في تاريخ الشعوب أفراد الطبقة الأرستقراطية هم الأصلح لممارسة السلطة بتوازن وحكمة ونزاهة ، فالأرستقراطي لديه الإعتداد بالذات ما يمنعه من سرقة المال العام ، ويتمتع بقدر جيد من الصحة النفسية والعقلية ما يجعلة يتجنب إضطهاد الناس وخلق المشاكل وإرتكاب الأخطاء الكبيرة المضرة لبلده ، بينما حينما يسيطر أبناء الأرياف والمناطق الشعبية ذات الطابع ( المتريف ) على الأحزاب والسلطة تعم الصراعات والخراب على سبيل المثال : في إيران بعد تسلط ميليشيات أبناء الارياف على الحكم عقب رحيل الشاه ودخول البلد في الظلامية والقمع والحروب وتصدير الإرهاب ، وأيضا في لبنان واليمن إستغلت إيران أبناء الارياف العاطلين عن العمل والذين يشعرون بالنقص وبحاجة للتعويض وجندتهم كعملاء وأصبحوا إرهابيين يمارسون الإجرام !
لدينا في العراق بعد إنقلاب 14 تموز عام 1958 المشؤوم تم إبعاد الطبقة الأرستقطراطية عن السلطة وسائر مؤسسات الدولة ، وهجم أبناء الأرياف والمناطق الشعبية على الدولة وأحكموا سيطرتهم عليها ، وبعدها شهد البلد مختلف الصراعات والإنقلابات والحروب وسفك الدماء لغاية الوقت الراهن حيث تغيب الحكمة والوطنية والنزاهة عن السلطات ، وفقدت الدولة وجهها الحضاري العقلاني على وقع هيمنة الرعاع المتخلفين من التنظيمات الشيوعية والقومية والإسلامية ومجاميع ضباط الجيش الإنقلابيين ، فهؤلاء في الحقيقة مارسوا سلوكا إتصف بالعدوانية وطمع إفتراس السلطة ومغانمها وتم ضرب كيان الدولة ومستقبلها ولم يهنأ العراق بالإستقرار بعدها !
واليوم لماذا لانشاهد أبناء منطقة المنصور الأصليين ببغداد منخرطين في الأحزاب والميليشيات ؟
منطقة المنصور هنا مجرد مثال يرمز الى الأرستقراطية ، وهذا الغياب لأبناء المنصور سابقا وحاليا يقدم لنا تفسيراً لأحد أكبر أسباب نشوء الأحزاب والميليشيات .. أبناء المنصور وعموم الطبقة الارستقراطية توازنهم النفسي بحكم ما يمتلكونه من رأسمال مال رمزي إجتماعي وإعتداد بالذات جعلهم بعدين عن الأحزاب والميليشيات ، بينما أبناء الأرياف والمناطق الشعبية بحاجة الى البحث عن تعويض مشاعر الدونية والنقص والبحث عن توكيد الذات وإيجاد الأدوار لها كنوع من التعويض العصابي عن الشعور بعقدة النقص وتجسيدا للإضطرابات العقلية .. والإنخراط في الأحزاب وغيرها من التنظيمات يوفر الى هؤلاء المعذبين مجالا مناسبا لهم للتنفيس عن أمراضهم من خلال ممارستهم لمختلف الأنشطة ضد المجتمع وبلدهم !
جميع الميليشيات المسلحة في العراق اليوم مكونة من أبناء الأرياف والمناطق الشعبية ، وقد وجدت فيهم إيران ضالتها فهم خزان متدفق من المجرمين والعملاء المطيعين لها لتنفيذ جرائم الإرهاب والخطف والقتل وتدمير بلدهم .. ومن هنا خطر الديمقراطية على العراق لأن الأكثر على المستوى الحضاري لاتدرك قيمة الدولة ولاتحترم الدستور والقوانين وتتصرف إنطلاقا من أمراضها الجماعية النفسية ، ليس على المستوى السياسي والعسكري فقط ، وانما في كافة المستويات التي إنتشر فيها الفساد واللصوصية والخراب تجدهم هؤلاء ، لاحظوا حاليا كيف يسيطر أبناء الأرياف والمناطق الشعبية على وسائل الإعلام ، بعدما أصبحوا مرتزقة حولوا الإعلام الى تهريج غوغائي وهم يعملون في خدمة من يدفع !
هامش : كاتب السطور من عائلة فقيرة تسكن المناطق الشعبية ، وممارسة نقد أبناء طبقته وطائفته وقوميته ميزة يعتز بها ورسالة الى الآخرين حاولوا ان تكونوا موضوعيين و عادلين حتى لو تطلب الأمر الوقوف ضد أنفسكم .