تشهد المحافظات الجنوبية –منذ مطلع الشهر الجاري- سلسلة من النشاطات المكثفة واللقاءات والاجتماعات والأعمال المختلفة؛ذات النفع العام والخاص، صبت كلها في في شعبية الحكومه . وقد تمخضت بالفعل تلك الزيارة عن نتائج كثيرة نستطيع منذ الآن رسم ملامحها الأساسية ، ولن يضيف لها زيارته إلي عين المكان،الشيء الكثير بالقياس علي الزيارات السابقة . فماهي أهم تلك النتائج؟
لعل من الواضح أن الرؤساء في بلادنا يجدون متعة خاصة في زياراتهم إلي المحافظات الجنوبية ،ومرد ذلك إلي عوامل كثيرة أهما : غياب الوعي المدني لدي السكان المحلين وأسلوبهم في التعاطي مع الشأن العام، ونظرتهم للدولة ،وعلاقتهم بالحاكم منذ عهود الاستعمار وإلي الآن. وهوما يجعل الرؤساء في بلادنا تستمتعون كثيرا بتلك الأجواء الطيبة،والبريئة ،التي تحمل لهم الكثير من التقدير والتبجيل والتعظيم واللامبالاة . وتدفع تلك الظروف بعض الرؤساء إلي الهروب من مشاكل العاصمة ،وتحديات سوء التسيير، والفساد،والأزمات السياسية ،وضغط الأحزاب ،والمحتجين وأصحاب المظالم إلي حيث الوسط الطبيعي الهادئ الذي تغيب فيه كل الوعي السياسي وتستتب فيه الأمور لصالح مرضاة الحاكم ، وتقدم فيه صورة مشرقة والحياة السعيدة …
إنها باختصار أسعد لحظات الحكم ،وأكثرها طمأنينة ورخاء تلك التي يقضيها الرئيس في جولة داخل ما أسماء هو نفسه بعراق الأعماق… ولعل أعمق الأعماق هو محافظة البصرة بمعايير العمق السالفة ..فالجهل والتخلف ينصب أكبر خيمة له في ربوع البلاد ويملؤها بالباحثين عن فتات الموائد وقليل الفضلات، والمتسولين من أدعياء الثقافة والصحافة والفكر …
وإذا كانت تلك بالفعل هي أكثر نتائج الزيارة وضوحا ورسوخا في تاريخ زيارات رؤساء البلاد إلي المناطق الجنوبية ،فإن أمورا أخري تحققت هي الأخرى بسبب هذه الزيارة أهمها:
– ترميم الشوراع التي يمر بها المسؤول.
– طلاء جدران المنازل والمحلات والبيوت التي ستقع عليها أعين الرئيس في كل الاتجاهات في المحطات التي يزورها نهارا .
– تسوية الطرق التي ستعبرها سيارة الرئيس ذهابا وجيئة
– توفير كميات كبيرة من الملابس الرجالية والنسائية للذين يقبلون الاصطفاف علي جنبات الطرق أمام نظاري الرئيس
– صرف مبالغ هامة في مشتريات متنوعة: (مشروبات ، لحوم ، سكر ،شاي مأكولات ،أقمشة.. إلخ) من أسواق المحافظات التابعه لجهات الحكوميه المسؤوله عن المشتريات .
– تخصيص مئات السيارات لحماية المسؤول وتزويدها بكميات كبيرة من الوقود .
– رواج كل أصناف التجارة البائرة و انتعاش جيوب المغنين والشعراء والبشمرقة والمعربدين والمتفسخين والمتفسخات .
– زيارة الموظفين السامين في الدولة لأقربائهم ومعارفهم الذين لم يكونوا ليزوروهم لولا هذه الفرصة التي تمنحهم: إذنا مفتوحا ،ونقودا مستباحة، وصلة رحم مقطوعة..
كل ذلك هو ماتحقق بالفعل ويتحقق في كل مرة يزور فيها الرئيس ربوع البلاد ، ولكن أفضل من ذلك قد يتحقق في هذه الزيارة ،لأن وعيا شبابا جديدا بدأ يظهر في الأفق ومن شأنه أن يصحح الأوضاع ويعيد للمحافظة المضطهدة من أبنائها وحكامها الاعتبار ويجعلها تقف بحزم في وجه الفساد والمفسدين