ترددت الأخبار في الآونة الأخيرة عن عزم الحكومة المركزية في بغداد، بالتنسيق مع حكومة الإقليم في أربيل، بإدخال البيشمركة الى ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها؛ وكأنها ارض مختلف على عائديتها بين دولتين متجاورتين!؟ على اعتبار أن هذا الاجراء المرتقب، جاء بنتيجة التوغل التركي في الارض العراقية، وهي فرية لأغراض اقناع الرأي العام العراقي، بحرف بوصلته، بالتعمية على الحقيقة، بالتسويق الإعلامي لهذه الكذبة المفضوحة؛ لأنها، حجة لا صلة لها في العمليات التركية في الشريط الحدودي بين الدولتين لمطاردة حزب ال p k k وكما تدعي الحكومة التركية الذي لايلغي ادعاءها هذا، حقيقتين؛ اولا هو اختراق للسيادة العراقية!؟ وثانيا، لجهة المستقبل الذي يحمل في الافق المنظور؛ ضم ارض عراقية بعينها. مع أن هذا الأمر تنفيه تركيا مع كل عبور للحدود العراقية أو اجتياح قواتها للأرض العراقية، وتؤكد بأن جميع عملياتها العسكرية في شمال العراق، للمحافظة على أمن حدودها، وبالتالي أمنها القومي. ان هذا الاجراء اذا ما تحول الى واقع على الارض، فهو اجراء مبيت، بمعنى؛ متفق عليه مسبقا وما التوغل التركي سوى حجة جاءت في الوقت المناسب، وهي حجة يفندها الواقع الذي يجري ومنذ سنوات على الارض، بل ان الواقع هو ما اغرى تركيا، لبسط سيطرتها على ارض عراقية، من ناحية، ولو وكما تدعي مرحليا. ومن الناحية الثانية؛ هو احتلال لأرض عراقية، والامساك بها وبقوات كبيرة الى حد ما وبمعدات ثقيلة، يدعمها ويسندها طيران حربي مكثف. أما لماذا نؤكد من انه اجراء مبيت وجرى حسابه مسبقا، بين بغداد بحكومتها الحالية، وأربيل!؟ للسببين:
اولا؛ ان المناطق المتنازع عليها لا تقع على الشريط الحدودي، ولا تتواجد فيها قوات مقاتلة للحزب اعلاه. ربما له مناطق امنة فيها، كمناطق ادارية ولوجستية، اضافة الى ان القوات التركية لم تصل إليها في العمليات العسكرية الأخيرة. أما بعشيقة التي تقع في سهل الموصل، والتي تصنف من المناطق المتنازع عليها، فالقوات التركية متواجدة فيها ومنذ سنوات عدة، ولم تحرك ساكنا لا الحكومة العراقية ولا حكومة كردستان، ولم يعيرا اهمية لهذا التواجد، ولم يقض مضجعيهما، وما تسببه من جرح بليغ لجسد السيادة ومشاعر وحس الكرامة للإنسان العراقي الذي في علقه، بارومتر غاية في التحسس لجروح الوطن التي سببتها، رماح عبرت الحدود إليه من جميع الجوانب؛ لتنغرز في جسمه.
ثانيا؛ الحكومة في اقليم كردستان تؤكد بمناسبة ومن دون مناسبة؛ بأن القوات الكردية جزء من القوات العراقية، وفي الوقت نفسه لا تسمح للجيش العراقي بالانتشار في كردستان حتى وان اقتضى الظرف تواجده هناك، والادهى والأمر؛ تؤكد باستمرار وبلا ادنى تردد وبصورة واضحة وصريحة لا غموض فيها ولا التباس؛ يُذكرنا الجيش العراقي؛ بجرائم الجيش العراقي السابق!؟ هنا يظهر امامنا سؤال ومن واقع ما يجري على الارض، ماهي مهام القوات الكردية في اقليم كردستان؟ أليس من مهماتها الدفاع عن اراضي الاقليم؟ فإذا كان الجواب لا قدرة لها في مواجهة القوات التركية، وهو تبرير صحيح، لكنه لا يعني عدم التصدي، ولو بما متاح من قدرة وإمكانية، وبصورة محدودة وموضعية، لأثارة الرأي العام الدولي، إعلاميا، حول هذا التوغل، وفضح ما يحمل من اطماع. أن وقوف البيشمركة بجمود وبلا حركة ورد فعل على التحركات التركية في كردستان العراق؛ يجعلنا نشك في عنوان الكتاب الذي يتحدث عن التوغلات التركية في شمال الوطن( اقليم كردستان العراق)، بأن له، كما يقول العارفون، عنوان اخر موازي، وهو الأكثر صدقا وحقيقة، بتناول الموضوع بطريقة مختلفة تماما؛ عليه ومن صلب هذه الاجابة وما ألحقنا بها من استطراد؛ لماذا، لا يسمح للجيش العراقي في التواجد في ارض الاقليم!؟ على الأقل الجيش العراقي له القدرة في الحد من الاندفاع التركي، لأن له غطاء قانوني وسيادي لناحية القانون الدولي الذي يحمي سيادة الدول على ارضها وحدودها. لذا، في حالة اشتباك الجيش العراقي والقوات الكردية معا مع الجيش التركي عند عبوره الحدود الدولية بين الدولتين، سيعري تركيا كدولة معتدية على سيادة وحدود دولة جارة. الى الآن وحكومة الاقليم ترفض ان يكون للجيش العراقي وجودا ولو مؤقتا على اراضي الاقليم.
ان عودة التنسيق بين بغداد وأربيل لغرض السماح للقوات الكردية في التواجد في (الاراضي المتنازع عليها)، بسبب التوغل التركي ما هو الا خدعة، لتمرير ما هو متفق عليه مسبقا بين الحكومتين. لو كان الأمر بخلاف هذا، لكان الأمر برمته على عكس ما هو مطروح للحوار والتنسيق بين الجانبين، لكان الاهم والاجدر والأكثر واقعية وموضوعية بل الواقعية الكلية ومن جميع الجوانب؛ هو مناقشة آلية وأمكنة التواجد الدائم وليس الوقتي للجيش العراقي في اراضي الاقليم كونها وفي الاول والاخير، ارض عراقية وليس ارض لدولة جارة للعراق. في هذه الحالة ستواجه تركيا، جيش واحد يقف على الحدود لحمايتها، يتلقى اوامره من حكومة واحدة، والتي تستند بدورها على قرار سيادي واحد، يستخدم جميع اوراق الضغط التي بحوزة الحكومة العراقية وما أكثرها، بالعمل الجدي والمصمم عليه بقوة وبإرادة وطنية عراقية راسخة وليس بالأقوال والتصريحات الرنانة، والتي لاتسمن ولا تغني من جوع بل يجري استثمارها لذر الرماد في عيون العراقيين التي لا ينفع معها هذا الرماد في حجب الحقيقة عنها؛ مما يجعلها او يجبرها اي تركيا على البحث عن مخرج لمعالجة الوضع على حدودها مع الحكومة العراقية، بالحوار والمناقشة على ايجاد ارضية مشتركة، يتم الاتفاق عليها بين الجانبين، لحماية حدودها من هجمات حزب العمال الكردستاني التركي..( الاصح نضال هذا الحزب على طريق الحرية والتحرر..) السؤال المهم هنا؛ هل هناك، دولة في العالم تعتمد في الادارة، النظام الفدرالي، لكل فدرالية جيشها الخاص بها، يمنع دخول الجيش الاتحادي الى تلك الفدرالية او هذه؟ قبل ترك الإجابة لمسؤولي العراق.. نؤكد بأن لا جود لهكذا تنظيم أداري الا في العراق.. حتى الولايات المتحدة التي تعتمد الفدرالية، التي هي اقرب الى الكونفدرالية، يوجد فيها جيش واحد بالإضافة الى الامور الاخرى الموحدة، والتي ترتبط بالإدارة الامريكية في واشنطن.