اكتب هذا المقال لمناسبتين الاولى تسلم فؤاد حسين الكردي حقيبة وزارة الخارجية العراقية والثانية مقتل الامريكي جورج فلويد. من المنطقي ان يكون السؤال عن الجدوى من ربط هاتان القضيتان المختلفتان جذريا. العلاقة تكمن في معنى القانون العنصرية البشري المتجذر في طبيعة الانسان.
فالعنصرية لا تقوم على لون البشرة فقط بل تمتد الى العنصرية القومية والدينية والمذهبية بل حتى الجغرافية وغيرها. لنبدأ ، في عام 2006 اصبح هوشيار زيباري السياسي الكردي وزيرا للخارجية العراقية في حكومة نوري المالكي الاولى، وفي تلك السنة بالتحديد افتتح معهد الخدمة الخارجية ابواب التقديم للقبول و تأهيل المقبولين للبعثات الدبلوماسية .وكأي شاب في العالم لديه طوح وظيفي جمعت اوراقي الاصولية و عزمت التقديم على هذه الوظيفة الممتازة ، كنت امتلك جميع الشروط الواجب توفرها في المتقدم من شهادة جامعية وعمر مسموح ولغة جيدة وغيرها، وزيادة على ذلك قام احد اخوتي بتوصية شخص لديه صديق يعمل في حماية الوزير الموقر والتوصية تأتي لأجل حسم الموضوع حتى لا يبقى هنالك مجال للشك في عدم القبول، خصوصا وانت في بلد لا يعترف بالكفاءة بقدر ما يكون لديك توصية بشرية ولا شيء ثابت فيه ابدا. كان ثقل الايام التي تفصل بين تسليمي للملف الخاص و اعلان الاسماء كبير ومرهق ، كانتظار غودو عند صاموئيل بيكيت فالساعات بطيئة والاحلام كبيرة والقلق هو الفيصل بين تحقيق وجودك او التلاشي في العدم. عندما نشرت اسماء المقبولين في معهد الخدمة الخارجية لم اجد اسمي في القوائم!! خيبة امل كبيرة وشعور مميت ينتاب كل من مر في هذه اللحظة الفارقة . ذهبت ومعي اخي و صديقه الى الشخص الموصى وهو موظف كردي يعمل في حماية الوزارة وبينا له ما جرى وكيف ان اسمي لم يرد في قوائم المقبولين رغم توفر كل الشروط المعلن عنها في هذا المعهد !! اثناء تجوالنا داخل اروقة الوزارة ابلغنا بابتسامة عريضة وبلادة منقطعة النظير ان الرفض جاء لأنني انتمي الى القومية العربية!! قالها بضحكة تافهة وكأنه يتكلم عن نكته عابره . لم يعلم هو وهوشيار زيباري وامثالهم الكثر في الحكومات العراقية المتعاقبة الى يومنا هذا ان هذا الرفض ربما ينهي مستقبل انسان في مقتبل العمر يحاول تحقيق جزء من احلامه واحلام عائلته. انتهى الامر وقُبل من قُبل ممن لديه مؤهل قومي او علاقة براس كبير من رؤوس الاحزاب الحاكمة ورجعنا خائبين نندب حظنا العاثر وهكذا سقطت لويزا كما قيل.. واليوم بعد اربعة عشر عاما يقينا ستتكرر نفس المأساة مع شاب طوح اخر من شباب العراق المنهكين . فلسوء الحظ قد اصبح فؤاد حسين وزيرا للخارجية في حكومة مصطفى الكاظمي ذلك الكردي القومجي الذي يدعوا لانفصال الكورد من العراق ( انا لست ضد الانفصال وحق تقرير المصير فهذا حقهم المشروع كشعب لكن ان يصبح وزيرا في حكومة عراقية فهذه جريمة عظيمة) فماذا ننتظر من شخص لا يؤمن بوطن وشعب واحد؟ هل سيعمل بروح وطنية؟ هل سيتجرد من العنصرية ،ويفهم العمل الكبير الذي تقوم به اي وزارة خارجية في العالم؟ اعتقد ان مسيرته ستكون كمسيرة خلفه هوشيار زيباري ليس له هم سوى الاستحواذ على المال العام والغنائم واعطاء الوظائف لكل قومجي وطائفي حقير. وبعد، فهل للعنصرية وجه واحد؟