يؤكد متابعون للشأن العراقي أن هناك “تناقضا” صارخا و” إزدواجية” في المعايير كانت واضحة جدا، في أساليب وممارسات الدولة العراقية، في التعامل مع مواطنيها، من المكونات الأخرى ، والتي يطلق عليها بالمحافظات الغربية أو مناطق حزام بغداد، ، وبخاصة في أزمة ” معتقلي الدورة” ، وهي ربما تعدهم من وجهة نظر هؤلاء المراقبين ، من الدرجات دون الثانية والثالثة ، حين كانت توجه لهم التهم أو الاعتقالات العشوائية التي تشمل الآلاف منهم ، وتضعهم في السجون والمعتقلات، وتقوم بتغييب عشرات الآلاف منهم، دون أن يعرف مصيرهم!!
ويعرب مراقبون ومتابعون للشأن العراقي عن إستغرابهم من الضجة التي إفتعلتها قوى وشخصيات سياسية عراقية عليا ، ممن يهيمنون على مؤسسات الدولة وسلطة القرارالعيا ، وما رافقها من تأجيج المواقف” و حالة ” التصعيد ” غير المبررة ، تجاه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ، وما جرت من محاولات ، لفرض الارادات عليه بالقوة والاكراه، بالرغم من أنه أعلى سلطة في الدولة العراقية، وهو القائد العام للقوات المسلحة ، وهم من وضعوه في أعلى سلطة الهرم، واراد الرجل، أن يفرض سلطته على “جماعة ” تابعة لجهات أمنية ” ، تجاه أناس “خارجين عن القانون” قاموا من وجهة نظر الحكومة، باعمال ” عدائية” تهدد الدولة وسلامة أمنها، وزارهم في مقراتهم الأمنية قبل ذلك، وأكد عليهم ضرورة الانصياع لأوامره ، كقائد عام، ومع هذا أندلعت نيران ” مواجهة شرسة” كادت لاتبقي ولا تذر ، بشأن مصير “مجموعة مسلحة” ، يعتقد بأنه لها ” نشاطا تخريبيا” ، كان يفترض أن يتولى القضاء العراقي التحقيق بقضيتهم، وهو من يقرر إن كانوا مذنبين او أبرياء، في وقت ثارت ثائرة قادة أحزاب السلطة بدون استثناء ، وبخاصة من تلك التي تعلن ولاءها لايران، واعلنوا مسبقا “تبرئة” تلك العناصر التي كانت تخطط للقيام بأعمال خارجة عن القانون ، قبل أن تقدم الى القضاء، وبإعترافات بيان عسكري صادر عن العمليات المشتركة، من أنهم نفذوا العملية بموافقات ومذكرات قبض قضائية، بناء على معلومات إمتلكوها ،عن سعي مجموعة مسلحة إطلاق صواريخ لإستهداف منشآت مدنية عراقية أو معسكرات عراقية ، ولديهم ” ادلة ” على ذلك ، كما يقولون، بعدها جرى إطلاق سراح من إعتقلوا ، قبل ان يحاكموا او قد جرت لهم “محاكمة صورية”، تحت التهديد، وظهروا بعدها في اليوم الثاني لإعتقالهم، وامام الإعلام ، وكأنهم هم ” المنتصرون ” والدولة هي “الخاسرة” ، بعد ان حملوا رايات واعلام التحدي لسلطة الحكومة، وهم في قمة الاهتمام بهم وعلى مناضد الدولة ، واعلنوا عدم موافقتهم على الانصياع لها أو قبولهم بنزع سلاحهم، ورفضوا الإذعان لسلطة الدولة ،بأي شكل من الإشكال، بل ذهبوا الى أكثر من ذلك ، حين هددوا رئيس الوزراء بتقديم شكوى ضده، لانه بحسب تبريراتهم، إعتقل مجموعة من حشدهم وليس من الحشد الشعبي التابع للحكومة، وهو ما لا تقبل بها هذه الجماعات أو تسمح به في المستقبل به، ولن تقبل بأي حال من الأحوال ، أن تمتد يد الدولة عليها، لأنها أكبر من سلطة الدولة، وهم يعدون أنفسهم خارج ارادة السلطة وفوق قانونها!!
ويؤكد المراقبون والمتابعون للشان العراقي أنه لو كان افراد المجموعة المسلحة من طائفة أخرى ، ولديهم مجرد” نوايا” لقيام بأي نشاط ، حتى وان لم يستهدف منشات دبلوماسيية او حكومية، لكان قد ” أقامت الدنيا ولم تقعدها” بأن تطبق عليها أقسى القوانين، وتعمل على فبركة تعامل سياسيين من المكون الآخر، وتجد فيها فرصتها لتوجيه الإتهام الى قادة هذا المكون ، للانتقام منهم وكأنهم ” إرهابيون” ” وخارجون عن القانون: ولابد من ان يحاكموا بتهم 4 إرهاب، وقد جرت أغلب أحداث السنوات الاخيرة على هذه الشاكلة، لكن الأنكى من ذلك ، هو ان أغلب هؤلاء هم أبرياء، كما يؤكد سياسيون وشخصيات أمنية من داخل سلطة الدولة، وقد اعتقلوا إما بوشاية من ” المخبر السري ” أو بدوافع مسبقة للإنتقام من منطقة او جماعة او قادتها ضمن السلطة من أجل التنكيل بهم وتقديمهم بسرع فائقة ، الى قضاء تحت سلطتهم وضغوطهم ، لارغامه على توجيه تهم الارهاب بحقهم، أو لنقل تهيئة ” مبررات مسبقة ” للقضاء ،دون “فعل جرمي” ، أو ” فبركة فعل جرمي” لاحالة هؤلاء الى القضاء ليحكم عليهم في غضون دقائق ، وايداعهم السجون والمعتقلات، وقد جرت عشرات بل مئآت الحالات على هذه الشاكلة في سنوات مضت، وهم بمئات الالاف يرزحون في السجون والمعتقلات وكثير منهم بلا تهم او محاكمة، وبعضهم الاخر لايعرف عنه اية معلومات ودخلوا ” غياهب الجب” في غرف الجهات السياسية الحاكمة المظلمة، دون ان يعرف أحد عن مصيرهم!!
لقد أكدت حالة ”مجموعة مسلحة صغيرة” في منطقة الدورة ” البوعيثة” ،من وجهة نظر مراقبين ، ومتابعين للشأن العراقي ، والمسلسل الرهيب والعنيف في ردة افعاله ، أن هناك ” إزدواجية ” و ” انتقائية مفرطة ” في معايير التعامل مع مواطني الشعب العراقي وبخاصة من المكونات الاخرى، التي تعد من وجهة نظر مراقبين أنها ، أي الحكومة، تعدهم مواطنين من الدرجة العاشرة ، ولا يستحقون الرحمة والشفقة، وتطبق عليهم اقسى القوانين، وينتظر أحكام الاعدام الكثيرين منهم!!
ويؤكد المراقبون والمتابعون للشأن العراقي أن تلك الحالة التي جرت أحداثها في منطقة الدورة، انه ليس بمقدور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ان يبسط سلطته على الجماعات الخارجة عن القانون او الحشد خارج اطار الدولة، واظهرت أنها اقوى سلطة من سلطة الحكومة بكثير، بل أن الحكومة ظهرت في ادنى مستويات الضعف والتخبط والفوضى ، وهي تواجه أزمة صغيرة، واذا بها تتحول ضدها الى ” مؤامرة كبرى” بل و “خيانة ” من القائد العام للقوات المسلحة، لمجرد أن الرجل “تحرش ” بتلك المجموعة المسلحة،بعد إن ضبطها بـ “الواقعة الجرمية” والتصوير لمشهد الحدث ، كي يحيلها الى القضاء، وعدوها ” سابقة خطيرة” لاينبغي تكرارها بأي حال من ألاحوال!!
ويتوصل المتابعون للشأن العراقي الى نتيجة غاية في التشاؤم ، من ان الدولة تحت سلطة السيد مصطفى الكاظمي، غير قاردة على إعادة ” هيبة الدولة” او سلطتها مستقبلا، او عند محاولتها ” فرض سلطة القانون” ، وانه لن “يتورط” بعد الان في الدخول في ” مواجهة ” معها، وهي التي ثارت ثائرتها الجهنمية ضده، وتهجمت عليه بأشد الألفاظ والعبارات، الخارجة عن كل السياقات والاعراف ، ووجهت له تهديدات مختلفة، أبرزها احتمال إحالته الى القضاء، لينال جزاءه العادل، لأنه حاول ” التحرش” بمجموعة مسلحة، لايريدون للكاظمي او لغيره ان ” يتحرش” بها ، تحت أي مبرر، وأن ” يغلس” على أفعالها، إن كان يريد البقاء لفترة اطول في منصبه، الذي هم من جاءوا به، وقبلوا بتسلمه المنصب، وإن كان على مضض، والا سيكون مصيره في خبر كان!!