كم عانت تقلبات الحياة!
وكم لسعتها حرارة شمسها!
من كان يسكن تحتها ويستظل بظلالها
كبر من غير أن يتلمس معاناتها، وكم حاولت العواصف والأتربة أن تضعف أوتادها إلا أنها قاومت، كي لا تتعرى وتحرق الشمس من كانت تحتضنهم، حتى ألفوا هذه النعم، وبطروا بها، ولم يعيروها اهتمامًا أو يتفقدوا وجودها، حتى ضعفت أوتادها، وكأن الهرم أصابها وضعفت أطرافها.
قال أحدهم: يبدو أن هذه الخيمة تعبت وأصبحت بالية وتحتاج من يرعاها.
قال الآخر: ومن عنده وقت لذلك؟ لندسها مع الحاجات التي طاف عليها الزمن، ولم نعد في حاجتها، هناك تسكن بسلام، لا تتعبنا متابعتها وتفقد أحوالها، وفي أثناء هذا الخضم من النقاش جاء صوت من الخلف في لحظة ظننته صوت الضمير، ولكنه كان أخي..
ماذا عن نعمها السابقة والتي آثرها باقي عليكم؟ هل نسيتم كم كانت حانية عليكم؟ ألم يشتد عودكم تحت ظلها؟ يبدو أنكم نسيتم بعد أن قوي عودكم! ألم تكن من النعم التي يجب أن تحافظوا عليها؟
أتعب ذات الأوتاد سماع هذا الحديث، وبدت أوتادها تضطرب، وأطرافها ترتخي، وكأنها تريد أن تُنتزع من الأرض، لتسكن بطنها، لم تعد تتحمل أكثر من المتاعب وعليها الرحيل.. آه.. كم كانت تعاني من غير عويل، لم نعرف قدرها حتى تعرت رؤوسنا وصارت الحياة تتعبنا.. أبي ياخيمة عانت الكثير لأجل راحتنا.. وبعد أن شاخت أوتادك.. بدأ من بددت عمرك لأجله ناكرًا للجميل..
لكل شخص لديه هذه النعمة.. يحتضنها بين جفنيه.. لا يفرط بها.. لأن خسرانها سوف يكسره ويؤلمه..
هل تفقدت أباك؟
متى كان آخر حديث معه؟
هل تقبلت منه تقلب مزاجه بسعة صدر؟
هل ساعدته على إمضاء الوقت بسعادة من غير ضجر الفراغ؟
احتوي أباك.. لأنه عاش لأجل أن يحتويك ويسعدك.. أبوك ليس شخصًا هرمًا.. وعليك إهماله، أبوك أصلك الذي تنتمي له، وعليك أن تعتني به.. هو سبب لوجودك على هذه الأرض.. راجع حساباتك فقد تتجرع من نفس الكأس..