22 نوفمبر، 2024 11:15 م
Search
Close this search box.

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكردية – اليهودية/ج30

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكردية – اليهودية/ج30

لقد خصص مؤلف كتاب ( الموساد في العراق ودول الجوار) الفصل الحادي والعشرون تحت اسم (عملية دوكان… فوز وهزيمة) لاهمية الموضوع على أقل تقدير بالنسبة لاسرائيل. فسد دوكان يقع على نهر الزاب الصغير ضمن محافظة السليمانية في كردستان العراق، يقع على مسافة 60 كيلومترا شمال غرب مدينة السليمانية وعلى بعد 100 كيلومتر شمال شرق مدينة كركوك، وهو سد خرساني مقوس نصف قطره 120 متر وطول قمته 360 متر، بدأ في بناء السد عام 1954م في عهد الملك فيصل الثاني وانجز عام 1959م في عهد الزعيم عبدالكريم قاسم وهو أول سد في العراق.” أرسل الرائد (احتياط) دان زيف حامل وسام البطولة خلال حرب 1956م، ونائب قائد كتيبة في اللواء الخامس والخمسين (احتياط) المظلي في نيسان 1969 الى كردستان، في مهمة خاصة، تتمثل في تدمير سرب طائرات ميك -21 عراقي في مطار كركوك. بيد أن دراسة هذه العملية على أرض الواقع، أشارت الى أن نسبة نجاحها ضئيلة، لذا طلب منه تنفيذ مهمة أخرى، تتمثل في تدمير سد دوكان… وهدف السد هو الحيلولة دون حدوث فيضانات، اضافةً الى توليد الكهرباء بقوة ستين ميكاواط وتخزين ستة مليارات مكعب من الماء لري مليوني دونم من الارض، وقد كلفت كتيبة عراقية لحراسته، ولا شك أن السيطرة على السد كانت ستمنح الاكراد ورقة مساومة جدية حيث تتيح لهم الحصول على تنازلات كبيرة من الحكومة العراقية”. الموساد في العراق ودول الجوار، ص239.
وبشأن الخطط والمقترحات التي قدمتها اسرائيل الى الحركة الكردية بشأن تدمير سد دوكان، فيما سمي بعملية( الكسندر ب) ” وقد تمت دراسة خطة تدمير سد دوكان خلال الاجتماعات التي عقدها، مع الضابط الايراني (بهلوان). وفي نهاية أيار 1969م توجه الضابط الاسرائيلي المظلي(دان زيف) وعزيز عقراوي والذي أوكلت مهمة الاشراف على تنفيذ العملية وبهلوان الى منطقة السد لدراسة المعطيات على أرض الواقع. وقد استغرقت الجولة اسبوعاً وكانت صعبة للغاية، وقد انسحب منها الضابط الايراني بهلوان في اليوم الاخير؛ خشية منه على حياته.
وتسدوق أوفير: [هو ضابط الموساد الذي حل محل حاييم ليفاكوف في ترأس طاقم الموساد لدى الحركة الكردية اعتباراً من شهر آذار/مارس عام1969م، وكان قد درب بعض الاكراد في اسرائيل خلال شهري نيسان وحزيران عام1966م]. وعزيز رشيد عقراوي [هو عسكري وسياسي عراقي كردي، ولد سنة 1924م في مدينة عقرة في كردستان العراق، وتوفي سنة 1998م، التحق بالكلية العسكرية سنة 1943م، ثم كلية الأركان سنة 1954م، وشارك في دورات في المملكة المتحدة والاتحاد السوفيتي، ترك الجيش العراقي والتحق بالحركة الكردية المسلحة في تموز 1962م، وكان حينها برتبة مقدم في المدفعية، وقد زار اسرائيل في شهر كانون الاول/ ديسمبر عام1967م، وجرح جرحا بسيطاً اثر مشاهداته مناورات للجيش الاسرائيلي في منطقة الجولان. وقد انشق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ، بعد المؤتمر الثامن تم تنصيب زبير محمود آغا الزيباري رئيس العشيرة الزيبارية قائدا عسكريا لمنطقة عقرة ، للعلم إن زبير محمود آغا الزيباري هو خال رئيس إقليم كردستان السيد مسعود البارزاني . المعروف إن زبير محمود آغا كان منذ بداياته وحتى بيان الحادي عشر من آذار لعام 1970 من أكثر المناوئين للقضية الكردية والثورة الكردية، بحيث إنه كان دائما مع الحكومات العراقية ضد الثورة الكردية، وكان أيضا يستلم الأسلحة والأموال الضخمة لمحاربة الثورة الكردية، وذلك جنبا الى جنب الجيش العراقي . لهذا السبب حدثت خلافات حادة بين العضو القيادي البارز والعسكري الكردي المعروف المرحوم الجنرال عزيز عقراوي الذي عارض بشدة تنصيب زبير محمود آغا قائدا عسكريا(= آمر هيز عقرة)، وبين الرئيس الحالي(= السابق) لإقليم كردستان السيد مسعود البارزاني، حيث آنتهت الخلافات بترك الجنرال عزيز عقراوي الحزب الديمقراطي الكردستاني نهائيا في عام 1974. ينظر: مير عقراوي، الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال وبعد المؤتمر الثامن، شبكة أخبار الناصرية، في13/10/2013م. ويبدو للباحث أن العقراوي كان منحازاً لابن بلدته عقرة، فلو كان الخلاف على تنصيب (زبير محموآغا الزيباري) آمراً لهيز عقرة، لكان على السيد عزيز عقراوي ترك الحزب منذ سنة 1970م وليس سنة 1974م. وعلى اية حال كانت هناك خلافات أخرى أعرضنا عنها خوف الاطالة، وعلى أية حال فقد التحق السيد عزيز عقراوي بالحكومة العراقية في بداية شهر آذار عام1974م، وقد نشرت جريدة الراصد الاسبوعية البغدادية، التي كان رئيس تحريرها مصطفى عبد اللطيف علي الفكيكي تفاصيل إنشقاق عزيز عقراوي عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني وهاشم عقراوي وأسماعيل ملا عزيز عضوي اللجنة المركزية للحزب بمانشيت عريض وعلى صدر صفحتها الأولى بالقول:” إنشقاق خطير داخل الحزب الديمقراطي الكوردستاني”. وبعدها تم استيزار عزيز رشيد عقراوي في 7/4/1974م بجعله وزيراً للدولة مع كرد آخرين من ضمنهم عبيدالله مصطفى البارزاني، وهاشم عقراوي، وعبدالستار طاهر شريف، وعبدالله اسماعيل (= ملا ماطور)، بعد اعفاء الوزراء الكرد السابقين التابعين للثورة الكردية].
ومن جانب آخر راقب الضابط الاسرائيلي( دان زيف) والمقدم عزيز عقراوي ومعهما قادة الكتائب الثلاثة (= أحدهم رشيد حاج بدرية سندي) الخاضعة للعقراوي السد والقوة التي تقوم بحراسته على بعد عدة مئات من الامتار، وأصبح بحوزة (زيف) حقيبة معلومات مفصة حول السد اشتملت على خرائط، ووصف دقيق له، اضافة الى صور. ارتكزت الخطة التي أعدها زيف والعقراوي بناءً على الصور والخرائط والمعطيات التي توفرت في أعقاب الجولة على احتلال منطقة السد، بما في ذلك محور الطاقة، ومساكن المدنيين الذين يشرفون على تشغيل السد والمكاتب في هجوم ليلي مفاجىء. وكي يصبح ذلك ممكناً كانت هناك ضرورة للسيطرة على كتيبة الحرس، التي كانت منشورة في معسكر واسع وكبير، وفي موقعين آخرين…”. المرجع السابق، ص239-240.
وكانت الخطة تنص على قيام ثلاثة كتائب (= بتاليونات) كردية،” وقد القيت هذه المهمة على عاتق ثلاث قوى كردية، والتي كان من المفروض أن تهاجم في آنٍ واحدٍ. كما وضعت قوتان كرديتان أخريلن قبل الهجوم بليلة كاملة للقيام باعمال قطع الطرق والاسناد. وأمرت هذه القوة المسلحة بالمدافع غير المرتدة، والمدافع الرشاشة المتوسطة باغلاق الطريق المؤدي الى الهدف، في وجه أية تعزيزات عراقية مدرعة، وقد انتشرت هذه القوة في المغائر على بعد يتراوح بين 500 – 700 متر من الطريق، وكان يفصلهم عن الطريق المياه العميقة لنهرب الزاب الاصغر، والتي توفر لهم الحماية من الهجوم المعاكس المحتمل من القوة العراقية التي قد تدفع الى المنطقة. وكانت الخطة تنص على أن تبدأ قوة الاسناد المعركة بقصف تليين براجمات من عيار 120 ملم على تجمعات العراقيين على أن تستمر عملية التمهيد( لتليين) نصف ساعة بدءاً من الساعة الثامنة(= الصحيح السادسة) مساءً وحتى هبوط الظلام. ثم كان على القوات المهاجمة التوجه نحو الهدف دون أي خوف من هجمات الطائرات العراقية نظراً لأنها لا تعمل ليلاً. كانت المسيرة باتجاه الهدف ستستغرق ثلاث ساعات حتى الساعة التاسعة والنصف. واعتقد زيف أن العراقيين سيعتقدون خلال هذه الساعات الثلاث، من السير الهادىء للقوة المهاجمة، أن القصف المدفعي ليس سوى عملية مضايقة وسيعودون الى حياتهم العادية.
وتنص الخطة أيضاً على أن تستأنف قوة الاسناد قصفها في التاسعة والنصف لمدة نصف ساعة أخرى حتى العاشرة، وهي ساعة الصفر لبدء الهجوم على التجمعات الثلاثة للكتيبة العراقية، والسيطرة عليها، وعلى منطقة السد. بدأ زيف والعقراوي وقادة الكتائب بالعودة فوجدوا بهلوان بانتظارهم في نقطة اللقاء، فتوجه الجميع الى مكتب البارزاني للحصول على موافقة وقد أصغى البارزاني باهتمام ثم صادق على العملية”. المرجع السابق، ص240.
وبشأن الخطة التي وضعها الضابط الاسرائيلي زيف والمقدم عزيز عقراوي، تم الطلب من الجانب الاسرائيلي بتزويدهم بالتجهيزات المطلوبة،” نقل زيف جميع التفاصيل الى إسرائيل، مع قائمة بالاسلحة والتجهيزات المطلوبة. ونصح بالشروع بالعملية فقط في أعقاب موسم الحصاد، كي لا يتيح الفرصة لسلاج الجو العراقي بالرد – كعادته – باحراق المحاصيل. الموساد في العراق، ص240.3
وكانت هناك ضرورة للاستعداد الشامل، بما في ذلك توفير اربعمائة بغل لنقل المعدات والاجهزة الى مكان الهدف. وقد راقب (زيف) عملية الاعداد، والاستعداد حتى آخر التفاصيل ثم عاد الى إسرائيل، وفي أحد أيام ايلول وبينما هو يتناول وجبة الافطار في كبوتسه، استدعى بسرعة الى الهاتف، حيث أعلمه ممثل الموساد، بأن العملية نجحت وفقاً للخطة الموضوعة، لكن فرحة (زيف) لم تكتمل فقد علم بعد ثمانٍ وأربعين ساعة، أن القوة المساندة والتي كان يجب أن تقطع الطريق على القوات العراقية التي دفعت الى المنطقة، انسحبت قبل الموعد المخصص لها، وقامت القوة التعزيز العراقية بمهاجمة القوة الكردية، وقتل كل من لم يتمكن من الفرار.
ولولا هذا العيب في الخطة، لتمكن الاكراد من السيطرة على مصدر الماء الذي يروي قسماً كبيراً من الاراضي العراقية، ولاصبح بمقدورهم الحصول على تنازلات كبيرة من العراق، أو الحاق أضرار جسيمة وطويلة الامد به. وعندما اتضح لوزير الدفاع موشيه ديان ولرئيس الاركان حاييم بارليف أن الوضع في كردستان في حاجة الى هزة عنيفة، قررا ارسال قائد سلاح المظلات والمشاة رفائيل إيتان الى هناك. ينظر: شلومونكديمون، الموساد في العراق، ص241.
وقد حدث سوء تفاهم بين قائد سلاح المظلات الاسرائلي رفائيل إيتان ومخطط عملية سد دوكان الرائد احتياط دان زيف بسبب خسارة عدد كبير من المقاتلين الكرد وفشل العملية في الاخير:” وعندما عاد ايتان الى اسرائيل، قال لدان زيف بشأن عملية دوكان: هل جننت؟ كيف تكلفهم بمثل هذه المهمة؟
زيف: لكنهم نفذوها.
رفائيل: لكن الجيش العراقي قتل القوة المساندة.
زيف: لست مسؤولاً عن الاخطاء، لو أنهم سمحوا لي البقاء معهم والاشراف على العملية، لما حدث ما حدث.
رفائيل: ورغم ذلك، ما كنت لاكلفهم بمثل هذه المهمة، فهم غير مؤهلين للقيام بها.
زيف: رغم تقديري الكبير لك، لا أقبل رأيك، لو أنهم تلقوا ارشادان صحيحة، لسارت الامور على ما يرام. الموساد في العراق ودول الجوار، المرجع السابق، ص243.
أما رواية السيد مسعود البارزاني فهي تتوافق مع الرواية الاسرائيلية من ناحية القيادة واللوجستيك، ولكنها تختلف في الخطط والاسلحة وغيرها، حيث يقول بهذا الصدد:” فكرت القــيــادة (= قيادة الحركة الكردية) في ضـرب هـدف سـتــراتيــجي منتــخب آخـر بـعـد ضــرب منشــآت بابا گـورگـور، فوقع الإخـتـيـار على مـعسـكر سد دوكـان. وبوشـر بالتـدريب واسـتـمر شـهـرين بقـوات خـاصة وبـأسلحة جـيـدة، وأنيطت قـيـادة العـمليـة بكل من عـزيز عـقراوي ورشـيـد سندي. وأختـيرت ليلة ١٩-٢٠ من أيـلول ١٩٦٩ للشروع بالعـملية. في البـداية كان الهـجوم ناجـحـاً إذ تم الإسـتـيـلاء على مـقـر اللواء(= الفوج) وانتـشـرت جـثث قـتلى الجـيش بالعـشـرات في ساحة القتال وتم أسر العشرات. لكن النصر إنقلب الى هزيمة وكارثة للپيشمرگه. وعنصر الخطأ هو ان الپيشمرگه بسبب هفوة صغيرة بعد الإستيلاء على مـقر اللواء تركوا الطريق الممتد بين دوكان والسليمانية مفتـوحاً واجتمعـوا كلهم في مقر اللواء فلم ينتبهـوا إلاّ والدبابات تداهمهم وهم في وسط المعسكر وترسل حـمماً من مـدافعهـا ورشاشاتهـا على الجنود والپيشـمرگه من دون تميـيز فـاضطر الپـيشـمـرگـه الى الإنسحـاب تاركين جـثث عـشـرة منهم في السـاحة ومـعـهم زهاء أربعين من الجرحى. ليس هناك شك في ان عدداً كبيراً من مرتبات الجيش ضباطاً وجنوداً قد قتلوا في أثنـاء الرمي على المعسكر، وهكذا كان النصر قـصير الأمد واستـعاد الجيش(= الفرقة الخامسة) المعـسكر وانسـحب الپـيـشـمـرگه. وجـرى تحـقـيق في الحـادث وراح القـائدان أحـدهمـا يلقي اللوم على الآخر إلاّ أنّ التقصير بطبيعة الحال ثبت على الأقدم من الإثنين(= عزير عقراوي). ينظر: مسعود البارزاني، البارزاني والحركة التحررية الكردية، ج3، ص215.

أحدث المقالات