يعد نظام جباية أجور الكهرباء من المؤشرات الدقيقة والحاكمة في تقييم أداء المؤسسات العاملة في قطاع الكهرباء، فهو يعكس مستوى تطورها على وفق الأنظمة المتبعة في وسائل القراءة والتحصيل.
وضعت هذه المؤسسات الحكومية منها وغيرها من الشركات المعنية بهذا الجانب الكثير من الوسائل والأنظمة لتحقيق مستوى كفوء لفعاليات الجباية (الإدارية، الفنية)
وذلك بالاعتماد على عوامل محددة منها:
– الثقافة العامة ووعي الفرد.
– الإمكانات المادية المتاحة.
– القوانين الحكومية الساندة.
إن نجاح أي نظام متبع يعتمد أساسًا على شكل العلاقة بين الدوائر المجهزة للكهرباء (البائع) والمواطن (الزبون) فالعلاقة الإيجابية بين هذين الطرفين هي الكفيلة بتحقيق الاستجابة لسداد قوائم أجور الكهرباء الدورية، ضمن الوقت المحدد، وعدم التلاعب بمقادير الوحدات الكهربائية المجهزة باتباع الوسائل غير المشروعة فنية كانت أم بشرية.
من جانب أخر ابتكرت بعض دوائر الكهرباء العديد من أنظمة الحوافز المادية بخاصة للقائمين على أعمال الجباية وقد تم تطبيقها، بنحو فاعل، على أقسام القراءة والتوزيع لدوائر الكهرباء، منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، بعد أن تم تحويل المنشآت العامة لقطاع الكهرباء في العراق إلى شركات حكومية عامة تعتمد على التمويل الذاتي في تسيير الأعمال المناطة بها ، رافق هذا وضع ضوابط صارمة على وفق تعليمات محددة تخص آليات تطبيق نظام الجباية المعتمد آنذاك، وكان لهذا نتائجه الملموسة في تحقيق مستوى جباية متقدم مع انخفاض واضح في عديد حالات التلاعب، وتالياً أثره في تقليل نسبة الضياعات الإدارية لتقارب المقبولة منها.
إن تفعيل هذا النشاط يرتبط، بصفة مباشرة، بمدى اهتمام إدارة قطاع الكهرباء وسلامة اتباعها للوسائل المختلفة لجوانب المتابعة والمراقبة والتقييم ثم العمل على تطوير الأنظمة المعتمدة.
من الوسائل العملية الناجحة، التي طبقت في تحسين مستوى الجباية أو لمواجهة حالات إخفاض مؤشراتها من دون المطلوب هي تنظيم حملات شاملة لتدقيق عمل المقاييس وتأشير حالات التلاعب ومعالجتها، في الوقت نفسه، قطع التيار الكهربائي عن المشتركين، الذين لم يسددوا أجور الخدمة لدورات قراءة سابقة غير مكترثين بالتعليمات الخاصة بالمدة المحددة لوجوب السداد والمثبتة في قائمة الأجور .
أذكر أن إحدى الفرق العاملة تعرضت، في واحدة من الحملات إلى التهديد والوعيد الساخن عند تنفيذها الأمر الخاص بقطع التيار الكهربائي عن مكتب المحامي (م. د) الواقع في بناية المطعم التركي وسط بغداد حيث طلب منهم المحامي مغادرة الموقع والاعتذار والا فإنه سيقدم شكوى إلى ديوان رئاسة الجمهورية لمعاقبتهم، فاتصل المهندس عوني المكلف برئاسة فريق العمل المباشر بنا، و كنت، حينها (المدير العام للشركة العامة لتوزيع كهرباء بغداد)،
وأعلمني بتفاصيل الحالة فطلبت منه تنفيذ أمر القطع وعدم الخضوع لأي نوع من التهديد، نفذ المهندس الأمر ، و بعد أقل من ساعة تلقيت مكالمة هاتفية من وزير الصناعة والمعادن، وكان، حينها، المرحوم عدنان عبد المجيد يستفسر فيها عن ملابسات ما حدث وأخبرني أن مندوبًا من ديوان الرئاسة في طريقه، الان، إلى مقر الشركة (كان موقعها في منطقة الشورجة)، حضر المندوب إلى مكتبي ونظم شيكاً بكامل المبلغ المطلوب مضافاً إليه (كلفة القطع والإعادة للتيار الكهربائي) لصالح حسابات الدائرة وأعلمني أن هذا المبلغ من الحساب الشخصي للسيد رئيس الجمهورية وطلب مني الإيعاز بإعادة التيار الكهربائي الى مكتب المحامي موضوع البحث.
من جانبي كافأت فريق العمل المنفذ لأمر القطع وتعميم ذلك على أقسام الشركة كافة، فكان لهذه الواقعة تأثيرات إيجابية بالغة في الدعم المعنوي لإداء فرق العمل وترسيخ الكثير من معاني السلوك المهني الرصين بعيدا ًعن المؤثرات الجانبية، التي تعرقل سير العمل وتسهم في عوامل الخسارات المادية والفشل لأية مؤسسة في تأدية المهمات المسندة إليها.