الذي يجلس على كرسي السلطة والمسؤولية يجب أن يكون في تمام قواه العقلية وعافيته النفسية , وأي إضطراب فيهما يوجب إبعاده عن الكرسي.
فالمجتمعات المتقدمة القوية تهتم بذلك وتترصد وتراقب المسؤولين ويتم تقيمهم عقليا ونفسيا , وأي خلل أو إضطراب يدفع إلى مزيد من التقييم , وربما المعالجة والتداخلات الأخرى لحماية المجتمع من آثارها الخطيرة.
وفي المجتمعات المتأخرة ما أن يلامس مقعد الشخص الكرسي حتى يكتسب القدسية والمعصومية من الخطأ ويصبح حالة فوق البشر , لا يمكن النظر إليه بإستقامة وإستفهام , لأن في ذلك إعتداء وعدم إحترام , بل وعدوان.
ولو قرأنا التأريخ بعيون أخرى لوجدنا الكثير من الأحداث والتداعيات , قد نجمت عن خلل في القوى العقلية ولإضطرابات نفسية وسلوكية متنوعة أصابت الكرسي السلطان.
ويبدو أن للخرف أو بداياته الدور الكبير في الأحداث الصعبة , التي عانت منها البشرية على مر العصور والأزمان , وكذلك الكآبة والهوس وغيرها من الأمراض التي تصيب العقل والنفس وتؤثر في مسيرة الحياة.
وعندما نقرأ أحوال الكراسي في مجتمعاتنا ستتكشف لنا إضطرابات الشخصية الفاعلة فيها والمتسببة بتفاعلات سلبية في المجتمع.
ولهذا تجد الفرقة قائمة ما بين المختصين بالعلوم النفسية والكراسي , خوفا من إكتشاف عاهاتهم وآفاتهم العقلية والنفسية الفاعلة فيهم وحولهم.
وكثيرا ما تطغى الأوهام والهذيانات على ذوي الكراسي في المجتمعات المتأخرة , وكذلك التصورات والرؤى الآخذة بهم إلى مسافات خارجة عن مساحة الواقع الذي يتحركون فيه.
ولهذا تجد المجتمعات المبتلاة بذوي العاهات النفسية واللوثات العقلية في الدرك الأسفل من العصر , وما يدور فيها …كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثا…. , فلا بناء ولا تفاعلات إيجابية ذات قيمة حضارية.
فهل لنا أن نضع في الكراسي صاحبَ عقلٍ سليم؟!!