19 ديسمبر، 2024 7:11 ص

لم تکن الانتفاضتان في أواخر عامي 2017، و،2019 مجرد تطورين عابرين يمکن لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أن يتخطاهما ويتجاوزهما، بل کان تطورا سياسيا ـ فکريا من العيار الثقيل والذي برز على حين غرة أمام هذا النظام وجعله يضرب أخماسا بأسداس ولاسيما عندما تيقن من إنهما وفي خطهما العام يسيران لهدف محدد ولايمکن أن تحيدا عنه، وهو إسقاط النظام، وإن الاوضاع في إيران وبعد هاتين الانتفاضتين قد تغيرتا جذريا بعد هذين التطورين.

من يتابع المواقف والتصريحات الصادرة من جانب القادة والمسؤولين الايرانيين بشأن الانتفاضتين، يجد إنها مصحوبة دائما بنوع من الادانة الذاتية والاعتراف بأخطاء، ولکن عندما ندقق ونتمعن في مابين السطور، نجد أن الهدف هو من أجل الدفاع عن النظام وتبرير أخطائه وإلقائها على عاتق وکاهل البعض من الذين أخطأوا وأساءوا للنظام والشعب معا.

الارضية والاجواء التي أفرزتها هاتان الانتفاضتان غيرت مجريات الکثير من الامور وفرضت سياقا جديدا لم يکن سائدا قبلهما، إذ لم يعد هناك من مجال لتزکية النظام وجعله فوق الاخطاء والشبهات، بل صار من المهم جدا الانتباه للخطاب الموجه للشعب والسعي من خلاله توبيخ“قادة و مسٶولين“في النظام من أجل إمتصاص نقمة الشعب وغضبه، وهم يريدون من خلال ذلك کسب مودته وعطفه لکي يضمنون في نهاية المطاف إخماد روح وجذوة الانتفاضتين اللتين لازالتامستمرتان في صورة الاحتجاجات المستمرة يوميا والتي يعجز النظام عن إيقافها بکل الطرق والاساليب.

السعي الحثيث من أجل کسب ود الشعب الايراني وعطفه، هو في الحقيقة من أجل ضرب وشائج العلاقة القوية التي باتت سائدة بين مختلف شرائح الشعب الايراني وبين منظمة مجاهدي خلق التي کانت الداينمو والمحرك الاساسي وراء الانتفاضتین المذکورتين، وإن هذه العلاقة کما يعلم النظام جيدا، فإن هدفها النهائي هو النظام برمته ودونما إستثناء، إذ دأبت منظمة مجاهدي خلق في أدبياتها دائما على التأکيد بأن النظام کله مرفوض وليس فيه جانب إيجابي وآخر سلبي، بل إن کله سلبي، ومعادي للشعب جملة وتفصيلا.

الوهم وليس الخطأ الذي يقع فيه ويواجهه النظام حاليا، يکمن في إنه لايعرف ولايعي لحد الان من إن أمره قد صار معروفا ومکشوفا أمام الشعب، وإن السعي لدق أسفين بين الشعب وبين منظمة مجاهدي خلق صاحبة التأريخ المجيد في إسقاط نظام الشاه وصاحبة الدور الکبير في قيادةالمقاومة بوجه النظام والتصدي له وفضحه، إنما هو سعي خائب وغير مجدي ولايمکن أبدا أن يفلح ويحقق أية نتيجة مجدية ولاسيما من حيث سعي النظام لتقديم أکباش فداء من أجل المصلحة العليا للنظام وضمان بقائه وإستمراره، فهذا النظام وبعد أن بدأ الاعتراف الدولي بمجزرة عام 1988 يلوح في الافق وکذلك بدأ محاکمة الدبلوماسي الارهابي أسدالله أسدي وعصابته في بلجيکا، يعلم جيدا بأن الامور کلها قد تغيرت وإن الاوضاع تسير نحو منعطف لاعودة للنظام منه سالما!

أحدث المقالات

أحدث المقالات