تكرار اعتداء القوات الأمنية، جيش او شرطة او حشد شعبي، على الناس ظاهرة جديرة بالدراسة لغرض وضع حد لها وايقاف التدهور السريع في جسور الثقة بين الشعب والدولة.
تاريخيا كانت حركة الفتوحات من اهم عوامل تقوية الإمبراطوريات والدول وتأسيس جيوش عظيمة يغزون بها البلاد ويغنمون منها ويفرضون عليها الأتاوات ويستولون على الأراضي والممتلكات مما كانت تشكل اهم الموارد التي تساعد على استمرار اسباب القوة والمنعة، ولهذا فإن توقف الفتوحات او تراجعها كان مفتاحا لتراجع الدولة ووهنها ونكوص الجيوش، التي لم يعد لديها عمل، للتدخل في شؤون الدولة وتنصيب او عزل الملوك والأمراء واستقطاع مقاطعات شاسعة وغنية من جسد الدولة وتحويلها الى ممالك وضيعات خاصة بقادتهم.
الجيش الذي دأب على المعارك والقتال لا يمكن له ان يستكين ويركن في جحور المعسكرات ، واذ لم يعد امامه عدو خارجي يصارعه وينشغل به يتوجه اهتمامه الى الداخل ولانه لا يجيد مهنة غير التسلط والقتل نرى مثل هذه الحوادث الشنيعة.
لقد تحول العراق الى مجموعة من الثكنات المسلحة بعد حرب طويلة وشرسة مع الإرهاب. جيش. شرطة، حشد شعبي، حشد عشائري. مكافحة ارهاب. قيادة عمليات. حفظ نظام. حفظ قانون. امن وطني. استخبارات، مخابرات. لا يقل عديدهم عن ١,٥ مليون فرد ولا يقول معدل رواتبهم عن مليون دينار بينما معدل الراتب لموظفي الدولة الآخرين لا يتجاوز ٦٠٠ الف دينار.
يقول الخبير الإقتصادي منار العبيدي ان ٥٦٪ من تخصيصات الراتب في الدولة، والبالغة ٦ ترليون دينار شهرياً تذهب لوزارتين فقط. الدفاع والداخلية. اي ان الدفاع والداخلية يستحوذون على حوال ٣,٥ ترليون دينار بينما بينما يعيش بقية الموظفين في اكثر من عشرين وزارة بمبلغ ٢,٥ ترليون دينار.
طاقة هائلة من المال والسلاح بلا عمل تقريبا لا بد ان تتحول الى ظاهرة سلبية، نشهد انعكاساتها المهينة على حياة الناس وكرامتهم وقوتهم. تفكيك هذه الطاقة التي تحولت من ايجابية محاربة الإرهاب الى سلبية محاربة الناس ضرورة ملحة والا فإن البلد في القريب العاجل سيتحول الى جحيم، ولن يسلم مرفق في الدولة والمجتمع من التدخل والتخريب، خصوصا الإنتخابات.