هذا عنوان الكتاب الذي صدر في العام ٢٠١٧، لزلماي خليل زادة السياسي والدبلوماسي الجمهوري الامريكي الأفغاني الأصل ، والذي أوكلت له مهمة المبعوث الرئاسي الخاص للمعارضة العراقية في الخارج ، وتولى بعد إحتلال العراق السفير الامريكي في بغداد بعد عزل السفير الامريكي الذي سبقه نيكروبونتي في فترة سريعة بعد توليه المنصب وبظروف غامضة . في كتاب مذكراته يروي أهم محطات حياته السياسية في العاصمة بغداد في ظل الاحتلال الامريكي والتوسع الإيراني عبر دعم الميلشيات الشيعية ودفعها بأتجاه النحر الطائفي بين طوائف شعب العراق ، وفي الوقت الذي كانت تدعم الميليشيات الشيعية أيضاً تدعم أطراف سنية وقادة في تنظيمات القاعدة والتي تحولت فيما بعد الى تنظيم داعش الارهابي . وحسب المصادر التي سربت لاحقاً أن في عشية أحتلال العراق وفي وسط التحشيد الكبير والألهة الإعلامية المزعومة في الدعاية والكذب عبر قافلة من العملاء وبائعي الضمير ، كان هناك قواعد عسكرية ولوجستية لتنظيمات القاعدة على الحدود الإيرانية العراقية خلف قرى ( بيارا وطويلة ) في قاطع حلبجة وبأشراف إيراني تحضيراً لتدمير العراق أذا وقع الأحتلال وسقطت الدولة .
وقد تعرضت أبان الاحتلال تلك الثكنات والقواعد العسكرية الى قصف مدمر من قبل الامريكان ولم ينجى منهم الا عدداً قليلاً من ذلك القصف وكان من بينهم الزرقاوي ، والذي زج فيما بعد الى داخل العراق بمساعدة إيرانية .
في تلك المذكرات سأتوقف عند مفصلين مهمين عبر شاهدها وراويها هو زلماي خليل زاده في كتابه المضطرب .
دعم وتأسيس الميليشيات ؟.
تفجير القبة الذهبية للإمامين الشيعيين علي الهادي وأبنه حسن العسكري ؟.
كانت أمريكيا على دراية تامة وبأتفاق ضمني مع التوغل الإيراني في تدمير العراق عبر إذكاء الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب العراقي من خلال تأسيس الميليشيات الطائفية وتأليبها على بعضها في شراء ضمائرها في التنافس على الطاعة والعمالة ضد مصلحة الوطن العليا . يروي زاده في كتابه عندما وصلت بغداد وباشرت بعملي في ظل وضع سياسي متشابك فليس سهلاً لي في البداية من أفاق نجاح قريبة بأتجاه تهدئة الوضع العام من خلال تقريب وجهات النظر بين أطراف سياسية متناقضة ومتعددة تحمل ثاراً على مخلفات الماضي بل المضي على أجتثاثه ولا يخلو من أصطفافات طائفية واضحة للعيان بأي لحظة تنفجر ، ومن خلال فريق عملي تصلني أخبار يومية شبة دقيقة عن أمتداد إيراني واسع من خلال ميليشيات عراقية ، كانت أغلبها في البداية تعتمد على العراقيين الذين كانوا عايشين في إيران ممن قذفتهم محن الحروب وأساليب القمع والاضطهاد ومن هاربي الحرب والأسرى ( التوابين ) ، ومنتميه الاحزاب الاسلامية وأولاد العوائل المهجرة بتهمة التبعية الإيرانية ، والتي أطلق عليها صدام حسين بعد سنوات نادماً أنها فوران دم ، لكنها تعد خطوة غبية وبعيدة عن أي أبعاد سياسية وقيم أنسانية .
وفي أشارة واضحة في كتابه عن الصمت والموقف المتفرج تجاه تطورات الاحداث . يذكر في كتابه وصلتنا معلومة عن وجود شخص إيراني يتحرك بريبة من خلال منظومة علاقات واسعة ومتشابكة ، ويكمل بعد أن حصرنا وجوده وتم تشخيصه بدقة في بيت عمار الحكيم قررنا إعتقاله ، لكن الرئيس الامريكي بوش الأبن رفض ذلك لتداعيات قد أجهلناه في حينها ، وتبين فيما بعد أنه قاسم سليماني ، ويربط وجوده وتحركه فيقول وبعد فترة زمنية قامت تلك الميلشيات بتفجير القبة الذهبية للإمامين الشيعيين علي الهادي وأبنه حسن العسكري في مدينة سامراء وفي أشاره واضحة في سطور كتابه يوجه التهمة الى الميليشيات الشيعية بالتنسيق مع الوجود الإيراني وعلى رأسهم المرحوم قاسم سليماني .
بعد هذا العمل الارهابي تعرض العراق بكل طوائفه الى فتنة طائفية داخلية أدت الى القتل على الهوية والطائفة أجتاحت مساحة العراق من الشمال الى الجنوب في تكديس الجثث على جوانب الشوارع والطرقات ولولا يقظة الخيرين من العراقيين وحرسهم الوطني لوقعت الحرب الاهلية وحرقت اليابس والاخضر ومع بوادر تلك اليقظة الحذرة مازال العراقيين يعانون من أثارها المدمرة في تحطيم نسيجهم الاجتماعي . يذكر زاده في كتابه حول تفجير القبة الذهبية بأعتراف صريح وخطير من نوري المالكي نحن من فجرنا القبة الذهبية في مدينة سامراء بلقاء جمعه معه وبحضور آخرين ؟. كما يروي في كتابه .
إيران كانت تريد من خلال أذكاء الفتنة الطائفية تحجيم دور السنة وأبعادهم عن المشاركة في العملية السياسية ومن خلال تلك السياسة أرادت أن تضرب عصفورين بحجر واحد ، وهي رسالة ضمنية الى الميليشيات الشيعية أنه بدون الدعم الإيراني سوف تتعرضون الى التهميش والإقصاء . يذكر زاده في كتابه حول مام جلال والتأثير الإيراني على الوضع العام في العراق بأعتباره أول رئيس جمهورية للعراق بعد سقوط النظام . أن يذهب مام جلال وهو رئيس دولة العراق للقاء سراً على الحدود الإيرانية مع قاسم سليماني ، وحسب أدعاء زاده عندما واجهناه بالواقعة . قال مام جلال متعذراً بهاجس خوف سليماني من محاولة أعتقاله من قبل الأمريكان أذا دخل الى العاصمة بغداد بشكل علني .
وعندما كان المحتلين الامريكان يدعون الى الوحدة الوطنية العراقية حسب أدعائه وهذه كذبة فاقعة لأنهم هم من دمر البلاد وحولوه الى كانتونات وميليشيات وطوائف والتي تتعارض مع دعوتهم حول الوحدة الوطنية ، ومن خلال منح ضمانات للسنة المعتدلين في المشاركة في الحكومة الجديدة ومحاولة طمأنة الشيعة بسيادة القانون بعيداً عن التأثيرات الإيرانية الذي بات وضعهم مرتبط بالوجود والدعم الإيراني .
في كتابه هذا يكشف زاده مواقف ومعطيات مثيرة حول الخطط الإيرانية المبكرة للسيطرة على العراق من خلال الاحزاب الشيعية العراقية الموالية لايران . ويعبر زاده في كتابه عن خوفه وقلقه من تنامي حجم النفوذ الإيراني وتمدده بين المدن العراقية ذات الكثافة السكانية المكتظة من طائفة الشيعة وأستغلالها طائفياً من إيران . ويؤكد زاده في كتابه عن صحة بعض التقارير القاطعة أن النوع الأشد فتكاً من وسائل التفجير المرتجلة والتي كانت توضع على جوانب الطرق المسماة قذائف معدة للتفجير EFPS) كانت تصنع في إيران .
حول الدور السوري في العراق يشير زاده في كتابه ضلوع السوريين في دعم العمليات والتفجيرات لزعزعة الاستقرار في العراق بتقديم الدعم للجماعات المتطرفة ( السنية ) وضباط الجيش العراقي السابق الذين همشوا على أسس طائفية من خلال المواقف من العملية السياسية وأعضاء حزب البعث السابقين . ويدعي ويفسر هذا الموقف السوري من العملية السياسية في العراق لاحباط مشروع أمريكيا الديمقراطي في العراق .. عن أي ديمقراطية تتحدث أنت وحكومتك ؟. وبعد مضي تلك الأعوام من التدمير عبر شل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني وتهميش كل المحاولات الجادة بأتجاه بناء العراق وتفتيت وحدته الوطنية . وهل تلك الدروس والوقائع لاتشكل حوافز لابناء شعبنا باتجاه الحذر من تلك الألاعيب والتي ترمي في تدمير العراق . ومن علائم الفشل بالأخذ من تلك الدروس والتجارب والماضي موت الرياضي العراقي أحمد راضي في مستشفى النعمان ببغداد متأثراً بفيروس كورونه والسجال الطائفي العقيم حوله بعيداً عن اللياقه والحرص والحب .