لكل إنسان يسعى في يومه نشاط وحركة وفعالية يقوم بها تحمل معنى واحداً جهداً عضلياً او فكرياً. ومن يستمر في هكذا حركة متجددة يقال عنه أنه ناشط او نشيط في مجال الاعلام ، حقوق الانسان ، او ضمن حركة المجتمع المتواصلة يسمى بالناشط المدني والذي يتخذ من الحركة السلمية التطوعية والخدمية عنوانا له فيُعرف بالناشط المدني مثل مجموعات شبابية يقومون بعمل تطوعي لتنظيف دور العجزة او دور الايتام او صبغ الأرصفة او رسم إشارات العبور او إيصال مساعدات غذائية او طبية وهكذا تختلف الانشطة لكن الاهداف مشتركة ومعظمها أهداف إنسانية . تولد او تصبح الحاجة الى هكذا أنشطة الظروف التي يمر بها المجتمع او الدولة. في العراق وبسبب الأوضاع السياسية الخانقة للحريات العامة قبل العام 2003 ظهر مايُعرف بنشاط المعارضة وكان من النوع الثاني لمفهوم النشاط وهو النشاط الثوري اي القيام بحركات ثورية معارضة للنظام الحاكم. الحركات الثورية تتخذ لها عدّة أساليب عملية على أرض الواقع قسم منها يمارس العنف الثوري وهو رد فعل على سياسة النظام الحاكم للدفاع عن الوجود مثل الأحزاب الكردية في اقليم كردستان العراق لاجبار النظام على تحقيق مطاليبهم وحدثت مواجهات مسلحة سقط فيها ضحايا من الطرفين والمدنيين هم ضمن دائرة الصراع علما أن إسلوب النشاط الثوري للقيادات الكردية كان يستهدف عناصر قوة ووجود النظام الحاكم كالمخابرات والامن والجيش الشعبي او الرفاق الحزبيين الذين ترد تقارير عنهم بقسوة معاملتهم للمواطنين الكرد ، بينما نشاط النظام الحاكم فكان لايميز بين مدني او مسلح مثل ماحدث مثلا في هدم مايقارب اربعة الاف قرية من مناطق الاقليم وقتل الالاف بالاضافة الى مجزرة حلبجة الشهيدة. في جنوب العراق أيضا كان هناك نشاط مسلح أدى الى تجفيف الاهوار وتشريد الاف العوائل . نشاط آخر أكثر عنفا إستهدف وزارات او سفارات تابعة للنظام معظم العاملين فيه من المدنيين وهذا النشاط تميز به حزب الدعوة الاسلامية من خلال تفجير وزارة التخطيط والسفارة العراقية في بيروت والكويت وكان من ضمن فاعليه نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي من سنة 2007 -2014. نشاط آخر ضمن مفهوم المعارضة هو النشاط السياسي والاعلامي وهذين النشاطين أيضا لهما عدة فعاليات منها عقد اجتماعات او مؤتمرات او اعتصام ومسيرات امام السفارات ومكاتب الامم المتحدة ولجان حقوق الانسان وهكذا كما فعلت أيضا قوى المعارضة آنذاك مثل الاحزاب الكردية من خلال جالياتها في دول العالم لنقل القضية الكردية الى شعوب العالم ووسائل الاعلام . النشاطين السياسي والاعلامي هما من فرض على دول اوربا أن تتبنى مشروع قيام المنطقة الآمنة شمال خط العرض 36 لتوفير الحماية الدولية للمواطنين العراقيين الكرد من هجمات النظام السابق عقب قمع انتفاضة آذار 1991. هذين النشاطين كانت لهما نتائج إيجابية. أنا هنا لاأتحدث عن الجانب الاداري او القيادي في إقليم كردستان العراق كملفات اتهام للاحزاب الحاكمة في ملفات الفسادين المالي والاداري انما اتحدث عن مفهوم النشاط ومايهمني هنا هو النشاط الاعلامي الذي كنت ضمن مجموعته المستقلة كاعلامي معارض . واستمر هذا النشاط حتى بعد العام 2003 والى حد هذه اللحظة. ماهو الهدف من هكذا حديث؟ حديثي موجه الى الوطنيين الاحرار والناشطين الاعلاميين في ثورة تشرين. كل مرحلة لها ظروفها ومتطلباتها الظروف السابقة المحيطة بنشاطنا الاعلامي كانت ظروف الاغتيالات من خلال الاختطاف او دس سم الثاليوم . ونشاط المخابرات التابعة للنظام السابق كان نشاطا دؤوبا في مراقبة وملاحقة المعارضين ومع ذلك لم نُنهي نشاطنا انما كانت هناك انتقالات من مكان الى آخر كما حدث لي عندما خرجت الى سوريا عام 1995 ومارست نشاطي الاعلامي من خلال صحيفة بغداد والوفاق في العاصمة دمشق الى ان جئت الى الولايات المتحدة وعاد نشاطي الاعلامي من خلال قنوات تلفزيونية ثم مع تطور وسائل الاتصال بدات بالعودة الى الكتابة من خلال مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي. لم يتوقف نشاطي الاعلامي في مجالي السياسة والدفاع عن حقوق الانسان في العراق . السؤال هل اختلفت الظروف المحيطة بنشاطي الاعلامي؟ نعم حسب اختلاف المواضيع والجهة المُستهدفة من هكذا نشاط مثلا في السابق كان المُستهدف هو النظام الحاكم كمنظومة دكتاتورية بعد ذلك أصبح المُستهدف هي الجماعات الارهابية التي تقتل أبناء شعبي ثم الان الجهة المُستهدفة هي الاحزاب الحاكمة ومليشياتها ولكل جهة لها جمهورها أي المواجهة معهم اختلفت عن قبل العام 2003. أنتم الان أبناء ثورة تشرين تستهدفون قتلة مارقين ومرتزقة بلا ضمير سرقوا مستقبلكم وتحاولون أن توصلوا صوتكم ومطاليبكم لكنهم يقابلونكم بالقتل ونحن يقابلوننا بالشتائم والاتهامات الكاذبة ولو كنا في العراق لتمت تصفيتنا منذ مدة. انا كناشط اعلامي هل اتوقف ؟ لا فأنتم قضيتي الكبرى من خلال الدفاع عن حقوقكم المشروعة في الحياة الحرة الكريمة ودمائكم المقدسة هي حرمة الوطن الذي يجب أن يُسترد. فكروا بمفهوم النشاط واختاروا الطرق المناسبة لكم من اجل مستقبل أجيال قادمة وتأملوا فيما قلت.نعم أنتم كذلك تمرون بنفس الظروف التي احاطت بنا ايام المعارضة وحياتكم مستهدفة ولذلك عليكم بطرق اكثر تطورا وتفاعلا مع من يحكمون ويُشكلون مصدر خطر على حياتكم. هدفكم واحد هو تحقيق مطاليبكم العادلة التي أعلنتم عنها بداية ثورتكم الحرّة في تشرين الأول ، لامهادنة ولا قبول بسيناريوهات العملية السياسية الفاشلة من خلال رئيس الحكومة المُعيّن مصطفى الكاظمي فهو مصدر مهم لاعادة الحياة الى العملية السياسية بعد أن إقتربتم من خنقها لولا جائحة كورونا. الكاظمي يقوم بدور قذر هو الالتفاف على ثورتكم من خلال الانتهازيين والمنافقين ومهم جدا إسقاط ورقة مصطفى الكاظمي وانجاح ثورة تشرين الوطنية. حفظ الله العراق وأهله.