18 ديسمبر، 2024 9:55 م

في تشريعات إقليم بارزان وجلال ؟!

في تشريعات إقليم بارزان وجلال ؟!

القسم الرابع
بدأ الرئيس الأسبق المرحوم جلال الطالباني حديثه في الفديو الخاص بتأسيس الدولة العراقية عام 1920 وعلاقة ذلك بالحركة الكردية المسلحة ، ببيان وجوب التذكير بالحقائق ، مبينا أسباب النسيان وعدم المعرفة من وجهة نظره الحزبية والسياسية الفاقدة لمقومات المهنية التأريخية ، لأن كيفية معرفة الحقائق في ظل تطور سبل ووسائل تبادل المعلومات أصبحت مما لا يصعب الوصول إليها ، خاصة من قبل المختصين أو المهتمين بالبحث عن الحقائق ، أما بشأن مرافعته في مجلس الحكم الذي باع العراق ماضيا وحاضرا ومستقبلا فلا جدوى منها ، حين يقبل أعضاؤه القول بأن كردستان كانت تسمى ولاية الموصل ، في الوقت الذي كان العراق يتكون من ثلاث ولايات هي ( الموصل وبغداد والبصرة ) منذ زمن خضوعه للدولة العثمانية ، وأن المناطق المجاورة لولاية الموصل شرقا مثل أربيل والسليمانية من ضمنها وليس العكس . وذلك هو واقع الحال قبل تأسيس الدولة العراقية سنة 1920 ، أما موضوع الإستفتاء الخاص بتنصيب الملك فيصل على العراق ، وإستثناء الأكراد من المشاركة في الإنتخابات ، فقد كان مشروطا بأن تكون المناطق الكردية مخيرة في الإشتراك من عدمه ، وألا يؤثر ذلك على قرارهم النهائي تجاه حكومة العراق ومنزلتهم لديها ، وليس منعهم من المشاركة أصلا ، ولأن الموضوع يتعلق بالأكثرية العددية والأغلبية العربية المؤثرة في نتائج الإستفتاء والإنتخابات في تكوين الدولة الفتية ، كما إن القول بأن معاهدة سيفر ( سمحت لكردستان العراق بالإنضمام لكردستان المركزية التي كان لها حكما ذاتيا ) . فذلك من الأوهام غير المتطابقة مع الواقع ، ولا مع ما نصت عليه المعاهدة من أن ( الدول الحليفة الرئيسة ، لن تضع أي عراقيل بوجه الإنضمام الإختياري للأكراد القاطنين في ذلك الجزء من كردستان الذي لا زال حتى الآن ضمن ولاية الموصل إلى هذه الدولة الكردية المستقلة ) ، والتي يقصد بها حكومة محمود الحفيد في السليمانية كما سيأتي بيانه ، إضافة إلى إعلان الحكومتان العراقية والإنكليزية سنة 1922 على تشكيل حكومة للأكراد بحيث ( تعترف حكومة صاحب الجلالة البريطانية والحكومة العراقية معا ، بحقوق الأكراد القاطنين ضمن حدود العراق ، في تأسيس حكومة كردية ضمن هذه الحدود ، وتأملان أن الأكراد على إختلاف عناصرهم ، سيتفقون في أسرع ما يمكن على الشكل الذي يودون أن تتخذه الحكومة وعلى الحدود التي يرغبون أن تمتد إليها . وسيرسلون مندوبيهم المسؤولين إلى بغداد لبحث علاقاتهم الاقتصادية والسياسية مع حكومتي انكلترا والعراق ) . وعبارة تأسيس حكومة كردية ضمن حدود العراق لا تعني تشكيل دولة ، حسب قول المرحوم الطالباني الموجه لمجلس الحكم ، بأن ( أعطينا الحق من قبل العراق والإنتداب البريطاني بتشكيل دولتنا ، وتأتون بعد 82 سنة وتناقشونا على الفدرالية ، المفروض تقبلوننا وتكونوا ممتنين لمطالبتنا بالفدرالية بعد 82 سنة من حق الإستقلال ) ، وتلك وما أعقبها من التخرصات التي تتقاطع مع الواقع الفعلي ، حيث أوصت لجنة التحقيق في سنة 1925 ، على أن تبقى الموصل جزءا من العراق ، مع شرط بقاء الإنتداب البريطاني على العراق لمدة 25 سنة ، لضمان حقوق الحكم الذاتي للسكان الأكراد . وعلى الرغم من أن تركيا قد وقعت على معاهدة لوزان في سنة 1923 القاضية بقبول قرارات العصبة ، إلا أنها رفضت قرار العصبة وشككت في سلطتها . لتحال القضية إلى المحكمة الدائمة للعدل الدولية التي أقرت بأن قرارات العصبة المتخذة بالإجماع يجب قبولها . وعليه وقعت بريطانيا والعراق وتركيا في 5/6/1925 على إتفاقية منفصلة تبعت قرار مجلس العصبة ، ووفقا لهذه الإتفاقية ألحقت الموصل بالعراق . كما حلت عصبة الأمم في عام 1926 النزاع بين المملكة العراقية وتركيا للسيطرة على محافظة الموصل . وقد مثلت بريطانيا العراق في الشؤون الخارجية وفق الحق الذي منحته إياها العصبة في الإنتداب البريطاني على العراق منذ سنة 1920. وعلى الرغم من إنتماء الموصل تاريخيا إلى العراق ، كانت الحكومة التركية الجديدة قد أعلنت أن الموصل هي جزء تأريخي من تركيا . فأرسلت عصبة الأمم لجنة تحقيق تتألف من أعضاء من بلجيكا والمجر والسويد إلى المنطقة لدارسة هذ القضية ، لتجد عدم رغبة السكان في أن يكونوا جزءا من تركيا أو العراق ، لكنهم يفضلون العراق إذا وجب عليهم الإختيار بين الإثنتين .
*- إن المدرك لحقيقة معاهدة سيفر بفصل الولايات العربية عن الدولة العثمانية فقط ، لا يؤمن بما قرره المؤتمر خارج تلك المهمة ، لأن على الدول المهزومة في الحرب أن توقع على الوثائق بعد إعدادها ، والسلام مفروض فرضا ولم يكن نتيجة مفاوضات . ودول المؤتمر غير مسؤولة عن لزوم التنفيذ فيما يتعلق بالأقليات في الدول المهزومة أو التي خارج بلدانها ، ولعل عصبة الأمم التي تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919 ، قد حددت حماية الأقليات العرقية في أوروبا ( وليس في غيرها ) . وغالبا ما قام البعض بتحدي قراراتها وأظهر إحتقارا واضحا لها ولمن أصدرها ، فجاء مثلا رد موسوليني في إحدى القضايا بقوله ( إن العصبة لا تتصرف إلا عندما تسمع العصافير تصرخ من الألم ، أما عندما ترى العقبان تسقط صريعة ، فلا تحرك ساكنا ) . وبذلك أثبتت العصبة عجزها عن حل المشكلات الدولية وفرض هيبتها على جميع الدول دون إستثناء ، خاصة عندما أخذت دول معسكر المحور تستهزئ بقراراتها ولا تأخذها بعين الإعتبار . إلا إذا إتخذت من قضايا الأقليات عصا للتلويح بها لمن يخالف إرادتها وعدم تحقيق مصالحها ، بتحريك الأقليات لتهديد أمن وإستقرار من يعارضها من بلدانها ، وما تشبث بعض تلك الأقليات بها وكما في موضوعنا ، إلا لإثارة الضجيج الإعلامي الذي تخشاه الدول الضعيفة وتنصاع لأمره ، وإلا فما كان بشأن الأكراد في إيران وتركيا اللتان لم تمنحا الأكراد لديهما بعض البعض مما منحه العراق للأكراد القاطنين على أرضه ؟!. إلا محاباة وتكريما ؟!.