18 ديسمبر، 2024 10:12 م

مع خضير طاهر في دعوته للديكتاتورية الإيجابية 2/2

مع خضير طاهر في دعوته للديكتاتورية الإيجابية 2/2

والآن مع مقالة السيد خضير طاهر، والتي سأعلق عليها بعد سردها.

الأسباب الواقعية التي تجعل العراق بحاجة لإنقاذه بانقلاب عسكري

خضير طاهر:

في العراق الآن لا يوجد مشروع سياسي وطني لإنقاذه، وأيضا لا توجد نخب سياسية وطنية شريفة فاعلة في الميدان، والحقيقة التي ظهرت في الدول العربية بعد تحرير العراق من نظام صدام حسين، واندلاع ثورات الربيع العربي، ظهر ان الأفكار العقلانية المنطقية المفيدة ليست بالضرورة تناسب شعوب المنطقة العربية المتخلفة التي تتصرف بالضد من المنطق وعكس مصالحها، بل أكثر من هذا إن تخلف هذه الشعوب ليس له علاقة بالتعليم والثقافة كما سنوضح لاحقا.

وتوجد عدة نقاط تشكل عقبات حقيقية أمام طروحات: المواطنة، والديمقراطية، والحريات العامة، وتجعل من خيار الانقلاب العسكري خيارا واقعيا للحفاظ على ما تبقى من البلد، ومن هذه العقبات التي تقف بوجه الديمقراطية والمواطنة:

1. العراقيون وشعوب المنطقة ككل، غير ناجحين في العمل الجماعي، إذ إن أي تجمع على مستوى نقابة أو حزب أو إدارة مسجد أو فريق كرة قدم، بل حتى إدارة مقهى من قبل اثنين من الشركاء، نجد سرعان ما تنشب الخلافات والصراعات والانشقاقات فيما بينهم، فالفشل في النشاط الجماعي مشكلة مزمنة وبعض أسبابها يعود إلى: غياب الثبات العاطفي والفكري، وعدم وجود نكران الذات والشعور بالمسؤولية نحو الجماعة، وضعف النضج الاجتماعي بالمعنى التفاعلي.

2. إن مفهوم المواطنة غائب تماما عن وعي الناس في العراق، حيث مشاعر وعقول أبناء المجتمع مكدسة بالانتماءات العائلية والمناطقية والعشائرية والمذهبية والقومية، وأكثر من هذا حتى على مستوى محلة السكن والزقاق الناس تتباهى وتتفاخر وتمارس السلوك العنصري ضد بعضها البعض، وبالتالي لا توجد أرضية لنمو طروحات المواطنة، وإن كان البعض يرددون أمنيات «نريد وطن» فهي لا تعدو عن كونها مجرد ألفاظ بلا مضمون في بلد ممزق في كل الإتجاهات، ومن سقط شهيدا من المتظاهرين الشجعان البواسل وهو يردد شعار: «نريد وطن» علينا فرز وتمييز بين ما هو اندفاع في لحظة حماس عاطفي وبين ما هو إيمان حقيقي بمفهوم الوطن والمواطنة.

3. إن طبيعة العلاقات في المجتمع العراقي تقوم على أساس تراتبي، الراعي والقطيع، والسيد والعبد، وتنعدم تماما فيها ثقافة المساواة والإيمان بهذا المبدأ الذي يعد أحد أركان الديمقراطية، وبالتالي لا توجد أرضية حقيقية للديمقراطية من حيث البنية النفسية والعقلية والإيمان الحقيقي بهذه الوسيلة لتبادل السلطة بشكل سلمي.

4. المراهنة على الزمن والتعليم والثقافة في المساهمة لإنجاح طروحات: الديمقراطية وغيرها، للأسف مراهنة خاسرة بدليل الجالية العراقية ومعها العربية التي تعيش في دول أوربا وأميركا وكندا وأستراليا، حيث حصل أبناء هذه الجاليات على أفضل فرص التعليم والثقافة وعاشوا في قلب الحضارة، لكنهم مع هذا ظلوا على تخلفهم الشديد في عدم احترامهم للقوانين ومفاهيم الديمقراطية والحريات العامة، وكذلك ظلوا بعيدين عن التفكير والسلوك العقلاني الحضاري، بل تجدهم يتفننون في أساليب الاحتيال على القوانين والبنوك ودوائر الرعاية الاجتماعية، مما يعني أن الفروق الفردية والجماعية بين البشر تضع الشعوب الشرقية في حالة نفسية وعقلية غير قابلة للتطور والرقي الفكري والإنساني، حتى لو قدمت لها أفضل فرص التعليم والثقافة، فكيف الحال بأبناء هذه الشعوب التي تعيش داخل مجتمعاتها، وكل يوم تتغذى من مستنقع التخلف والهمجية؟

لذا أرى شخصيا، إن من باب الرحمة بالعراق وشعبه «لا يصح فیه إلا الخطأ وليس الصحيح»، والخطأ الإيجابي المطلوب هو قيام انقلاب عسكري بإشراف أميركي، ويتم بموجبه التعامل بحزم وصرامة مع الشعب لضبط فوضويته وعشوائيته، وحمايته من الاستمرار في عملية التدمير الذاتي، ولدينا تجارب ناجحة في مصر بعد أن عمت فيها الفوضى والاضطرابات بسبب الديمقراطية التي مكنت القوى الظلامية الإسلامية من استلام السلطة، نجح انقلاب الجنرال السيسي في القضاء على الفوضى وطرد الإسلاميين وإعادة هيبة الدولة، ونفس الأمر مع دول الخليج العربي التي فيها نظم سياسية دكتاتورية، لكنها حققت الأمان والاستقرار والرفاهية للمواطنين بدرجة أفضل من جميع النظم التي تدعي الديمقراطية في العالم العربي بفضل الرعاية الأميركية، وعليه فإنه ليس دائما الدكتاتورية فكرة سلبية، بل إن (الدكتاتورية الإيجابية) ضرورة وطنية للشعوب العربية.

انتهت مقالة السيد خضير طاهر، والآن أتناول أهم ما ذكر فيها:

لا أتصور حتى مع صواب ما ذهب إليه بنسبة يعتد بها، أن من الصحيح إطلاق حكم وتعميمه، بنفي وجود قوى سياسية وطنية وشريفة في العراق، ولا بتعميم ظاهرة التخلف على شعب بكامله، أو على مجموعة شعوب، حتى لو سلمنا بأن التخلف يمثل ظاهرة واسعة، وهنا لا بد من التذكير بأن شعوب أورپا وأمريكا مرت بتخلف وتعصب وتطرف، أشد مما تعاني منه شعوبنا بكثير، وذلك ليس لسنين ولا لعقود بل لقرون.

مع صحة مع ذكر من مظاهر سلبية في مجتمعنا، فإن هناك الكثير من الظواهر المشرقة، حيث نجد تحولا واضحا بنبذ الطائفية، وكل المؤشرات تدل على أن الطائفية في العراق تسير نحو نهايتها، سواء في محافظات الوسط والجنوب أو في المحافظات المحررة، وإن كانت بعض القوى ما زالت تحاول تأجيج الطائفية في المناطق المحررة، من خلال قمع وإذلال من ميليشيات إسلامية طائفية ولائية، لكن هذه القوى اقتربت نهايتها هي الأخرى.

ليس من الصحيح تعميم ما أسماها بتراتبية العلاقات القائمة على علاقات الراعي والقطيع، أو السيد والعبد في المجتمع العراقي.

ثم الكلام عن الجاليات العراقية والعربية في أورپا وأمريكا والممارسات التي ذكرها، هي الأخرى ليست ظاهرة عامة، فشخصيا أعرف نماذج أخرى مختلفة من تلك الجاليات، وإن كانت الأكثرية، صحيح، لم تندمج في مجتمعات المهجر، ونقلت ثقافتها المتخلفة إلى تلك البلدان، وعزلت نفسها عن المجتمعات التي تعيش وسطها، لكن النماذج الأخرى الإيجابية لها أيضا وجودها الواسع.

ثم لنتناول بسرعة وبإيجاز مشروع الصديق خضير طاهر للإنقاذ، الذي لخصه بانقلاب عسكري بدعم أمريكي ثم إقامة ديكتاتورية إيجابية. وسيكون تناولي لهذه الفكرة على شكل أسئلة:

1. هل تملك ضمانات لنجاح هذه المجازفة؟

2. بالنسبة للانقلاب العسكري، هل نسينا ما آلت إليه الانقلابات العسكرية في الخمسينات والستينات في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا؟

3. ألم يكن الرابع عشر من تموز قد فتح الباب للانقلابين البعثيين في شباط 1963 ثم في تموز 1968؟

4. هل أصبح هدفنا الاستقرار ولو بذل، ذلك في ظل ديكتاتورية تسلبنا حريتنا وأمننا وكرامتنا؟

5. هل تضمن لي (ديكتاتورا إيجابيا) – كما تسميه – للعراق، لا يتحول من ديكتاتور ناعم، إلى ديكتاتور خشن، متعسف وقامع للحريات؟

6. هل تملك ضمانات بأن هذا لن يرجعنا عقودا إلى الوراء، في سيرنا نحو الديمقراطية، حتى لو افترضنا إننا الآن ما زلنا بحاجة إلى عقود، فتضاف إليها عقود أخرى، بإدارة عجلة التطور إلى الوراء، باختيار الخيار الديكتاتوري؟

7. هل تضمن إن الولايات المتحدة لن ترتكب مرة أخرى فينا كحقل للتجارب خطأ فظيعا باختيارها أسوأ البدائل لقيادة مرحلة الديكتاورية الإيجابية الناعمة؟

وأكتفي بطرح هذه الأسئلة.