17 نوفمبر، 2024 6:55 م
Search
Close this search box.

جائحة كورونا والتطرف في السياسة العالمية

جائحة كورونا والتطرف في السياسة العالمية

يعد المشهد اليوم ،وفي كل الدول سوآءا العربية ام الغربية علي فحوي تحول جذري في السياسة العالمية والدولية ،حيث نري معظم التصريحات التي تصاغ من صناع القرار(الدول ) ،أو من منظمة الصحة ،أو من العلماء المتخصصون سوآءا في السياسة ،أو في الامراض المعدية (الطب البشري ،والبيولوجي) ،علي وجود نوع من التطرف ،خاصة من جهة السياسة والتحول في المعايير الدولية ،فمن جهتهم هناك نوعان من التطرف في أنطولوجيا وأيديولوجيا السياسة فأولهم التشائميون،وهم من يرون أن الجائحة مصطنعة ،وأن بوادرها ومخرجاتها مازالت ،وأن الأزمة ،تطول إلي أجل غير مسمي ،وكذلك محاور السياسة الدولية سوف تتغير من المحور الأحادي ،إلي محاور لا أحادية ،أي ما يعرف بدورة القوة في العلاقات الدولية ،وهي وجود قوة مهيمنة ،مع وجود مجموعة من القادة (أقطاب ثانوية) ،التي توزعهم هذه القوة ،والمتمثلة في الولايات المتحدة الامريكية ،ومن جهة ثانية يري أيضا التشاؤميون ،أن هذه المعادلة لن تكون ،بل ترجح الكفة إلي ظهور معادلة اخري ،وهو عالم ،للا قطبي تكون فيه القوة الناعمة هي المعيار والمحور الفصلي في السياسة الدولية ،وصعود القوي الصاعدة ،مثل الصين و الهند كأقطاب صناعية بالمحاذات مع كل من المانيا ،واليابان ،تركيا ،اندونيسيا ،وتكون الولايات المتحدة كذلك كقوة محكمة بين القوي ،بحكم امتلاكها لاقتصاد صناعي وتجاري ،علي غرار الصين والمانيا ذات الاقتصاد التجاري وفقط ،فهنا يري التشاؤميون ،أن الجائحة مصطنعة ،من قبل (أشرار)،يريدون تغيير محاور ،وأعمدة السياسة الدولية ،من قطب صلب إلي قطب رخو (هجين).
أما المتفائلون ،يرون أن جائحة كورونا عبارة عن ازمة كباقي الأزمات الدولية التي مرت علي العالم منذ القدم ،وإلي يومنا هذا ،ومن منطلق تفكيرهم أن جل الأزمات بما فيها الأوبئة والأمراض ،قد غيرت من مجري الحياة عند الانسان العادي ،وكذلك الإنسان السياسي ،وكذلك يرون ان الأقطاب وموازين القوي سوف تتغير ،كما سيطغي علي السياسة العالمية الاخلاق وهو الشيء المفقود سابقا ،حيث غلبت ،وتغلبت عليه المقاربات الصلبة وهي التي كانت تفصل ،سواءا في الحروب ،أو المفاوضات وذلك من خلال ،الإكراه ،الإغراء،المساومة،وإستخدام اللوبيات ،وهم يرون ان عصر القوة الصلبة قد ذهب مع الجائحة ،وجاءت مكانه النظرة المعيارية والأخلاقية ،والتي وضعتها هذه الجائحة ،كبداية لإستفاقة الشعوب من غطرسة السياسيين ،وأدلجتهم لمعايير السياسة بما فيها اخلاقيات التعامل في الازمات والتوترات العالمية .
إن التطرف اليوم ظهر بالزي السلمي ويحاول تغيير وجهته في السياسة الدولية ،وذلك من خلال فكره المتوجس ،من الإنبثاقات الجديدة (ما بعد كورونا ),وكذلك علي الضعف الذي أظهرته العولمة وخسارتها في القرن الواحد والعشرون ،والتي كانت قد تكهنت لإعادة هيكلة للعالم مرة أخري، وبذلك فجائحة كورونا ،قد أعطت فرصة الدولة من اجل إعادة هيكلة نفسها ،وخوض غمار التناغم ،في حوض السياسة العالمية ،وإعادة رسم سيادتها الجديدة ،وسط المجتمع الدولي ،الذي نادي بها في ازمة 2008 ،وأعادت نفس الكرة في غمار هذه الجائحة .
إن جائحة كورونا ،قد أظهرت الوجه الحقيقي ،لصناع السياسة العالمية ،بمافيهم مجلس الأمن الدولي ،والذي كان دولب النزاعات والصراعات ،والأزمات الدولية ،والذي قال عليه “ديفيد بوسكو”في كتابة “خمسة يحكمون الجميع” أنه إذا توحد أعضاء المجلس والذي يعد أعلي هيئة دبلوماسية ،يقول بسكوا أنه إذا توحد أعضاوءه،فإنهم يستطيعون شن الحروب ،وفرض العقوبات ،والاطاحة بالحكومات ،وإعادة ،ترسيم حدود الدول ،غير أن العكس ظهر في هذه الجائحة ،والاي عجز فيها مجلس الأمن حتي إجاد طريقة لتقديم المساعدات لدول الحلفاء ،فهل ذهب عصر القوة الصلبة .
إن تصريحات الرئيس الأمريكي ،فيما يخص الفيروس ووصفه أنه ،فيروس صيني ينم علي بوادر ،بقاء القوة الصلبة ،وينم كذلك علي وجود وتكريس الفكر المتطرف ،حتي في عز الأزمات العالمية ،فهل هذا يعود إلي اليمين المتطرف ،أم يعود إلي أمننة التطرف ،وهل “صامويل “عندما حذر من الحضارة الاسلامية ،وكذلك دعا إلي جعل الحضارة الصينية كشريك ،هل كان يدعوا الي فكر تطرف .
إن هينتغتون،الذي يري انه بعد نهاية الحرب الباردة ،اصبحت هنالك حاجة ملحة لزرع برادايم جديد يساعد علي إدراك وتفسير التحولات الكبرى التي يعيشها العالم ،لذلك فبردايم الحضارات هو افضل برادايم ارشادي لفهم الاحداث المهمة في العالم ،ويري ايضا ان انقسام الحضارات عاملا مهما في تحديد النزاعات المستقبلية والقادمة،وحدد هنيتغتون مجموعة من العوامل لمواجهة الصراع بين الحضارات وهي
عزل روسيا علي الدول المحيطة بها.
استقطاب الصين اقتصاديا وجعلها بمثابة الشريك في الرخاء لمنع اتحادها بالإسلام
تجزئة التماسك في بلاد الحضارة الاسلامية لإضعاف قوتها .
والملاحظ ان هنيتغتون وكل ما جاء في اطروحته عبارة عن تطرف ،فلم يولي اهتماما للحضارة وعلاقتها بالعولمة .وكذلك يتناسى هنيتغتون ان الدين ليس العامل الاساسي في قيام الحضارات ،ومن جهة اخري لا يجوز ولابد من الاتفاق علي أن الرد عن الارهاب لا يكون بتقسيم العالم إلي محور خير ومحور شر ،والرد عن التطرف لا يكون بمزيد من التطرف.
لقد حاول صامويل ان يقنع العالم ان الصراع الحقيقي هو بسبب الاختلاف الثقافي ،غير ان الاختلافات الحقيقية تكمن في كيف توزع القوة ،والثروة بين الدول القوية والضعيفة اي الكبرى والصغرى.
لهذا فقد حولت جائحة كورونا كل توجسات الصراعات والنزاعات ،سوآءا الصلبة ،ام الثقافية ،الي لحمة واحدة همها الخروج من هذه الجائحة ،في اقرب وقت ،إنها النظرة المعيارية الجديدة في السياسة العالمية ،والتي تغلب عليها سياسة التحالف والاتفاق علي عقلية وطابع التطرف والنزاع ،انها اخلاق المواطن العالمي والمعولم الذي يري العالم علي شكل رقعة واحدة تنم علي وجود مواطنين من نوع واحد ،أساسهم العيش بسلام وحرية صحة ،انهوعصر مابعد العولمة والهيمنه وعصر اللاقطبية الجديدة ،الذي يحد من الهيمنة القطبية ويشجع علي دورة القوة ،وظهور قوي جديدة مثل الصين ،العند ،روسيا ،انه عصر القوي الصاعدة،وعالم سيتحول من المقاربات الصلبة إلي المقاربات المعيارية .

أحدث المقالات