من حقنا أن نفرح، ومن حق جيلنا أن يفرح يوماً واحداً أو ساعة واحدة من عمره الذي قضاه بالخيبات والهزائم والحسرات، يوم الجمعة 24 تموز2020 عاد جامع آيا صوفيا الكبير، وهي اشارة بانه يمكن ان نشهد او يشهد اولادنا عودة القدس الشريف واعمار جامع النوري الكبير، وعودة الكثير من المدن والحواضر التي دمرها التطرف والطائفية والارهاب وخيبات الحكام الذين حكمونا.
من حقنا اليوم ان نفرح بعد ان شبعنا حزناً وظلماً، بعد ان ضاعت القدس والجولان وسقطت بغداد وأسرت صنعاء واليمن السعيد، وتعيش دمشق أسوء أيامها ودمار الموصل وحلب وقبلها تقسيم كوردستان وازالتها من الخريطة وضياع المحمرة وعربستان والكثير من المدن التي يعرف اهلها فقط ما حل بها من دمار وخراب.
اليوم نفرح لعودة جامع آيا صوفيا الكبير والذي نود ان لا يفسر هذا الكلام باي تفسير او مدح سياسي، ونقول عودة وليس كما يصرح او يكتب الكثيرون (تحويل كنيسة الى جامع)، فالذي جرى هو معركة قانونية وقضائية استمرت عشرات السنين، اصطف فيها القوميون والعلمانيون والاسلاميون ومختلف ابناء الشعب التركي في هذه القضية، وان المسألة ليست صراع بين كنيسة وجامع او كما يريد البعض ان يصوره بسبب خلافهم اليوم مع النظام السياسي الحاكم في تركيا، او انه صراع اديان من اجل تحشيد العالم ضد هذا القرار، الذي هو تتويج لنضال وصراع امة تريد اعادة هويتها ومجدها الذي حاول ويحاول الغرب وأذنابه طمسها والضغط على كرامتها وشرفها.
عودة جامع آيا صوفيا بعد 86 عاماً وانطلاق (الله اكبر) والخطاب السماوي الموجه الى العالم اجمع من خلال آيات القران الكريم، وفرحة الشعب التركي بمختلف الوانه الذي ينظر الى “آيا صوفيا” نظرة وعقيدة ورمزية تاريخية ودينية وسياسية كبرى، والذي يعتبره مركزا إسلاميا ويحظى برمزية كبيرة، مُرتبطا في الأذهان بـ” فتح القسطنطينية”، وأن منع أتاتورك، إقامة الشعائر الدينية في المسجد عام 1931 قبل صدور مرسوم حكومي عام 1934 بتحويله إلى متحف، وقامت المحكمة العليا في تركيا يوم الجمعة 12 تموز بالغاء المرسوم الحكومي الصادر عام 1934 القاضي بتحويل آيا صوفيا من مسجد إلى متحف، استنادا إلى وثائق تاريخية تؤكد شراء السلطان محمد الفاتح مبنى “كنيسة” أيا صوفيا من القساوسة قبل تحويله إلى مسجد، بعدها وقع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على مرسوم بأعادة آيا صوفيا إلى مسجد، مُعلنا فتحه أمام المسلمين لأداء الصلاة في 24 تموز، وأن بلاده مارست حقها السيادي في تحويله إلى مسجد وسوف تعتبر أي انتقاد لهذه الخطوة تجاوزاً على سيادتها.
عودة آيا صوفيا هو عودة لسيادة القانون واستقلال القضاء وانتصار للسياسة وخطاب الانسانية الذي يعيد الثقة بالنفس والصدق مع الآخرين.