اعلن السيد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن موعد اجراء الانتخابات المبكرة في السادس من حزيران من عام 2021 . وقد تلى ذلك سلسلة من الدعوات من عدة جهات لجعل موعد الانتخابات مبكراً اكثر .
ومع وجود شكوك في مدى كفاية الفترة المتبقية لاجراء تلك الانتخابات بشكل كفوء ونزيه يعكس ارادة الناخبين العراقيين ، الا ان البعض اراد للانتخابات ان تجرى قبل الموعد المعلن من قبل رئيس الوزراء!!
السؤال المنطقي هو لماذا ذلك الاستعجال ؟
وبغض النظر عن مدى تحقق رغبة المحتجين في جعل الانتخابات تجري على اساس الدوائر المتعددة بدلاً عن الدائرة الواحدة ، فهل سوف يخدم الاجراء المبكر للانتخابات مطالب المحتجين العراقيين في ساحات التظاهر؟
الملاحظة الاولى والاساسية هي كون المتظاهرين والناشطين لازالوا غير منظمين في إطار تنظيمي واحد او أكثر لكي يدخلوا الانتخابات ببرنامج انتخابي محدد !!
كيف سيضمنون فوز مايكفي من الناشطين او من يختارونهم في عضوية البرلمان القادم؟
مضى على بداية الحراك الشعبي عشرة اشهر تقريباً ولازالت المطالب المعلنة هي :
نريد وطن …..
ولكن كيف ؟ ووفق اي رؤية واي برنامج واي توجه سياسي واقتصادي واجتماعي ؟
هل هنالك مايضمن ان تقدم الاحزاب الحاكمة وجوهاً تابعة لها لكنها جديدة على الساحة وتبدو كأنها تنتمي للحراك الشعبي ؟
هل ان الناشطين في الساحات وفي المنابر الاعلامية يعملون على تنظيم انفسهم؟ هل تم البدء في تلك العملية ؟ وهل سيكون الجمهور على بينة بخصوص المرشحين من دعاة التغيير الحقيقي والذين افرزتهم التظاهرات ؟
هل يستعينون بخبرات دولية في هذا الخصوص ؟
في بعض الدول تأسست احزاب سميت حزب المؤتمر على أثر عقد مؤتمر لمناقشة القضايا الوطنية وانبثقت عن الاجتماع لجان تنظيمية وفكرية تولت تاسيس الحزب الذي خاض الانتخابات وفاز وتولى تغيير مسيرة الحياة السياسية في ذلك البلد .
انا الاحظ ان الناشطين الذين يمثلون المتظاهرين ليسوا متفقين على موضوع الدوائر الانتخابية فيما اذا كانت متعددة او دائرة واحدة ، ويظهر ذلك من خلال احاديثهم على شاشات التلفزيون .
وكل فريق منهم له تبريره لما يريد !!
وحتى بعض السياسيين المنتمين لاحزاب عريقة يقتصر حديثهم على انتقاد اداء مؤسسات الدولة والفساد المستشري فيها دون التركيز على النهوض بمستوى الوعي السياسي لدى الجمهور لمساعدته في القيام بافضل اختيار في الانتخابات القادمة .
في الانتخابات السابقة والتي قبلها ظهرت قوائم تمثل الاكاديميين والفنانين والمثقفين لكنها لم تفز بمقعد واحد !!
ما الذي يريده الجمهور ؟ هل لديهم تصور جمعي عن مواصفات من يستحقون الانتخاب ؟ ووفق اي أسس ؟ هل هي السمعة ام التاريخ الوطني ام العمر ام التحصيل العلمي ام الخبرة المهنية ام المنطقة الجغرافية او الانتماء الديني او المذهبي او العشائري ؟؟
ماهي منابرهم المخلصة التي تخدمهم باخلاص للوطن قبل اي شيء آخر؟ هل لديهم صحف او قنوات تلفزيونية او نقابات مهنية تتضامن معهم ؟
وهنا قد يبدو الالحاح على تقديم موعد الانتخابات كمحاولة لمنع تكوين أطار تنظيمي يحتوي دعاة التغيير في العملية السياسية وتطويرها نحو الافضل .
كلما كان الوقت الذي يفصلنا عن موعد الانتخابات اقصر ضاقت الفرص امام دعاة التغيير لإحداث تغيير ملموس او ربما عدم إحداث اي تغيير على الاطلاق.