أحداث تتكالب أزمات بكم هائل تسبح بفضاء المطلق وصناعة الرأي، تنمو نمو الطحالب في مستنقعات ضحلة، منها ما يستحق الذكر ولا يذكر، وآخر يهول ويعظم فيكون قضية يتداولها مسلوب الرأي –المواطن- وتصبح جزء من حياته اليومية… فضائنا الأعلامي المرئي و المسموع، الورقي والألكتروني، بات اللاعب الأساس المتحكم بمصير الجمهور والحكام والأرض التي يلعب عليها ذلك أللاعب، بل حتى الملاعب المجاورة.
لنقوم بجولة سريعة في أروقة أحدى وسائل الأعلام ولتكن الأعلام المرئي…
الكثير من القنوات الفضائية صاحبة التوجهات المعروفة التي تأخذ على عاتقها أن تروج لسياسة مرجعيتها، على الرغم من أن معظمها تدعي الحيادية و الأعتدال … لكن لا يمكن أثبات ذلك بالقول دون الفعل… وأليكم المصداق
على ذمة قناة الشرقية – عاجل : 120 قتيل لقوا مصرعهم بانفجار 7 سيارات مفخخة في مدينة الصدر ببغداد مساء اليوم .
أقلب القناة عزيزي المشاهد، ولا ضير أن تكون قناة البغدادية عاجل : أكثر من 200 شهيد و30 جريح راحوا ضحية أنفجار 10 عبوات ناسفة بمدينة الصدر ببغداد صباح اليوم.
عجيب لقد تغير الأحصائيات والتوقيت! لنقلب القناة لنتأكد أكثر وسنكون في رحاب قناة الشعب العراقي، والمصدر الأعلامي الموثوق، الذي لا يمثل جهة معينة ولا يروج لسياسية الحزب الحاكم، كما أوضح مديرها محمد عبد الجبار الشبوط في مقال له قرأته قبل يومين … نعم سنكون في رحاب قناة العراقية، عزيزي المشاهد للحفاظ على سلامة اسنانك ونصع بياضها، ننصحك بأستخدام معجون المحبة واقي المينا، ينصح بأستخدامه كافة قيادات حزب الدعوة، علماً أن بغداد تعيش أستقرار لا مثيل له، ولا وجود لأنفجارات تذكر بفضل القوات الأمنية وحداثة وسائلها المستخدمة.
دخلت في متاهات القنوات الفضائية… ضاعت الحقيقة … لم يعد بأمكاني أن أثق بأحداها، فلماذا قناة الشرقية هولت الحدث، أذ كان من وجهة نظر العراقية لا يستحق الذكر؟ ولماذا قناة البغدادية وصفتهم بالشهداء؟ في حين الشرقية وضعتهم في عداد القتلى! أمر محير أليس كذلك ؟!
دعونا نرسم حلم وردياً, نعلم أنه بعيد المنال لكن لا مانع من ألتمني، لو أفترضنا أن هذه القنوات الفضائية وكافة الوسائل الأعلامية الآخرى، تعمل من أجل هدف واحد لا ثاني له هو نشر الكلمة الصادقة، فتحقيق ذلك مرهون بتوحد مرجعيات وممولي تلك الوسائل وتطابق رؤاهم وتجانس أفكارهم، وأثبات حياديتهم فعلاً لا قولاً، وهو أمر يستحال راهناً، في ضل الخلافات العالقة بين مرجعيات هذه القنوات، فهم منشغلون بتسقيط أحدهم للآخر، وأضعافه أمام مسلوب الرأي.