75 سنه مضت على نهاية الحرب العالميه الثانيه وانهت حياة وفعل احد كبار المرضى العصابيين الذى قبض بيد من حديد على حياة ومستقبل دولة وامه لها تاريخ كبير ومشاركات ومساهمات فى الانجاز الحضارى العالمى. حينما ننظر الى الخلف ونقف على طفل, وصبى مراهق وشاب, رجل فى تيه وضياع, لم يحصل سوى على شهادة المتوسطه, غارق فى احلام اليقظه, دون ان يبدى اهتماما بما حواليه, لم يمارس عملا منظما, تمكن خلال بضعة سنين ان يتقدم فى السلم الاجتماعى, من جندى متطوع للخدمه الى خطيب موفوه موهوب لحزب يمينى شعبوى, ثم رئيسا لحزب العمال الاشتراكى القومى الالمانى. فى الفتره 1925 – 1933 ينجح حزبه فى الانتخابات ويصبح مستشار الرايخ الثالث ولم تمضى سنه واحده ليوحد فى شخصه المستشاريه مع رئاسة الجمهوريه. انها مسيرة فريده ومثيره وتكاد لا تصدق, تحتاج بكل تأكيد الى دراسة وادراك جملة مركبات وتركيبة الحاله العامه لالمانيا بعد خسارتها للحرب العلميه الاولى والشعور الطاغى بالخيبه والخساره والضياع, من ناحية اخرى فان هذا الرجل الذى وحد الصفوف خلفه, لابد ان يكون ذو نوعية خاصه لها قابليات وحضور وشخصية متعددة المستويات ذو مواهب وقدرة كبيره قى التاثير والاقناع. ان السؤال يقرض نفسه, كيف تمكن هذا الرجل الذى لم يكن المانيا اصلا ان يجمع كل هؤلاء الناخبين الالمان, الحزبيين, المنتمين , المؤيدين. المعجبين, المنافقيين والانتهازيين حوله. وفقا لما يدلى به الخبراء من ان حوالى 50 الف عمل جاد, بينها بضعة مئات من الكتب, ومازالت تصدر بحوث تكتشف مفردات حياتيه عن حياة, حكم هتلر, وشخصيته تحاول فك الالغاز والاسرار التى تفاعلت مع مكونات اخرى افرزت هذا الانسان الذى قاد البشريه الى ماسى وحروب, حوالى 55 مليون انسان من القتلى ومئات الالاف من الايتام والمشريدين والاف المدن فى اوربا سحقت ارضا, ربما يمكننا , تجاوزا ان نصف الزمن الهتلرى, الاشتراكيه القوميه الالمانيه والحروب , والزمن ما بعد هتلر وقيام الديمقراطيات الغربيه والشرقيه. ان هذا الاهتمام المستمر حول وعن هتلر يرتبط بقضايا التاريخ والسياسه والاخلاق والنفس البشريه التى تهمنا جميعا. اما بالنسبه لى , فانا احاول ان ازيح الصوره التى تبلورت لدى المواطن العراقى والعربى عن هتلر كقائد وطنى قومى تم بناء المانيا فى زمنه, و قبولنا بهتلر نكاية باليهود الذين هم مثلنا سٍاميون ونعود الى شجرة واحدة متعدده الفروع والاغصان, ثم نتجاوز تبنى بعض المواقف والاراء التى تكذب وجود معسكرات الاعتقال مثل اوسشفيتس, بوخنفالد وواخرون, خاصه حقيقه وجود المحرقه. وسوى ان كان عدد اليهود الذين كانوا ضحايا المحرقه 100 شخض , 100 الف او 5 ملايين فهى تعبير عن احد الاهداف الكبيره التى تكلم عنها هتلر قبل ان يستلم السطه فى كتابه كفاحى, الذى يقوم على تصقيه اليهود فى اوربا والتى اخذت خطواتها العمليه التنفيذيه.منذ استلامه وحزبه حكم المانيا الرايخ عام 1933. يشير تكوينه البنيوى النفسى الى نقص كبير فى الضبط الذاتى, ولم يتعلم السيطره على الطاقه التى يحملها, منفعلا ويبدو عليه غضبا كبيرا, غير قادر على العمل بشكل مستمرو شديد التحول بين المزاج الرحب الطيب والسقوط فى الحزن والكأبه. كان له منذ طفولته ميلا قويا نحو الخيال مفردا بنفسه غالبا ما لايتوافق مع الحقيق حواليهه وكما يذكر فى كتابه , انه اثناء اقامته فى فيينا كان يتخيل نفسه العيش فى القصور الفخمه ولم يطمح ابدا التعود ومعابشه الواقع وكانت الحدود بين الحقيقة والواقع انسيابية دائما, واذا حصل سؤ تجاوب بين الحلم والحقيقه فانه يعمل, ياخذ بشعوره الذاتى بالتفوق. ان مجمل تفكيره وسلوكه يدور حول ذاتية متعاليه وعنيفه بحيث اصبح غير قابل وعديم العلاقات الانسانيه, كانت حاجته فقط الى شخص ما الذى يقص عليه حياته وافكاره, ان الاخر والاخرين, والافكار الاخرى لم تكن لها موقعا فى حياتهو و التناقض يثير لديه الحيره والتشتت والنقد يرد عليه بالشتائم والبغضاء. انه يعتقد وباصرار قيمته العالية جدا متفوقا على الاخرين وانه مكلف برساله لابد ان يحملها. ان كل هذه النقاط التى تشير الى مواطن ضعف فى شخص هتلر لم يمنع ان يكون سياسى محترف فى هوجاء تلك الايام فى المانيا وبشكل خاص فى مدينة ميونيخ. كان كقائد للحزب لم يكن بحاجه الى عمل منظم وكانت كل جهوده وطاقته تتمركز حول الخطابه التى يتدرب عليها مسبقا والتى يكون بعدها مرهق جدا. من الاسباب التى تعمل على نجاح حضور هتلر ثقته العاليه بافاق المستقبل الكبير الذى يقدمه وايمانه المطلق الذى لايقبل الشك بشخصه, بالحزب والاشتراكيه القوميه التى كان مؤسسها. بعد شهرين من قضاء محكوميته قام بتأسيس الحزب, حزب العمال الاشتراكى القومى الالمانى والبرنامج الذى يحمل 25 نقطه التى وردت فى برنامج الحزب عام 1920 , وكما هو معرف قان هذا البرنامج يحمل كل شىء, يوعد العمال بالنقابات وزيادة الاجور, ويوعد الفلاحين بزيادة اسعار منتجاتهم ومساعدتهم فى تطوير عملهم للانتاج النباتى والحيوانى, اما بالنسبه للرأسماليين واصحاب العمل قانه سوف يطوع العمال ويلغى النقابات ويضع حدا للاجور. لقد سئل احد قادة الحزب عن ماهية برنامج الحزب فقال , انه كل شىء يختلف تماما عنما هو قائم, ولكن ما هو ؟ فهذا ما سوف يكشف عنه عند تولى السلطة فعليا. ان الحزب اخذ الابتعاد عن التنظيم المليشياوى العسكرى المتمثل بمليشيا SA, الاس اه, المسلحه فرقة الهجوم, التى سوف ينزع عنها سمتها العسكريه والتوجه نحو تكوين تنظيم بروقراطي يتجاوز العمليات العنيفه السريعه الناجحه وانما يأخذ حزب الاشتراكيين القوميين بمسيرة طويله يكسب من خلالها تايد المواطين الناخبين. لقد وقف الحزب والاشتراكيين القوميين لاول مره على الاقدام بدلا من دعم ومساعدة الجهات الحكوميه. ان عددا من اعضاء الحزب لم يكن متفقا مع الاتجاه الذى اخذ به هتلر, هذا بالاضافه الى النقد والسخريه من قبل كبار الشخصيات العسكريه والمدنيه للاحزاب والتكتلات اليمينيه الشعبوبيه. ان تقلص حجم الحزب لم يؤثر على تصميم هتلر وصحة القرار الذى اتخذه, ومع ذلك فقد كان عدد اعضاء الحزب فى نهاية عام 1925, 27117 عضوا. ان مرحلة جديده سوف تبدأ معالمها قريبا. التتمه تتبع.