العديد من الأقلام يمكن تسميتها بأدوات الكراسي لأنها تتقولب فيها وتتمنطق بها , وتذود عنها بإندفاعية منفعلة وبحجج واهية مطبوخة على نيران الأجيج العاطفي المستعر في دنياها.
فأينما تولى الأنظار في أرض الله الواسعة , تجد أقلاما مع الكرسي ضد الشعب , وهي كثرة ومستفيدة , وأقلام قليلة مع الشعب على الكرسي الذي يهضمها حقوقها ويصادر وجودها الإنساني الكريم.
ويمكن القول أن واقع حال المجتمعات يمكن الإستدلال عليه من رجحان أي الكفتين , فإن رجحت كفة أقلام الكراسي , فأن الحياة في المجتمع ليست على مايرام , وكذلك إن رجحت كفة أقلام الشعب , ويجوز القول أن التوازن بين الكفتين هو الأصلح , لأنه يعني أن هناك تفاعلا إيجابيا ومحققا لمصالح الجميع.
وليس من السهل تحقيق التوازن الإيجابي بينهما , لأن ذلك يتطلب وعيا جماهيريا وحرية تؤهل الإنسان لتقرير مصيره بنفسه وتأكيد إختياره الحر , وهذا لا يتوفر في المجتمعات المتأخرة , ويكون بنسب متفاوتة في المجتمعات المتقدمة عليها.
فالتقدم في جوهره يشير إلى نسبة الوعي الفاعل في العقل الجمعي للمجتمعات , ومن ثم تأتي المعايير والمفردات الأخرى.
وفي مجتمعاتنا تتسيد أقلام الكراسي وتفوز بالظهور والتسويق الفائق , والمكاسب الكبيرة والغنائم الثمينة والمكارم والعطايا , مما يزيدها تماهيا مع الكراسي وإمعانا بالتعبير عن منطقها ونوازعها , وما تروم الوصول إليه من أهداف أنانية فئوية تضر بالشعب.
ولهذا فأن التداعيات متنامية ومتراكمة ومؤيَّدة بأقلام تجردت من أخلاقها المهنية , وتنازلت عن ضميرها وقيمها , وتحولت إلى أصداء للعابثين بمصير البلاد والعباد.
ومن الواجب الوطني والإنساني أن تستيقظ هذه الأقلام من كمونها في مستنقعات الكراسي , وتنتصر على نفسها وتغادر إلى أنهار الحرية والأمل وتكون مع الشعب , وتساهم في توجيه أنظار الكراسي إلى الفضيلة وتحارب الرذيلة الفاعلة فيها.
فهل من أقلام جريئة؟!!