لوباء كورونا مضاعفات سلوكية تم التطرق إليها من قبل المختصين ونُشرت العديد من المقالات عنها , ولم يخطر على بال أنه سيتسبب بنوبات هياج هستيرية ستجتاح الدنيا بأسرها , كوسيلة للتحدي والتفاعل مع الحياة بقوة وإقدام , لأنه أملى على الناس سلوكيات غير مرغوبة , وتحديد شديد يتطلبه الحجر الصحي وتستدعيه الوقاية الصارمة , لخطورة الوباء وعدم توفر اللقاح والعلاج.
ويبدو أن المجتمع البشري يمر بمرحلة هياج هستيرية ربما ستتفاقم وتتفاعل وتتضاعف , مما يعني أن الدنيا مقبلة على موجات وبائية فائقة التأثير والفتك , وأن البشر تحوّل إلى بركان ثائر لا يهدأ , مادام الوباء فاعلا فيه ومؤثرا على أساليب حياته التي لا يطيقها.
والبشرية قد تعوّدت على نمط حياتي معاصر تكاد تشترك فيه معظم المجتمعات , وفجأة تجدها أمام محنة الموت إن هي تواصلت على ذات السلوك , فأصيبت بإحباطات ونوبات قلق وهلع وحزن وإكتئاب , وقلة صبر لأن الحالة ستطول , وعلامات الأمل مترافقة مع مخاوف جمة.
وفي ذات الوقت برزت الإشاعات والدراسات المزيفة التي تغذي نيران الهياج البشري , وتدفع به إلى ميادين الوعيد الشديد.
فالبشرية تواجه عدوا لا تراه ولا تعرفه وتريد أن تعرفه , لكي تقاتله بما يحقق إنتصارها عليه بأقل الخسائر الممكنة , لكنها وبرغم ما عندها من الوسائل والقدرات , تقف متوجسة مترددة والحيرة تطغى عليها , والعجز يخيم على مؤسساتها , التي أصيب فيها العاملون من الأطباء والممرضات والممرضين وغيرهم الذين يواجهون المصابين بالوباء.
هذا الهياج الهستيري ربما سيتطور وستترتب عليه مضاعفات سلوكية قاسية ذات تداعيات خطيرة ومريرة , ويأتي في مقدمتها الإنتشار الأشرس للوباء.
ولا يُعرف هل إنها إرادة الأرض التي تدفع بخلقها نحو الموت , أم أنها إرادة الموت المستيقظة في دنيا البشر , والتي تأخذهم إلى مهاوي المهالك والفناء؟!
وسنبقى نترقب تطورات السلوك الهيجاني الهستيري , الذي تصاب به البشرية كنوبات أثناء القرون التي تجري بحسبان , فالربع الأول منها يزدحم بالنكبات والحروب والويلات الجسام القاسيات , فهل سنعبر إلى ضفاف ربعه الثاني بأمان؟!!