من خلال هذا اليوم وساعاته القليلة الحاشدة بالأحداث الكبيرة، يقراء الناس التاريخ البشري كله، ونقراء من خلاله سنن الله في التاريخ، ونفهم كيف تسقط أمة، وكيف يستدرجها الله، ويعذبها، ويهلكها، وكيف يستبدل قوم أخرى، وكيف تسمو الحياة في التاريخ، وتسقط أخرى، وكيف يجري الخالق قانون الابتلاء فكيف يضيق عليها لتنمو وتبلغ رشدها، وكيف يستدرج أمة أخرى ليحل عليها العذاب والنقمة، وكيف يكون أستبدال هذا بذلك.
لان التاريخ هو مجموعة السنن الالهيه في حركة الانسان وصعوده وسقوطه، ولا يجري التاريخ بصورة عفويه، وإنما يجري بموجب سنن وقوانين دقيقة عالية الدقة، كما يجري التغيير في الفيزياء والكيمياء وغيرها.
الصراع بين الحق والباطل وبين جند الله وجند الشيطان هو المرآة التي تعكس هذه السنن والقوانين بصورة مكشوفه، هذا الصراع هو العامل الأكبر تأثيرا في حركة التاريخ، بخلاف النظرية الماركسيه التي تعتبر ( الصراع الطبقي) هو العامل المحرك للتاريخ، لا يمكن نفيه لكنه لا يعتبر العمود الفقري للتاريخ، وأنما يحتل جانبآ من جوانب حركة التاريخ.
أصبحت عاشوراء من أهم نماذج الصراع بين أولياء الله وأولياء الطاغوت نموذج نادر من الصراع الحقيقي الحاسم في التاريخ، لأنه يقرر مصير الإسلام، وبالتالي مصير رسالة السماء التي كاد أن تسقط في أيدي السلاطين الذين كانوا يحكمون بأسم الاسلام، هذه المعركة وحدها أستطاعت أن تضع حدآ للسلطة الزمنية الحاكمة.
أذآ عاشوراء مرآة لكل حركة التاريخ وإمتداد للصراع القائم بين الحق والباطل في التاريخ، والعكس ايضآ صحيح، فأن كل صراع في التاريخ بين الدعاة إلى الباري عز وجل واولياء الطاغوت نسخة من عاشوراء على درجات مختلفه من التمثيل وهذا هو معني الكلمة المأثورة والدقيقة المعروفه ( كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء).
أذا عاشوراء مرآة للتاريخ والتاريخ مرآة لعاشوراء ومن خلال عاشوراء نطل على حركة التاريخ، ومن خلال حركة التاريخ نطل على عاشوراء .
أذا فئتان تقابلا في لحظة حرجة في التاريخ لن يطول كثيرا، أحدهما تدعوا إلى أقامة الصلاة والعودة إلى الإسلام، يطلب من خلالها وجه الله ومرضاته في هذه الحركة والصراع ويقول :
أن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي ياسيوف خذيني.
ويطلب الآخر سقط المتاع في الحياة الدنيا ويقول :
إملأ ركابي فضة أو ذهبا إني قتلت السيد المهذبا.
يجسد أحدهما في سلوكه وقتاله أسمى القيم وأنبلها حتى في القتال، ويجسد الطرف الآخر أحط ألوان السلوك في أبتغاء الدنيا وفي الاجرام.
هكذا يسجل التاريخ القيم والمبادئ الحقه التي أخذ بها إلى اليوم، حتى نقراء مايقوله:
“مهاتما غاندي” الزعيم الروحي للجمهورية الهندية التي استطاعت على يدّيه الحصول على استقلالها ، وهو معروفاً بكرهه للظلم والاستبداد ، (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر).
أذا عاشوراء مرآة صافيه للتاريخ تعكس التاريخ بصورة صادقة وامينة، ومن خلاله يستطيع الإنسان أن يقراء التاريخ منذ خلق الله الانسان على وجه الأرض إلى اليوم.