدرع بقيادة الرائد الركن سليم شاكر الامامي رحمه الله ومن ثم تبعه لواء المشاة الألى ثم للواء مدرع، وقد عد الجيش العراقي ثالث الجيوش العربية من حيث العدة والوقود والتجهيز، وقد كان لقوة التخطيط العسكري والانضباطي الجيش العراقي وقدرة على الصمود، وكذلك المعرفة الجيدة بالجغرافية السورية والاردنية دورا كبيرا في منع الجيش العراقية من منع اسرائيل من احتلال سوريا وقد قدم الجيش العراقي عدد كبيرا من الشهداء تجاوز ال323عراقيا وقد دفن هؤلاء الشهداء في منطقة السيدة زينب ولاتزال قبورهم شاهدة إلى الآن وإلى جانب الدور البشري في ردع إسرائيل ساهمت القوة الاقتصادية خاصة النفط التي يتمتع بها العرب من حدوث ازمة اقتصادية ضربت اقتصاديات العالم إثر احتجاج العرب على عدوانية إسرائيل تجاه الأراضي العربية فأضطر العرب إلى تخفيض تصدير النفط مما شكل عامل ضغط على الدول الكبرى في وقف عدوانية إسرائيل وما اثاره من تداعيات سياسية واقتصادية، وزعزعة استقرار الأمن القومي للدول العربية لا تكاد دول العالم آنذاك تنفض غبار ودمار الحرب العالمية الثانية. والدول الكبرى تتحمل من دون شك خطأ زج الجغرافية العربية سياسيا وعسكريا قبل الحرب العالمية الاولى واللجوء إلى الجغرافية العربية للتخلص من المعضلة الإسرائيلية آنذاك في الدول الغربية، وتحملت الدول العربية من ذلك التاريخ عنصر طارئ شكل تهديدا للأمن الوطني وكان سببا الى جانب عوامل اخرى كالاستبداد في نشر التطرف والإرهاب، وغياب الأمن، وظهور الاقتصاديات الريعية وارتفاع معدلات النزوح والهجرة الخارجية.
الصمود العسكري واستقلالية القرار السياسي قبل جريد أكتوبر عام 1973يمكن عده من اهم العوامل في تحقيق الانتصارات ومنع إسرائيل من التغلغل اكثر داخل البلدان العربية آنذاك، الان ان الأدوات الناعمة التي عملت عليها القوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة البريطانية المتحدة على زرع الانقسامات بين الدول العربية وإثارة المشاكل والازمات بين البلدان العربية كمشاكل الحدود بين الدول اضافةً الى التغطية على انعدام حقوق الإنسان ودعم الأنظمة الاستبدادية ودخول البلدان العربية في تحالفات خارجية ما بين تكتلات الحرب الباردة، محور الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقا، وتصاعد حدة التوتر الإيراني العربي منذ الحرب العراقية الإيرانية، واللجوء إلى الخارج في ضرب الخصوم الداخلين والخارجين، والاحتماء بهم، جعلت بعض الدول العربية من اجل ارضاء الولايات المتحدة الأمريكية تخطو بعد سنوات السرية إلى التطبيع العلني واقامة العلاقات فوق العادة مع إسرائيل خاصة وأن هذه الدول(الامارات والبحرين) لم تكن طرفا في اي نزاع عربي إسرائيلي سابق وليس لهما مشاكل حدودية مع كيان إسرائيل المصطنع وقد يعود السبب في هذه التطبيع هو خلق محاور شرق اوسطية جديدة تنطلق من فرضية ان العداء الآن بين الولايات المتحدة واسرائيل وبعض الدول العربية الخليجية من جهة، وايران وتحالفات حزبية وعسكرية متوزعة ما بين سوريا ولبنان والعراق اضافة الى قوة التحالف بين تركيا وقطر والإخوان المسلمين في الدول العربية كمصر. مما تقدم يبدو ان مبررات التطبيع مختلفة تماما عن سنوات ما قبل حرب اكتوبر وما بعدها من جهة الدخول في سلام مع اسرائيل اذ كان ينطلق من مبدأ ضمانات وتنازلات اسرائيلية مدعمة من قبل الدول الكبرى، أما الان فالتطبيع يقدم لا لأشيء سوء تحقيق مزيد من التغلغل الإسرائيلي سياسيا وامنيا في قبل ضمانات شكلية من تهديد جماعات تناهض الولايات المتحدة في بعض البلدان.
وهذا التطبيع يختلف بالمرة عن معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر بقيادة السادات اذ ان هذه المعاهدة انهت سنوات من التوتر بين العرب وبين إسرائيل وقد استطاع السادات ان يضمن وبرعاية الولايات المتحدة الأمريكية من ارجاع شبهة جزيرة سينا لمصر، فيما مثلما أشرنا ان التطبيع الان مبني على اساس خوف البلدان المطبعة أو الراغبة من هواجس داخلية وخارجية قد لا تشكل تهديدا حقيقا او يرتقي إلى التهديد الإسرائيلي على المستوى الجيوسياسي والجيوامني.